هل يمكن أن نعمل لـ فترتين؟
علي المطاعني
في ظل الشكاوى من الإجراءات البيروقراطية في الأجهزة الحكومية التي يتذمرمنها الكثيرين سواء في تأخير المعاملات بشكل غير عادي ، او التعقيدات الادارية اكثر من اللازم ، وأهمية إيجاد حلول عملية ناجعة لهذه المعضلة التي تلازمنا منذ سنوات، فإن عمل بعض الجهات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين لفترتين صباحية ومسائية اصبح ذو أهمية كنوع من إيجاد الحلول لتعجيل في انجاز متطلبات المراجعين من الاجهزة الحكومية واختصار الوقت و الجهد على المواطنين، و اضفاء المرونة في الاجراءات الادارية في اجهزة الدولة بما يتواكب مع المتغيرات المتسارعة، فتغير فتلارات الدوام الى فترتين في بعض الجهات الحكومية تعد خطوة لها مكاسب كبيرة تسهم في جعل القطاع الحكومي أكثر ديناميكية وقدرة على التفاعل مع متطلبات العصر والمجتمع الذي يشهد نموا سكانيا واقتصاديا يتطلب خدمات متفاعلة وسريعة على مدار الوقت، فهو ما يتطلب ان تدرس هذه الخطوة بما تمثله من أهمية للمرحلة القادمة والقضاء على إشكاليات الروتين والبيروقراطية.
فبلا شك إن الأجهزة الحكومية يجب أن تكون أكثر تفاعلا في تلبية متطلبات الناس بخدمات أكثر وسرعة تتوافق مع نمطية الحياة وأساليبها، وإيجاد حلول لبعض المشكلات التي تعترض المواطنين من خلال ابتكارها، مثل تغير فترة العمل على فترتين: الأولى صباحية تبدأ في الوقت الاعتيادي الحالي والأخرى مسائية تبدأ من الثالثة حتى التاسعة لبعض الجهات أو الأقسام والدوائر التي يتطلب عملها خدمة المراجعين.
إن من شأن هذه الخطوة أن تقلل من الخروج من العمل بالنسبة للموظفين لإنجاز معاملاتهم في جهات غير جهات عملهم وإضاعة الوقت لمراجعين آخرين، فعندما تراجع جهة يقال لك المدير غير موجود والموظف المختص ذاهب للوزارة الفلانية، وهكذا يضيع المواطن في مراجعاته لهذه الوزارة أو تلك أياماً بسبب التسيب الوظيفي لأمور كثيرة يتعذر معها بعض الموظفين لتخليص أمورهم الخاصة، في حين عندما نتيح إمكانية تخليصها بالمساء قد يقلل ذلك من الخروج أثناء الدوام.
من مكاسب ايجاد فترتين للعمل هو فتح افاق لفرص وظيفية للخريجين والخريجات واستيعابهم في مثل هذه الوظائف و ايجاد مخرج للباحثين عن عمل في اجهزة الدولة ، حتي لو اقتضى دفع رسوم اضافية او بزيادة لبعض الخدمات التي تقدم في الفترات المسائية لمواجهة بعض النفقات على الموظفين و الخدمات.
ومن إيجابيات إيجاد فترتين تقليل الازدحام المروري في محافظة مسقط خاصة بالنسبة لقاطنيها سواء كانوا موظفين أو مراجعين وكذلك لبعض المراجعين من ولايات السلطنة الذين يفدون إلى مسقط لتخليص معاملاتهم، فإتاحة المزيد من الوقت يقلص الازدحامات في الطرقات يجعل انسايبة الحركة افضل مما هو عليه ، التقليل من السرعة وما ينتج عنها من حوادث بأشكالها المتعددة ، مع توزيع الضغط على مدار اليوم بدلاً من التركيز على بضع ساعات محددة تؤدي الى تزاحم حركة السير وكثافة المراجعين في مختلف الجهات الحكومية.
ان بعض الموظفين قد يرغبون في العمل مساءً ، خاصة فئة الشباب الذين لا يرغبون في العمل الصباحي ممن يفضلون السهر بالليل، فوضع خيارات للدوام والمرونة من شانه حل الإشكاليات لدى البعض ويقلل حالات الغياب عن العمل ، وما يترتب عليه من إنذارات وعقوبات قد تتلاشى عندما تتوفرلا فرصة مريحة للدوام لبعض الموظفين ، وفي الجانب الآخر قد يتيح إيجاد فترتين في العمل لبعض الموظفين فرصة تكملة الدراسة الجامعية والماجستير في الكليات والجامعات وبالتالي نسهم في تطوير قدراتهم وتأهيلهم بشكل أفضل.
هناك بعض الجهات في السلطنة تعمل بنظام الفترتين مثل شرطة عمان السلطانية ووزارة القوى العاملة وتقدم خدمات جليلة للمراجعين الذين لديهم ارتباطات في الصباح، وكذلك بعض التجارب في القطاع المصرفي التي تقدم خدمات جليلة للمراجعين، فهذه التجارب يمكن الوقوف عليها والاستفادة منها بشكل يسهم ويعظم الخدمات التي تقدمها الوزارات حتى وإن كان بعضها برسوم أعلى عن تلك في الفترة الصباحية لتغطية نفقات زيادة التوظيف والخدمات وغيرها فهناك بعض الجهات مثل البلديات و غرفة تجارة و صناعة عمان و وزارة البيئة الشئوون المناخية و الاسكان و غيرها من الجهات العامة و الخاصة التي يمكن ان تكون بها فترتين للعمل لخدمة المراجعين و تعزيز الخدمات فيها بشكل افضل .
في المقابل بعض الجهات الحكومية التي ليس لديها تعاملات مباشرة مع المراجعيين يمكن ان تفتح نوافذ لاستلام الطلبات المعاملات برسوم يقوم الموظفين بتخليصها لهم و انهاءها و بالتالي تكون هذه الجهات قدمت خدمة متميزة للمواطنين تقلل الكثير من الجهد و الوقت و تتعاطى مع التطورات بشكل متفاعل و ايجابي تقضي على الكثير من التذمر و الشكاوي.
بالطبع البعض قد يعترضون على مثل هذه المقترحات التي تهدف إلى إحداث نقلة في العمل الحكومي والقضاء على الروتين وإضفاء المرونة على الإجراءات من خلال تطوير الخدمات، إلا أنهم في المقابل لا يعون أن مثل هذه التطورات من شأنها أن تقدم حلولا للكثيرين وتقضي على بعض المواجع من تأخير في المعاملات، بل إن البعض الآخر لا يقارن مع دول أخرى وهو يعترض على مثل هذه الخطوات الإجرائية.
ومن الاهمية الاشارة هنا ان هناك بعض الخدمات اصبحت تنجز اكترونيا او الموبايل كنوع من تطوير الخدمات الحكومية التي نتطلع الى ان تنجز الكثير من المعاملات في اطار توجهات الحكومة الاكترونية، الا ان ذلك لا يمنع من اضافة مرونة اكبر في ايجاد فترتين عمل في بعض الوزارات والهئيات ذات العلاقة بالمراجعين .
نأمل أن تدرس مثل هذه الأفكار لتطوير العمل في العديد من الخدمات الحكومية وتسريع إنجازها على نحو يقدم خدمات للمواطنين بشكل أفضل.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القعقــــــاع
