نفد الحطب!
عبدالله الشيدي
25/12/2018م
وفي شتاءٍ انتفضَ الأسدُ من شدة البردِ وما كان قد أحتطب، فأمر حرّاسهُ الأوفياء بجمع ما أمكن من الألواح والخشب، فسارت القوافل ورجعت بالمأرب، وأشعلت النيران وبها الملكُ أُعجب، فداخلته أفكارٌ للتطوير فناصرها وما جمع لها ولا طرح ولا حسب!
أيُها الوزيرُ أضرم ليَ النيرانَ ليلاً فلا نرى في شتائنا هذا نَصَب، وأترك السبيلَ رهواً لمن أراد لنا شُكوراً أو لقيَ منّا تعب، لنجعلها لنا آيةً في السمو وتكونُ في زماننا هذا عجب!
الوزيرُ في جمعٍ فاسدٍ: ما السبيلُ لخلاصنا وكلُ الغابِ قد أكتوى بنارِنا أو مسّه من لظانا لهب؟! مرّت الأعوامُ سراعاً وها هو الملكُ يريدُ شَعبَهُ ويطلُب!
الثعلبُ (وقد علت مُحيّاهُ بسمةٌ نكراء): يا أيها الوزيرُ المبجّلُ قدرُهُ لن تخذُلَ الأيامُ مَن برى لها عقلَهُ ونصّب!
الوزيرُ: هاتِ يا ماكرُ، فوالله لقد علمتُ أن خلاصنا بيدك يا ثعلب!
الثعلبُ: هي بضعُ كلماتٍ ندُسّها في فرمانِ الملكِ ونكتُب، نصنعُ للملكِ بها ناره، ونزيدُ بها لظى سعيرنا على هذا الغابُ الخَرِب، ونقولُ للشعبِ الأخرقِ بأن الملك أمرَ بكم لتأتوه بكلِّ ما لديكم من خشب، وأرادكم أن تُسمعوه صنوفاً من الفنونِ والطرب.
الوزيرُ: أيُها الماكرُ الفَذّ قد درأت عن رقابنا المقاصلَ والتعب، كذا تبقى نارُ الملكِ مستعرةٌ، وجرابُنا يهوي إليها المالُ من كلِّ صوبٍ وحدب، يدفعُ الملكُ فواتيرَ ناره، ويدفعُ ضريبة غبائه الشعب.
ألتفَّ الكُلُّ حول مليكه، وبدأوا بالدف والطبل، فالغناء والطرب، سُرَّ الملكُ، وفاز الجمعُ الفاسدُ، وماتَ الشعبُ، ونفِدَ الحطب!!!