https://up.h2adi.com/do.php?imgf=171586452030431.jpeg

قائمة المستخدمين المشار إليهم

صفحة 11 من 13 الأولىالأولى ... 910111213 الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 110 من 122

الموضوع: النتاج الفكر ي للكاتب والشاعر/ سعيد مصبح الغافري في الشعر والخواطر والقصص

  1. #101
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    اِحــمِــلْ إِيْمـانَـكَ واتْـبَـعـني 1/2/2019

    اِحــمِــلْ إِيْمـانَـكَ واتْـبَـعـني



    .... وبَـدَاَ في قِـمَّـةِ مُـؤْتَـمَـرٍ
    وَجْـهٌ مِن نَـسْـلِ أَبِـي لَـهَـبِ

    بـالمِـنـْـبَـرِ يَصـعَـدُ ، في يَـدِهِ
    سَـيـْـفٌ بَـتـَّـارٌ مِن قَـصَـبِ

    ويَـعُـوُدُ بُـعَـيـدَ جَـعاجِـعِـهِ
    دِيِـكـاً مَـنـفُـوُخـاً بـالـعَـجَـبِ

    " فـي البـحـرِ سَـنَـرمِي المُـحـتَـلُّ "
    كَـذِّبْ مـا تَـسْـمَـعُ مِن صَـخَـبِ !!

    مـا ضَـيَّـعَ شَـعـبٌ أوْ وَطَــنٌ
    إِلاَّ الـرنـَّـانَ مِنَ الخُـطَـبِ

    فـابْـصِـرْ بـالبَـحـرِ فَضِـيـحَـتِـنـا
    صُـبْـحـاً عَـرَّاهـا وَجْـهُ صَـبِـيْ (1)



    لا نَـصـرٌ يُـرجـىَ مِن بَـغْــلٍ
    مِـثْـلُ الحَـمَّـالَـةِ بـالحَـطَـبِ

    أَهْـدُوُنـا سَــلامـاً مِن وَهْــمٍ
    كالطِّـفْـلِ يُـهَـدَّأُ بـاللُـعَــبِ

    فَصَـحَـوْنـا شَـعـبـاً مَـنْـفِـيـًّـا
    يَـبـحَـثُ عـن بَـيْـتٍ مُسْـتَـلـَـبِ

    ومَضَـيْـنـا خِــيـَـمـاً لاجِـئـَـةً
    تُـصـفَـعُ بـالـبَـرْدِ وبـالـتَّـعَـبِ

    تَـسْـتَـجـدِي رَغِـيِـفـاً مِن أُمَـمٍ
    وا ذُلَّ النَّـفْـسُ بِـذا الطَـلـَـبِ

    مَنْ يُـرجِــعُ أرضـاً لا تُـنـسـىَ ؟!
    مِنْ أَقْـصـىَ عَـكَّـا إِلىَ الـنَّـقَـبِ

    مَنْ يُـرجِــعُ .... ؟! آهٍ . يـا يـافـا
    عن بـالـِـي يَـوْمـاً لـَـمْ تَـغِــبِ !!

    والأَقـصـىَ الغـالِـي . مَنْ ذا لَـهُ ؟!
    وا حَــرُّ الشَّــوْقُ بِـقـلـبِ أبِـي !!

    قُـلـنـا سَـنَـعـودُ . ومـا عُـدنـا
    مُـتْـنـا بـالمَـنْـفـىَ والحُـقَــبِ

    دَعْ سِـلـْمَ الذُّلِّ ومـا رَسَـمُوا
    مِن دَرْبٍ . مِن حُـلـُـمٍ كَـذِبِ

    لـَنْ يَـرجَـعَ حَــقٌّ مُـنْـتَـهَـبٌ
    إِلاَّ بِـسِــلاحٍ مِن غَـضَــبِ

    إِلاَّ بِـيَـقِـيِـنٍ شَــعَّ لـَـظَـىَ
    يَـرجُـمُ ذا البـاطِـلُ بـالشُّــهُـبِ

    لـلـقُـدسِ طَـرِيِـقٌ أَعـرِفُـهـا
    مَـسْـرىً قد سـارَ بـألـْـفِ نَـبِـي

    فاحــمِــلْ إِيْمـانَـكَ واتْـبَـعـني
    راهِــنْ بِـرَصَـاصَـكَ يـا عَـرَبـي !!
    شِـعـر / سعيد مصبح الغافري

    بحر المتدارك / الخبب
    فعلن / فعلن / فعلن / فعلن

    (1) في إشارة إلى الطفل السوري الغريق إيلان .
    _____________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



    •   Alt 

       

  2. #102
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    بـــــــــــــــــــــــــــــلادي 24/2/2019

    بِـلادي ..




    بِـلادي ..
    عـلى شـاطِـىءٍ كُـلُّ ما فِـيهِ أنتِ
    عـلى شاطِـئٍ مَسْـقَـطِـيِّ البُـواح
    والمـوْجِ والغـيـمِ والنـوْرَسـات
    نَـقَـشْـتُـكِ وَجْـهـاً بَـهِـيـًّـا . نَـدِيـًّـا
    كَـوَجْـهِ الصـبـاح
    فَمَـرَّ عـلـيكِ هُـنـا العـابِـرون
    وكُـلٌّ بِـقـلـبٍ مُحِـبٍّ رآكْ !!
    وكُـلٌّ هَـواكْ !!
    وكل بقربك
    يا أجمل الفاتنات استراح !!
    وكُـلٌّ تَـمَـنـاكِ عُـمْراً
    وكُـلٌّ رَجَـا لو بأرض يَـكُـوُنَـكْ !!
    ومِن بَـعْـدِ .. مِن بَـعْـدِ ..
    مَنْ ذا - بِـرَبِّـكِ - يَـمْـنَـعُ حَـرْفـي ؟!
    إِنْ هـامَ عِـشْـقـاً
    مـا بـينَ مـا لـيسَ يُحـصىَ وأنتِ
    مـا بـينَ هذي الأنـاقَـةُ فِـيكِ و ( مَسْـقَـط )
    مـا بـينَ هذا الشُّـرُوُقُ الشَّـفـيفُ ( بـعِـبْـرِي ) وخَـدُّكْ
    مـا بـينَ تِـبْـسـامِ وَرْدِ الجَـنُـوبِ وثُـغْـرُكْ
    ما بـينَ مـيَّـاسِ هذي النـخِـيلُ ( بِنَـزْوَىَ ) وقَـدُّكْ
    ما بـينَ ذاكَ الشُّـمُـوخُ المَـهِـيِـبُ
    بجبهة سمحان
    أو ( عَـينِ شَـمْـس )
    وبـينَ الجَـبـيـنِ الذي فـوْقَ جَـفْـنِـكْ
    ما بـينَ بحـر العَـرب
    وعَـيْـنُـكْ هذي العـمِـيـقَـةُ جِـدًّا
    ما بـينَ مَـدِّ الصَّـحـاريِ ( بِـهَـيْـمـا ) وعَـزْمِـكْ
    ما بـينَ .........
    ما بـينَ ......
    ما بـينَ ...
    ويَمْـتـدُّ .....
    يَمْـتـدُّ ...........
    ما بـينَ ما لـيسَ يُحـصـىَ وحُـسْـنُـكْ !!
    ومِن بَـعْـدِ .. مِن بَـعْـدِ ..
    مَن ذا - بِـرَبِّـكِ - يَـمْـنَـعُ رُوُحـي ؟!
    بـأنْ لا تعانق أحلى التفاصيل فيك
    وأنْ لا تُحِـبُّـكْ !!
    وأَنْ لا تَـظَـلَّ مَـدَىَ الـعُـمْـرِ قُـربُـكْ !!
    عُـمـانَ .. عُـمـانَ ..
    لِـمَـنْ يَـعـشـقُـونَـكْ ..
    عـلى عَـلـَنٍ أشـتـهِـيِـكِ صَـدَىَ
    يُـرَدِّدُ اسْـمُـكْ
    لـكي دُونَ سِـرٍّ هُـنـا يسْـمَـعُـونَـكْ
    وهُـمْ دُونَ رَيْـبٍ ..
    مِن أَزَلٍ يـا حَـبـيـبـةَ قـلـبي
    هُـمْ يسْـمَـعُـونَـكْ !!
    ومِن أَمَـدٍ ضـارِبٍ في اليقين
    هُـمْ يُـبْـصِـرُونَـكْ !!
    وهُـمْ عَـبْـرَ ما يـكـتـبُ الدهـرُ عـنـكِ
    هُـمْ يعرفونَـك !!
    كما الشمس أنت !!
    فأنى لهم يا ضياء الحقيقة
    أن يُـنـكرونَـكْ ؟!
    عُـمـانَ ..
    مِن أينَ أبدأ ؟!
    إذا عنكِ حَـدَّثْـتُ مَن لـيسَ يَـعـلـمْ !!
    بـأنـكِ حـتى نِـهـايـاتِ ذاكَ الجَـنُـوبِ امـتدادي !!
    وأنني أنـتِ ولـيسَ سُـواكِ
    أنني أنـتِ لأقـصىَ ( مُسَـنْـدَمْ ) !!
    لِـمَـن لـيسَ يَـعـلـمْ !!
    لِـمَـن - رُبَّـمـا - يَجْـهـلـُونَـكْ !!
    بِـلادي ..
    هُـنـا يـا بِـلادي . هُـنـا ..
    عـلىَ دفْـتـرٍ أَزْرَقٍ عـاشِـقٍ
    تَـنـامينَ أنـتِ يَـمـامَ سَــلامٍ
    وأبـقـىَ أنـَـا
    ما بَـينَ " عـينٍ " و " نُـوُنٍ "
    قَـلـبَ الـوَفـاء الذي يحـرُسُـكْ
    ويحـمي عُـيُـونَـكْ !!
    بِـلادي ..
    عـنِ الحُـبِّ لا تـسـألـيني
    فكُـلُّ الفَـوَاتِحُ أنـتِ
    ومِـسْـكُ الخَـوَاتِـمُ أنـتِ
    وكُـلُّ الكَـلامُ البديع المُـوَشـىَّ
    لـيسَ يُحَـلــِّـيِـهِ إِلا حُـضُـورِكْ
    ولا يَـزْهـىَ حـقـًّـا إِلا بِـلـَـوْنَـكْ
    بِـلادي . بِـلادي ..
    إِذا ما الـرِّفـاقُ رَأَوْنـي مَـعـَـكْ
    وكـانت يَـدِي في ضَـمِـيمِ يَـدِكْ
    وكُـنـتُ أَذُوُبُ مِنَ الـوَجْـدِ فِـيـكْ
    فقُـوُلـي لـهُـمْ : إِنَّ هذا حَـبـيـبي !!
    إِذا عـنـِّي يـومـاً أَتَـوا يَسْـألـُوُنَـكْ !!
    شِـعـر / سعيد مصبح الغافري

    _______________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  3. #103
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    لو بقينــــــــــــــــــا 11-02-2019

    لـوْ بـقـيـنـا !!



    .... وغبتي عني
    يا قريبه من عيوني ونبض قلبي
    ما توادعنا أبد !!
    رغم إنا بالبلد !!
    وبيننا حاره وطريق !!
    شفت طيفك بس مر
    شفت موتي
    وانت بتقصي التذاكر
    /////
    بعدما روَّحتي عني
    وش يفيد هذي الصحاري ؟!
    لو عليها مر مني
    بعض من غيم ومطر
    وبعض روح
    وبعض من نبض (ن) جديد ؟!
    وش يفيد هذا المسا ؟!
    لو أضـوِّيـه بشموع
    واسكبه عطر ولحون
    واكتبه شعر وخواطر
    كل هذا وش يفيد ؟!
    وش تفيد حتى الحسافه
    بعدما شفت بخطاك
    هاربه كل المسافه
    وشفت في صمتك نهايه
    وشفت بعيونك رحيل
    يستحث الوقت يمضي
    ما بوده يظل ناطر
    في شتا ليل الرحيل
    بين برد وبين ريح
    وبين برق وبين رعد وجو ماطر
    & & &
    ..... وغبتي عني
    وآه يا ذبح المشاعر
    وانت بتقصي التذاكر
    آه من لحظة عذابي
    يوم غبتي
    كنت أبي احضن يديك
    واتوادع مع عيونك
    مع شفاتك
    لو بكلمة
    لو ببسمه
    لو بورده أو بصمت
    في لقا كله دقيقه
    أو ثواني
    من عمر عمري وحياتي
    قبل لا عني تهاجر
    بس يخساره رحلتي
    ومن يردك ؟!
    يا طيور المستحيل !!
    من يردك ؟!
    يا وطن قلبي المسافر !!
    آه يا حلمي اللي راح
    ما بقى غير الألم
    وجرح ينزف ف الدفاتر
    # s #



    صدقيني ..
    لو بقينا ..
    لو عطينا القلب فرصه ..
    كان ممكن بيننا يولد غرام
    وشوق وأحلام وهيام
    وكان ممكن يحكي عنا
    ألف راوي وألف شاعر
    لو بقينا !!
    و ( لو ) بتنعي موت حلم
    ( لو ) بتبكي حظ عاثر
    ( لو ) تحاول جبر شي
    وصعب والله جبر شي
    لا انكسر خاطر وخاطر !!
    شعر / سعيد مصبح الغافري _____________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  4. #104
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    عـشــتُ مُـنـاضِـلاً 27/2/2019

    عـشــتُ مُـنـاضِـلاً

    كان البطل الشهيد والقائد العربي العظيم صدام حسين آخر سيف عربي صقيل ومهيب تـفـيـأت تحت ظله عروبتنا ، واحتمت ببرقه كرامتنا ، وتطلعت مشرئبة عبر شعاع مداه أحلامنا وتطلعاتنا ، وما نريد أن نحقق أو نكون !!
    صدام حسين .. يا أجمل ما أنجب رحم العراق للعراق وللعرب !!
    صدام حسين .. هذا الرمح العربي الأصيل الذي ظل يطعن العدو مرارا وتكرارا في خاصرته وصدره !!
    صدام حسين .. هذا الواقف بشموخ ثابت على أرض المعركة والمصير !!
    هذا الصقر العربي المجنح الذي حلق عاليا غير هـيًّـاب من أحد !!
    كيف لي أن لا أحبه كل هذا الحب ؟! وأن لا أهرق فيه محبرة محبتي واعتزازي وفخري ؟! وأنا الذي بحياتي لم أمدح حاكما ولم أتـزلـف أو أركـع أمام أي جـزمة أو أي نظام ، وما فعلتها ولـن أفعلها ما عشت إن شاء الله لا في نثري ولا شعري ولا فيما أكتب أو أتخيل أو أنطق .
    كان صدام حسين ظاهرة قومية جاد بها الزمان في ظرف دقيق عاصف كنا فيه ومازلنا نبحث عن قائد . عن مهدي منتظر . عن رجل حقيقي بحجم معجزة أو أسطورة .. يأتي ليلم شمل قطيعنا المبعثر ، ويقودنا تحت رايته ولوائه ونحن مرفوعي الرؤوس ، وواثقين من الخطوة والطريق وما بعدهما .
    وقد استغرب أحدهم من موقفي الصارم والثابت ثبات الصخر والجبال من مسألة التحامي والتصاقي بلحم المجموع لا الفرد . بالقضية لا بالعروش . بالعروبة في كليتها الجغرافية الشاملة ، لا بالمزاريب والحظائر المقسمة التي أقامها وأوجدها الاستعمار في شكل دويلات بمسميات عدة ، وأعلام بألوان وأشكال مختلفة وبأناشيد ( وطنية ) تختلف أنغامها وكلماتها وطولها وقصرها من بلد إلى آخر بحسب " ما يطلبه المستمعون " ومزاجهم في هذا البلد . ناهيك عن الأنظمة والعملات والتيارات الحزبية والأفكار الأيديولوجية المتنافرة ... إلى آخر أشكال التجزيء وصور التفتيت والانقسام التي صنعها وأوجدها الإستعمار لنبقى هكذا أمة مهيضة الجنحان . لا شيء يجمعها ويوحدها ويؤطر من نسيجها الوحدوي ويجعلها ذات قوة وهيبة ومكانة بين الأمم ..
    ومع ذلك لم أزدد رغم هذه الحالة القاتمة إلا التصاقا بالوطن الشمولي الواحد الممتد من الخليج إلى المحيط .. أعرف .. كلامي هذا سيضحك الكثيرين ، وسيقول قائل : ما زلت على نغمة الوحدوية القديمة التي أطلقها القوميون العرب وتوسعت أكثر في درجتها الصوتية مع بزوغ نجم جمال عبدالناصر والمد القومي العروبي الذي تم بقيادته . ما زلت أيها العروبي البائس تحلم بما ليس بالإمكان .
    وما الضير أن لا أحلم ؟! وأنا العربي البسيط الذي سرقوا ونهبوا منه كل شيء حتى أبسط أحلامه كإنسان قبل أن يكون عربيا أو مسلما أو مسيحيا أو ما شئت له من النعوت ..
    الحلم هو آخر طيف يمكن أن اتمسك به كعربي نهبت كل حقوقه ، وما يمت له بصلة من أمس وحاضر وغد ، وسلبت كل آماله ، وأجهصت غالب أحلامه حتى لم يعد ما يمسك به إلا خيط دخان وغبار .
    وفي صدام حسين رأيت أجمل أحلامي العروبية . أنا التشريني الميلاد .. في صدام حسين رأيت الطريق واضحا إلى القدس .. إلى فلسطين .. إلى كل شبر عربي مغتصب .. بعدما ضربت عصا الإرادة بحر اليأس وفتحت فيه طريقا لعبور الفجر والغضب الساطع الزاحف بملايين الأحرار .
    كان صدام حسين التجسيد الأروع لكل ما أتمناه وأتطلع إليه كعربي قومي بعروبة نقية وخالصة ومتعصبة لكل مفردات وجودها حتى النخاع .
    وإن كانت من بداية لهذا النضال ففي جمال عبدالناصر رأيت بداية الطريق ، وفي صدام من بعده أبصرت التكملة .. التكملة التي لولا الخيانات وغـدر المقربين لكانت وصلت بنا وأوصلتنا كأمة إلى أقصى حدود آمالنا الكبرى . لكن .. وآ أسفاه . ضاع كل شيء !!
    أذكر يوم صـرّح رحمه الله وطلب من دمشق وبيروت فتح الحدود لعبور جنوده : أعطوني حدودكم لأسبوع واحد وسأحرر كل فلسطين . يومها كنت أسعد مخلوق تمنى هذه اللحظة الغالية . أخيرا سنحارب . أخيرا سنذهب إلى القدس وسنصلي مع الرفاق في الأقصى الشريف . أخيرا ستخفق راية النصر في يافا وحيفا والخليل ورام الله وبقية الأرض المقدسة . فالطريق إلى فلسطين والنضال مع إخوة الدم والسلاح والمصير شرف ما بعده شرف والاستشهاد في سبيل قضية واضحة وهدف واضح ومحدد ، غاية كبرى يتمناها كل مسلم ، عربي كان أم أعجمي .
    ولكن التخاذل الذي حصل بكل أسف من الأشقاء بدد الحلم ، فانكسرت الروح ، وانكفأت إلى أحزانها وهمومها وجراحها النازفة وهزائمها المتلاحقة ، التي ما فتأت تتكرر بسيناريوهات عدة ، ومخرجين جدد ، وجدوا الظروف مهيأة والأجواء مفتوحة والأرضية شاغرة لصنع لعبة جديدة وطبخة جديدة بالمنطقة وللمنطقة خصوصا وأن الكومبارس الغبي من الأنظمة الحالية الضعيفة المسخرة والخاضعة مثل حجر شطرنج لهوى ترامب ورفاقه ــ كل هذا يفي بالغرض المأمول منه ويمكن للقوى العالمية أن تقود به وتنفذ من خلال كبشانه وحميره العمياء مخططاتها لخلق شرق أوسط جديد يرضي العاهرة إسرائيل محظية أمريكا بالدرجة الأولى .
    كان لموت صدام أكبر الأثر والتأثير فينا كأمة . يوم أعدم بيد الخونة والأمة على صبيحة عيد أضحى ، كنت أبكي بصمت ، وأنشج بروح موجوعة لهذا المصاب والمصيبة . كنت أختنق بأنفاسه الطاهرة الزكية والحبل يلتف حول عنقه الكريمة . كنت أنا الذي يموت خنقا لا صدام . ويوم أعلنوا وفاته ؛ كنت أنا المتوفي لا هو . أنا بكل عروبتي وقضيتي وأحلامي وجيوشي وأوطاني وملايين الملايين من أمتي ــ نحن من متنا جميعا دفعة واحدة .. ومن يومها ذهب كل شيء مع الريح . وما زالت ريح السموم تسفي وتذري بكل شيء يمكن أن تطاله يدها . وها نحن على مشارف سايكس بيكو جديدة ، وبلفور مشؤوم جديد ، ونكبة جديدة ، وحزيران جديد ، أشد من حزيران النكسة الذي صفعنا به عام 1967 .
    فكيف تريدني أن لا أكتئب وأن لا ألبس أثواب الحداد السود كعربي مطعون في الظهر والقلب بخناجر الشقيق والعدو والداخل والخارج ؟! كيف تريد مني أن أعيش حياتي كما البهيمة ، لا مباليا بشيء ولا مهتما بشيء ؟! وأنا الذي عشت جـل عمري مناضلا بقلمي دون أن أتنازل عن قضيتي وثوابتي ، ودون أن أرضخ أو أقبل أن أبوس حذاء أحد أو أتقبل واقعا يفرض عليًّ فرضا ، شئت أم أبيت . إن الموت لـدي حينئذ لأعـز من هذا الذل ، وما بالسهولة يموت الأحرار الذين يمشي في عروقهم دم تشي جيفارا وجمال وصدام ولوثر كنج ودلال سعيد المغربي وجميلة بو حريد وعمر المختار وسواهم من الشرفاء الأحرار في العالم . وإن مت فأفضل وأكرم ميتة أتمناها حقا هي أن أموت بشرف وقلمي المناضل في يدي مرابطا على ثغور القضية حتى آخر لحظة للصمود .
    بقلمي / سعيد مصبح الغافري
    2019/02/25م
    _____________________


    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  5. #105
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    خُـلاصَـةُ الحَـضـارَة !! 15/4/2019

    خُـلاصَـةُ الحَـضـارَة !!



    مِن أيـنَ جـاءتْ فجـأةً ؟!
    ودُوُنَـمـا إِشــارَةْ !!

    وكَـيْـفَ هَـبَّـتْ عـاصِـفـاً ؟!
    بِـهـذِهِ الجَـسـارَةْ !!

    يـا طـلـَّـةً عَـصـريـةً
    أَتَـتْ كَـمَـا البِـشـارَةْ !!

    وكُـلُّـهـا طَــراوَةٌ
    أُنُـوثَــةٌ . حَــرارَةْ !!

    وكُـلُّـهـا مِـعـطِــيـرَةٌ
    وكُـلُّـهـا نَـضـارَةْ !!

    مِن عَـيـنِـهـا . مِن ثُـغْـرِهـا
    مِن تِـلـكُـمُ السَّـمـارَةْ

    مِن فِـكـرِهـا الـراقـي الـذي
    تَـشُـفُّـهُ العِــبـارَةْ

    إِذا مَـشَــتْ فـي حــارَةٍ
    تَــغــارُ كُـلُّ جــارَةْ !!

    أو قُـلـتُ : ( هـذي الأجـمَـلُ !! )
    فـذاكَ عـن جَــدارَةْ !!

    إِنِّـي أَرَىَ فـي حُـسْـنِـهـا
    خُــلاصَــةُ الحَــضـارَةْ !!
    شعر / سعيد مصبح الغافري
    _____________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  6. #106
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    يَـحـدث في غَــزَّةَ !! 20/3/2019

    يَـحـدث في غَــزَّةَ !!



    ألقي هذا النص في ذكرى الشهيدة العظيمة / دلال سعيد المغربي ..

    في غَــزَّةَ تُـخْـطَـفُ أقــمـارٌ
    بـالمَــوْتِ ولا أَحَــدٌ يَـقْـتـص !!

    فـالعـَـرَبُ بِـسَــكـْـرةِ حـاضِـرِهـا
    تـبـحـثُ عن لـَـهْـوٍ . عن مَــرقَـص !!

    عن لـيـلٍ دَسْــمٍ فـي قَـحـبـا
    لا أحــقَــرَ مِـنـهـا ولا أرخَــص !!

    في غَــزَّةَ يــرتـفِـعُ الشُّــهـَـدَاَ
    ووَضِــيِـعٌ نَــذْلٌ يَـحـضُــنُ لِــص !!

    في غَــزَّةَ يَـحـتَـجُّ الغَـضَــبُ
    وعَـمِـيِـلٌ جَـهْــراً يَـصــرَخُ : " أُص " !! #

    وجُـمُـوُعٌ فـي " حُــلـُـمٍ عَــرَبِـي "
    بـطَـنِـيِـنٍ زادَ ولـمْ يَـنـْـقُـص !!

    أَوَيَـكْـفي الأقْـصـَـىَ هُـنـا صَــوْتٌ ؟!
    يُـهْـدَىَ مِـن طَـبْـلٍ أوْ مِـن نَــص !!

    هُــبُّـوُا مِـلـْـيـاراً مِـن " فِـعْـلٍ "
    تَـقـتَـحِـمُ المَــوْتَ بِـكُـلِّ الـحِـرص !!
    شعر / سعيد مصبح الغافري

    # أُص : كلمة عامية شائعة بمعنى : إخرس .
    _______________________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  7. #107
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    على باب مصــــــــــر 20/5/2019

    على بـابِ مِصـر ..




    نـادتـكِ روحـيَ والقـرطـاسُ والقـلـمُ
    يـا مِصـرُ أيْـنَـكِ ؟! ما للصـوتِ مُنْـكَـتِـمُ ؟!

    يـا مِصـرُ أيْـنَـكِ ؟! وَقْـتَ الجُـرحِ نَــزَّ دَمـاً
    أوْ وَقْـتَ نحـنُ بـ " وا إِســلامَ " نحـتَـدِمُ

    أوْ وَقْـتَ نحـنُ ولـيـلُ المـوتِ يَـغـمُـرُنـا
    والناسُ تصـرخُ والأوطـانُ تَـنـهَـدِمُ

    يـا مِصـرُ أيْـنَـكِ ؟! سُـؤْلٌ عـاتِـبٌ بِـفَـمـي
    إِنْ قُـلـتُ أيْـنَـكِ . " أيْـنَـكِ " وَحـدَهـا أَلَـمُ !!

    يـا مِصـرُ كُـنـتِ لـنـا أُمًّـا فَـمـا لـي أَرَىَ
    أُمُّ العُـروبَـةِ كـادتْ تُـنـكِـرُ الـرِّحَـمُ ؟!

    كُـنَّـا بِـمِصـرَ ومِصـرَ لأُمَّـتي سَـنَـداً
    غـابَ المُـعـيـنُ وخـارتْ بَـعـدهُ الهِـمَـمُ

    هل نحـنُ نحـنُ إذا قـالـوا هُـنـا عَـرَبٌ ؟!
    " يا أُمَّةً ضَحَكَتْ مِن جَـهْـلِـهـا الأُمَمُ " !!(1)

    هـاكَ البِـلادُ زعـامـاتٌ مُـسَـيَّـرَةٌ
    مِـثْـلُ القَـطِـيـعِ وقد أبـصـرتُـهمْ غَـنَـمُ !!

    للـرومِ تـركـعُ - وا ذُلاَّهِ - في عَـلَـنٍ .
    تَـبَّ الـركُـوعُ وتَـبَّ الأصـلُ والصَّـنَـمُ !!

    هـاهُـمْ أُولاءِ بِـتِـيـهِ الفِـتـنـةِ انـقـسَـمـوا
    هذا يَخُـونُ وذا بـالشـرِّ يَـعـتَـزِمُ !!

    أوْ ذا ؛ يُـغـازِلُ بِـنـيـامِـيـنَ مُـبْـتـسـمـاً
    والـوجْـهُ أقـبـحَ في الإثنينِ لـو عَـلِـمِـوا !!

    يـا مِصـرُ قُـومي شُـدِّي عَـزْمَ مَن وَهَـنـوا
    لُـمِّـي بَـنُـوكِ فدونِ الأُمِّ مَن لَـهُـمُ ؟!

    مَن للجِـراحِ وقد جَـدَّتْ بحـاضِـرِنـا ؟!
    مَن غـيـرُ كَـفُّـكِ داواهـا لِـتَـلـتَـئِـمُ ؟!

    خَـيـرَ الجُـنُـودِ بـأرضٍ أنـتِ مَـوْطِـنُـهُـمْ
    قـالَ الرسـولُ وقـال الفِـعـلُ والشِّــيَـمُ

    بالأمـسِ سَـطَّـرَ ذا التـاريخُ مـا فَـعَـلـوا
    مِن كُـلِّ مَجْـدٍ لَـهُـمْ في رأسِـهِ عَـلَـمُ

    في عَـينِ جالوتَ . وسْطَ الموْتِ كـانوا هُـمُ
    سَــدَّ العُـروبـةِ . ما فـرُّوا ولا انـهَـزَموا

    يـومَ الـوقـيـعـةِ كـانـت نـارُهُـمْ غَـضَـبـاً
    صَـبُّـوا لَـظـاهـا على أعـدائِـنـا حِـمَـمُ

    كانـوا الأسُـوُدَ بـسـاحِ الحـربِ سَـطْـوَتُـهُـمْ
    مِنْـهُمْ تَـهـابُ إذا ما زَمْـجـروا العَـجَـمُ

    واليـومُ مِصـرَ وقد فـتَّـشـتُ في زَمَـني
    لا مِصـرُ مِصـرَ . ولا نِـيِـلٌ ولا هَــرَمُ !!

    يـا مِصـرُ صِـرنـا بـهـذا الذُّلِّ في حُـفَـرٍ
    عُـودي لِـنَـصـعـدَ . مـا أبْـهـىَ بِـكِ القِـمَـمُ

    عُـودي إلـيـنـا. فقد مـاتـتْ عَـزائِـمُـنـا
    عُـودي بـرُوُحِـكِ كي تُـحـيـي هُـنـا الـرِّمَـمُ

    لا تُخـذِلـيـني وقد نـاديـتُ مُـلـتَـمِـسـاً
    فجْـراً بـوَجْـهِـك أرجـو أنْ سـيـبـتـسِـمُ

    لا تُـرجِـعـيـني أيـا حِـصـنـاً أَلُـوذُ بِـهِ
    إِنِّـي بـبـابِـكِ بَـعـدَ اللهِ أعـتَـصِـمُ

    شعر / سعيد مصبح الغافري
    (1) الشطر للمتنبي
    _____________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  8. #108
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    غيـــــــــــــــــــــاب 14/6/2019

    غِــيـاب



    غِـيابُـكِ ..
    مَـلَـلٌ في دَوَرانِ الوقـتِ
    واليومُ بَـلا أنـتِ يَـبـابْ !!
    غِـيابُـكِ ..
    رِيِـحُ شِـمـالٍ تَـركـضُ حـافـيـةً بـسـمـائي
    ولا ثَـمَّ سَـحـابْ !!
    ألـمِـسُ في مِـرآةِ الغَـبَـشِ الدامِـعِ
    مـا أتَـوَهـمُ وَجْـهـي
    شُـحُـوبٌ مِثْـلُ دُلُـبٍّ ( 1 )
    في وَهْــنٍ مُـتَّكئٍ بِـعَـصـاهِ
    عـلى زَمَـنٍ شــابْ
    ثَـقـيـلٌ ورَتـيـبٌ جِـدًّا هذا الوقـت بـدونـك
    أَلُـوُكُ جَـفـافُ مَـداه المالح
    أرشـفُ مِن لُـجَّـتِـهِ بـظَـمَـئـي
    لكنَّ النَّـهْـرَ الخاذِلَ محض سَــرابْ !!
    وعلىَ أمـلٍ أنْ يـأتـي مـا لـيـسَ بِــآتٍ ،
    لا ثَـمَّـةَ قَـوْسٍ مُـشـتـعِـلٍ
    يَـسـقـط لـو سَــهْــواًُ مِن غَـيـمِ اللا مُـعـتـادِ
    فيحـرقَ هذا الكَـفَـنُ الثِّـلـجـيُّ المُـتَـشـاهِـقُ بِـبـيـاضِ المـوت ..
    هذا المفـرودُ ضَـبـابـاً
    ولا ثُـقْـبـاً أُبْـصِـرُ في الأُفُـقِ المُـتَـكـاثِـفِ ضَـجَـراًِ .
    لا ألـمَـحُ بـابْ !!
    أَتَـلـفَّـتُ حـولـي
    في هذا الباهِـتِ من صُـوَرِ الأشــيـاء
    كُـلُّ جِـهـاتِ الأرضِ بِـدونِـكِ
    سُـكْـتٌ وخَــواءْ
    فَــراغٌ عــارٍ
    يَـرتَـجِـفُ مِن البَـرْدِ المُـتَـفَـشِّي
    والبَـرْدُ سِـيـاطٌ تجلدني
    البَـرْدُ عَـذابْ !!
    يُـنـاديـكِ حَـنـيـني أنْ عُـودي
    عُـودي
    لكي مِن هذا الصـمْـتِ الحَـجَـريِّ تـنْـبَـجِـسُ قصيدة
    لكي مِن هذا الوقـتِ المُـتَـصَحِّـرِ يَخْـضَـرُّ سُــدَىَ
    لكي يَـتحـولُ هذا المُـرُّ مِنَ الأيَّــامِ
    " غَـزَلَ بَـنـاتٍ " حُـلْـوٍ
    وَرديِّ الثُّـغْـر
    يَـعـبـر في خِـفَّـةِ رُوُحٍ أرصِـفَـةُ الصـيـف
    ويُـعـانِـقُ بـنَـهـارِ الجُـرْأَةِ فـرحـاً مُشـتـاقـاً
    يَـتَـفَـجَّـرُ عِـشـقـاً ..
    تَـوقـاً ...
    وضَـجـيـجَ شَـبـابْ !!
    عُـودي
    كي ألبـسَ أبـهىَ أثـوابَ يـقـيني
    كي أعـرفُ أني من هذا المَـوتِ المُـتَـراكـمِ
    حَـيًّـا قد عُـدت !!
    كي تـأتي قِـيـامَـةَ هذا القـلـب
    فـيَـزْلُـفُ حُـضـنُـكِ جَـنَّـةُ مـأوَىَ
    تَـتَـنَـفـْـنَـفُ بالـدِفْء
    إِذْ لا دِفْءَ سُـوىَ دِفـْـئـك
    هُوَ أحـلـىَ آخِــرةٍ عِـنـدي
    وأَلَـذُّ مَــآبْ !!
    شعر / سعيد مصبح الغافري
    ( 1 ) الدُّلُـب : شجرة ضخمة معمرة . من النوعية المتساقطة الأوراق . تنبت في شمال الكرة الأرضية وبلدان حوض البحر الأبيض المتوسط .

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  9. #109
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    وصَـلَّـىَ فـي دَمِـي اليـاسَـمـين 21/8/2019

    وصَـلَّـىَ فـي دَمِـي اليـاسَـمـين



    كل يوم أقفز من نومي متفاجئا بصوت صافرة لا أدري ؛ أصافرة إنذار أم إسعاف أم نجدة شرطة . أهرع إلى نافذة غرفتي بالطابق الرابع . أنظر بعين قلقي للأسفل . للعمارات المصطفة مقابل يمين الفندق ويساره . للشارع . لساحة المحافظة حيث جبل قاسيون يحييني من بعيد من جهتها الشمالية . أسمع أصوات ناس وسيارات . رجل يلقي التحية بصوته الشامي على صاحب محل . خناقة من الطابق الذي تحت غرفتي مباشرة بين امرأة ورجل على " المصاري " و .. بأي ليل سكبتها يا مجنون .
    في بلكونة العمارة المقابلة ، مجموعة فتيات " دلع " مثل الأقمار ، تطلق سربا ورديا من ضحكات عذبة . فينكسر ذلك الجو المشحون .
    أطلق ضحكة . دمشق في أمان يا سعيد ، والحياة بهذا القوس قزح من الأجواء المتباينة جميلة ورائعة .
    أتمدد على سريري الوحيد دون شريك . أبتسم وأنا أعود للصفحة التي كنت أقرأ فيها ديوان محمود درويش . ومرة أخرى ينقطع خيط قراءتي . لكن هذه المرة بصورة أحلى مع رنين هاتفي المشتاق ..
    # أنزل . أنا في مقهى فينيسيا . أنتظرك .
    أخيرا جاء صوتها الذي اشتقته . تشهق الفرحة في قلبي . أترك محمود درويش وديوانه . ألبس ملابس الخروج وأنا أحاول أن أبدو أنيقا كما تحب أن تراني دائما وأنزل بالمصعد بكل ضجيج شوقي لملاقاة الياسمين .
    @@@



    بالأمس ونحن نرسم حلما جديدا مجنحا كنت تعترضين على شكل عشنا في الرحيل
    ستبنين عشك وحدك .
    سأبني عشي وحدي .
    في الختام ، توحدنا روحا !!
    هل تذكرين ؟!
    توت ليلتنا الفائتة .
    العشاء الذي أردنا بإصرار أن لا يكون الأخير .
    وسهرتنا للصباح دون صوت الجسد .
    أذكر قلت بضحك يمازح وقتك :
    _ عند انتهاء السهر سأطردك من كل ما تبقى من ليل وقتي .
    تشاكس قلبك . قال لي بنبوءة من لا يصدق ما تدعيه النوايا :
    _ بل أنا من سيطرد هزيعك عني .
    ورنت على شفتيك ضحكة تشبه رنين خلخال قدمك اليمنى . ثم رشقتني بغمزة وأنت تغادرين :
    _ تصبح على خير حياتي .
    _ الله معك حبيبتي .
    وحين تلاقينا في اليوم الذي سبق مغادرتي لبلادك أقسمنا أن نبقى حتى آخر خيط لليل .
    كلانا في خفاء الشعور الحقيقي كان يدس يدا تتشبث بجنة صاحبه .
    كلانا كان يتوق لوقت من الليل أطول مما ينبغي أن يكون حتى نستمر في تهجد قلبينا وفي صلاة الياسمين .
    كلانا كان يرفض أن يتثاءب هذا الليل أو يلمس شفق المنتهى .
    كلانا كان يكره في سره انقضاء يوم ونقصان ما قد تبقى لنا من صفحات الجنون .
    سنقول لتطمين قلب يتدفق منه شؤبوب القلق :
    _ ما زال للرحلة خيوط بقية . لنواصل حتى آخر قطرة للفرح ما قد بدأناه من رقص ..
    أمامنا وقت طويل لنلتحف الوحدة ووحشة ما بعد الدمع والوداع في صحاري الضجر والافتقاد .
    &&&&&



    بالليل أتوضأ بضياء وجهك
    أتعطر بعبيرك
    وأبدأ طقوس صلاتي في محراب عينيك
    لست صوفيا ولا زاهدا ولا متدينا كما تعرفين .
    لكنني حين أذوب من الوجد أصير قلبا "حلاجا " لا يرى إلاك ولا يهتف إلا باسمك يا معبودة روحي .
    كل هذا الليل العابق بنراجس النقاء هو أنت !!
    â–*â–*â–*

    مرات أكتب عن هذا الحب بلون أظافرك الحمراء .. كرسالة قلب متوهج .. ومرات أكتبه بلون شعرك الذهبي كشوق ينتظرك عند شرفة أصيل ما قبل الغروب .. ومرات أحول شكل الأحرف نوتات موسيقية شبيهة ببيانو الصالة في منزلكم .. أفعل ذلك دائما بحروفي عندما أشتاق لضحكتك الرنانة الحلوة التي لم أسمعها منذ يوم أو بعض يوم .. ومرات لا أكتب شيئا وأكتفي فقط بقراءتك وأنا مبتسم الوجه عندما نلتقي ذات موعد مضروب في مقهانا الذي نحب أن نلتقي فيه شبه كل يوم .. أحبك .....
    #####


    وكنت على درب عمري مرة واحدة
    وها إنك بامتداد المدى غابة من حنين
    تنمو
    تتمدد
    تتكاثر
    تتناسل في ذاكرتي مليون مرة
    وتحرضني للسفر إليك من جديد.
    وسأفعلها . سأفعلها !!
    ولن تردني عنك أرض ولا سماء .
    بقلمي / سعيد مصبح الغافري
    سوريا _ دمشق
    2019/07/23م
    ______________________

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  10. #110
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,976
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    في المطار .. أوقفوا الوطن !!



    بالطبع لم يكن السبب مخدرات أو قنبلة أو شيء من هذه الممنوعات الخطرة ، التي نسمع كثيرا عنها وعن قصصها الغريبة في المطارات . ومع ذلك فتشوه قطعة قطعة وزاوية زاوية ، من أقصى ذرة تراب بجنوبه إلى أقصى قطرة ماء بشماله . إستجوبوه بألسنتهم وأعينهم وأيديهم التي تمرست بحكم الخبرة والتجارب على الشك والارتياب والملاحظة وبكلابهم المدربة فائقة الشم والذكاء ، وفحصوه بأجهزتهم وأشعاتهم المتطورة الشديدة الحساسية والتي يستحيل أن يفوتها أو يفلت منها شيء مهما دق أو خفى . استغرق ذلك بعض الوقت ، ثم لما لم يعثروا على شيء ممنوع قالوا للوطن والخجل يلطخ وجوههم بالإحمرار والسواد : متأسفون . توكل على الله . الله معك .
    وخرج الوطن من غرفة التفتيش حزينا مكسور الخاطر !!
    ويبدو أن الضابط استغربني واندهش ؛ إذ يراني أمامه غير مرتبك أو مرعوب لأنهم اكتشفوا شيئا ما مشبوها أحمله مضموما في سترة ملابسي وأدخل به المطار بكل اعتداد وثقة وأنا على وشك السفر . وأكثر ما زادهم إستغرابا وفضولا تلك الإبتسامة الهادئة والواثقة التي كانت منطبعة على شفتي ، ثم ذلك السؤال الموبخ الذي تلاها والذي صفعت به وجه الضابط : ـــ ألا تعرف حقا هذا الشيء الذي داخل هذه القارورة ؟! أردت أن أرد بعضا من اعتبار للوطن ، ودون أن يلتفت إلى القارورة ، أجابني بحنق مكبوت تخالطه نبرة سخرية وعيناه ذاتا اللمعة المتحدية مثبتتان في وجهي : ـــ لا والله يا طيب . وسيسعدني جدا أن أعرف وحالا . وبهدوء وضحت له وأنا أشير بيدي إلى القارورة :
    ـــ هذا الذي في هذه القارورة هو تراب الوطن يا أخي . أنا مسافر في رحلة طويلة ، ولا أعلم متى سأعود منها ، وقد حملته معي لأظل أتذكر به رائحة بلادي . هل فهمت المغزى الآن ؟!
    اتسعت الدهشة في حدقتي عينيه . شعرت أنه أمام حالة خاصة كسرت كل معتاد اعتاده في روتين التفتيش الذي يمارسه كضابط ، لكن نظرته المتشككة تلك والتي لم يزحها عن وجهي أنبأتني أن ما بالسهولة أن تمر عليه قارورة عادية صغيرة مرور الكرام ويطوِّفها بسلام ، بل قد لن يقتنع بصراحتي هذه ولن يكتفي بها إلا بعد أن يطمئن عمليا وبنفسه وبما لديه من أجهزة وأدوات وصلاحيات بأن ما أحمله بنظره ليس أكثر من تراب عادي لا يدخل ضمن قائمة الممنوعات .
    الأمر يبدو غريبا ؛ فالناس تسافر ولا تحمل معها إلا أشيائها العادية الخاصة ؛ حقائب . هدايا . كتب . ملابس . وجواز سفر بلدها الذي عليه صورتها وبياناتها وجنسيتها . هذا عادة ما يكون في السفر . لكن عندما تكون عاشقا لبلادك بطريقتك الخاصة التي تحس أنها الأكثر قربا منك والأكثر صدقا في تعبيرك . كيف ستقنع ضابطا عسكريا بطريقة عشقك هذه والتي قد ينظرها بسخرية وبأنها شكل من أشكال السذاجة أو السخف ؟! كيف ستقنعه بأن ما تحمله في تلك القارورة يمثل شيئا عزيزا لديك وأغلى من كل هذه الأشياء التي اعتاد هو أن يراها ويفتشها في المطارات وعند الحدود ؟! العسكريون واقعيون ، وعمليو التفكير ، وقلما يأبهون لأمور تتعاطى بهذا الشكل الشاعري الحالم ، بل غالبا لا تنطلي عليهم هذه العاطفة الغريبة ، ولا يخدعون بها بسهولة وخصوصا في النقاط الحدودية والمطارات الشديدة الحساسية . ولذلك رأيته يمسك بالقارورة ويقوم بعد فتحها بسكب التراب الذي بداخلها على ورقة بيضاء ثم أخذ يفتش ذراته بجهاز صغير وَمَّاضٍ ..
    في ذاك التراب المسكوب على الورقة رأيت وطني .. كل وطني من شماله الأزرق إلى جنوبه الأخضر . في ذرات ذلك التراب رأيت بعين قلبي بحار الوطن وخلجانه ومضائقه وجزره ونوارسه وشطآنه وأطفال حاراته وهم يركضون بطفولتهم الحافية وراء كرة مهترئة نصف ممتلئة بالهواء أو يرسمون أحلامهم بطين البراءة على رمل واد أو شاطيء بحر .. رأيت جباله الشاهقة بجميع ألوانها . رأيت هضابه وتلاله . رأيت صحاريه الذهبية . سهوله المنبسطة . أوديته . أفلاجه . عيونه . قراه . بيوته . أسواقه . نخيله وغاباته وقلاعه وحصونه وكل تاريخه المتجذر في أعماق الحقب والدهور . رأيت وجوه أهله البسطاء . سمعت ضحكهم . كلامهم . قصص أساطيرهم . أشعارهم . مواويلهم . ولحظتها . لحظتها فقط ، وقد انبسطت أمام عيني كل هذه الصور الغالية تعمق حزني وازداد ألم قلبي كوني على شفا أن أرحل عن كل هذا الذي رأيت وسمعت وشممت ولمست وعشت !! لم يُظهر جهاز كشف الممنوعات أي شيء مخالف . في عين الضابط كانت مجرد حفنة عادية من التراب . أعادها إلى جوف القارورة ثم أغلق الأخيرة . هذه المرة بدت ملامحه غير متجهمة وهو يناولني القارورة مبتسما ويعتذر بخجل على الإزعاج الذي سببته لي إجراءاته وطلب مني أن أعذره . لم أحتج أو أرتج . فالمهم أنه أفرج عن الوطن !!
    عذرته وقدرت باحترام بالغ واجبه . هو الآخر حتما يحب مثلي الوطن . يعشقه . يقدس ذراته . يراه أغلى شيء بالدنيا يحبه ويخاف عليه . تختلف الطرائق فقط !! كان صديقي أحمد ناصر ينتظرني بقلق بالغ في قاعة المغادرين وعند نفس الطاولة التي طلبته أن لا يبرحها حتى أعود ..
    ـــ سلامات . شو صاير ؟! وليش أخذوك معهم لغرفة الضابط ؟!
    أخـرجت القارورة الصغيرة من جيب قميصي . وضعتها على الطاولة التي بيننا وقلت وأنا أضحك :
    ـــ هذه التي أخذتني إلى هناك !!
    ـــ قارورة ؟!
    ـــ وأغلى قارورة بالدنيا !!
    ـــ أنت غريب الأطوار يا عيسى !! تحمل ترابا داخل قارورة يعرضك للشبهة والمشاكل ؟!
    ـــ وما يضير أن أحمل ترابا داخل قارورة ؟! أتعرف أنت ما يكون هذا التراب ؟!
    ـــ .......... ؟!
    ـــ إنه تراب الوطن !!
    ـــ تراب الوطن ؟!
    ـــ أجل . تراب الوطن !!
    ـــ آااه . الآن فهمت !! أنت لم تتغير أبدا في طرائق عشقك الغريبة هذه !!
    ـــ جميل أنك وصفتها بطرائق عشق !!
    أعدت القارورة في جيبي وأنا ألمح صديقي أحمد مطرقا يفكر بصمت .
    ـــ أحمد . ما بك يا صديقي ؟!
    سألته ، فرفع رأسه ناظرا إليَّ . شيء من الحنان الكبير الممزوج بالخوف شف من تلك النظرة العميقة بعينيه وانعكس فورا على نبرة صوته عندما تكلم :
    ـــ عيسى أخي . أنا خايف عليك !!
    إرتفع حاجباي بدهشة :
    ـــ خايف علي ؟! من شو ؟!

    وكأنه يصارحني بسر خطير أجابني وهو يخنق نبرة صوته ويتلفت بعينيه في حذر :
    ـــ من أفكارك الغريبة هذه . من آرائك ، ومن كل شيء له لون سياسي . أنت تفهم ما أقصد .
    وكنت قد فهمت فعلا ما يقصد . وكان ما يقوله أو ينبهني إليه بداية لنقاش حامٍ ، اعتدنا عليه وعلى رياح عواصفه في مقاهي ثرثراتنا . لكني بتلك الساعة التي كنا فيها بالمطار لم أكن مهيأ نفسيا ولا ذهنيا لأي نقاش أو لأخذ ورد في أي حوار ساخن . الوقت ضيق ، كما إننا في آخر لقاء نلتقيه ولا أريد أن أختمه بشيء مزعج ، لذلك قلت له بابتسامة ملطفة للجو :
    ـــ لا تقلق يا صديقي . سأحتفظ بهدوئي .
    قاطعني بصوت بدا مبحوحا وهو يجاهد أن يجعله أكثر انخفاضا :
    ـــ أنا لا أريدك أن تحتفظ بهدوئك فحسب . بل وبصمتك أيضا .
    الكلمة الأخـيرة الآمرة التي سمعتها منه كانت أشـبه بـلاصـق قـوي مضغوط وضعه على فمي . " الصمت " تلك الكمَّامة الكريهة التي مضى عليها ملصوقة بفمي حتى الآن عامين ، منذ حادثة إعتقالي واستجوابي ومنعي عن الكتابة ، ومنذ رجعت ظهرا من ذلك المكان الغريب وأنا دون فم . قلت وأنا أتجاوز صور هذه الذكرى المؤلمة :
    ـــ حاضر يا صديقي . سأحاول .
    خرجت هذه الكلمة من حلقي مغتصبة ولها طعمٍ مُـر . في ثانية الصمت التي تلت ، انطلق بغتة صوت ميكروفون المغادرة الأنثوي مناديا جميع المسافرين بالتوجه فورا إلى بوابة المغادرة رقم ( 7 ) . ما زلت أحفظ جيدا هذا الرقم والصوت الذي نطقه .
    يا الله !!
    لم أتصور أن الثلاثين دقيقة التي كانت متبقية لي هنا بالمطار قد اقتربت من نهايتها وأنه لم يتبق منها إلا عشر دقائق . عشر دقائق فقط وأغادر مودعا صديقي ووطني بكل أرضه وسمائه وهوائه ووجوهه وأصوات أهله . عشر دقائق وأصعد بعدها الطائرة لتطير بي بعيدا جهة المجهول . خلال هذه الدقائق العشر ، وقفت وصديقي قبالة بعضنا بعضا . هزمتني الدموع في تلك الوقفة فأجهشت بالبكاء وأنا أحضنه مودعا ، حتى تركت صدره مبقعاً بدموعي التي بللته . أحسست بكفيه الحانيتين تربتان على عضدي وهو يقول وشعاع عينيه ينفذ إلى روحي بكل قوته ويستقر فيها مثل نور الله :
    ـــ خلي بالك من نفسك يا صديقي .
    ـــ إن شاء الله أخي . وأنت أيضا .. لا أوصيك على صحتك ..
    يهمني أن تكون بعافية وخير دوما .
    ـــ لا تقطعني .
    ـــ أعدك .
    تلاقى وجهانا .. شد على راحة يدي مبتسما ..
    ـــ كن كما عهدتك رجلا وقت الجد .
    ـــ ونذلا وقت الهزل .
    ضحكنا .. لم أنصرف مباشرة عنه . انتهزت تلك الدقائق القليلة التي تبقت لي بالمطار لأظل فيها معه . قلت له وأنا أضبط كاميرا التصوير بهاتفي :
    ـــ دعنا نصور معا آخر صورة سيلفي لنا قبل أن أسافر عنك .
    وقفنا متلاصقين ويد كل واحد منا مشبوكة في يد صاحبه وعلى وجهينا إبتسامة مرحة واستعددنا للتصوير . " تشك " . سابقت الزمن الذي يلتهم ما تبقى لي من وقت هنا ، وأرسلت الصورة الملتقطة بسرعة إلى هاتفه . آخر صورة للذكرى تجمعنا معا قبل رحيلي . انكفأنا في الصمت .. كانت دمعة صامتة تجري بجانب أنفه منحدرة من عينه . أسرع يمسحها بأصابعه .. آلمني بريقها الحاد الأشبه بلمعة مدية .. كتمت ألم وخز شعاعها وأنا أفتعل إبتسامة باهتة أقاوم بها أنا الآخر موجة جديدة من الدموع على وشك أن تنحدر من عيني .
    ـــ هو أنا رايح جبهة حرب عشان نقلب وداعنا ميلودراما ؟! هي أربع سنوات وأعود إليك وربما بجنون أشد !!
    أشرق وجهه ضاحكا وقد إنقشعت سحابة الكآبة التي كانت تغشاه وقال بتفاؤل كبير وكأنه يقرأ كف طالعي :
    ـــ بل حتما لا محالة ستعود عاقلا .
    ضحكت مستخفا بنبوءته :
    ـــ حتما لا محالة ؟! وما الذي يجعلك واثقا وبشدة من إحساسك هذا ؟!
    ـــ أظن أن القدر يرسم حظك هناك بشكل أجمل . حدسي لا يخيب .
    ـــ سنرى .
    وكمن يسحبني بقوة من يدي ، عاد نداء الميكروفون بقاعة المغادرة ينبه بضرورة توجه المسافرين فورا إلى البوابة رقم ( 7 ) . وأنا أسمع هذا النداء ، شعوران شداني بتلك اللحظة إلى اتجاهين مختلفين : بلدي التي سأرحل عنها الآن وبلاد بعيدة تناديني أن أسرع أنا بانتظارك .. بين قطبي بلدين إحتدم عذابان في قلبي : وداع وطن سأرحل عنه ولهفة حلم إلى وطن آخر أهم بالسفر إليه . تنهدت في ضيق وألم . خمس دقائق تبقت . كنت فيها أشعر كاني أموت ببطء .

    ــ عيسى ..
    همس صديقي وقد انقلب وجهه كئيبا جدا وكثير التجاعيد والانكماش هذه المرة . أنصتُّ وأنا أتشبث بيديه وعينيه :
    ـــ نعم أخي أحمد ..
    أحاطني بذراعيه .. ضممته بكل حرارة الوداع . كنا ندرك أن فراقنا بات وشيكا الآن ..
    ـــ لا إله إلا الله .

    قال فأكملت :
    ـــ محمد رسول الله . مع السلامة أخي أحمد .
    ـــ الله يحميك ويوفقك أخي . مع ألف سلامة . إنتبه لنفسك .
    ـــ الله خير حافظا .
    تفالتت أيادينا المتوادعة ، وانصرفت عنه مهرولا باتجاه بوابة المغادرة التي تفضي مباشرة إلى ساحة المطار ، حيث هناك تنتظرني طائرتي . كان رقم ( 7 ) المثبت أعلى البوابة يضيء مع سهم الإتجاه بلون أبيض ، وكأنه يرشدني إلى إتجاه القدر الذي ينتظرني . ألم الوداع والفراق أثقلا كاهل روحي وقلبي وجعلاني أشعر ببطء واضح في خطاي وكأني أجر ورائي كرة ضخمة من حديد .
    كانت تلك الوقفة الوفية التي تبقت من آخر صور وداع صديقي لي توجع قلبي . كنت أتابع سيري متلفتا خلفي وناظرا إلى صديقي ويدي تلوح له مودعة . إلى أن وجدتني أمام عتبة البوابة الإلكترونية التي إنفتحت لي فجأة وأمامها رأيت نفقا طويلا مسقوفا بعرض مترين . حتى هذه البوابة المتواطئة مع القدر ، شعرت بها تدفعني دفعا هي الأخرى جهة الرحيل . دلفت أنا والمسافرون في جوف ذلك النفق الذي أوصلتنا نهايته إلى باب الطائرة الذي عنده كان ينتظرنا أحد طاقمها . إذ ذاك ، وبمجرد ما دخلت هذا النفق ومشيت ، كانت صورة صديقي أحمد قد اختفت ، ولم أعد أراه .
    بقلمي / سعيد مصبح الغافري ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
    ملحوظة مهمة :*
    @ هذا الفصل يتبع الرواية التي عاكف حاليا على تأليفها.
    @ العنوان الذي في هذا الفصل ليس هو العنوان الأصلي للرواية .
    _________________________


    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



صفحة 11 من 13 الأولىالأولى ... 910111213 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة للسبلة العمانية 2020
  • أستضافة وتصميم الشروق للأستضافة ش.م.م