انطلقت الأربعاء الماضي أولى جولات الحوار الليبي غير المباشر بين الأطراف المتصارعة وكل الآمال تنصب على جمعها على الطاولة للشروع في حوار مباشر يضع حداً للوضع الكارثي في هذا البلد.
الهدف من هذا الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة التوافق على الأسس التي يمكن من خلالها وضع معايير ملزمة لوقف اطلاق النار والتوافق على حكومة انتقالية تضم جميع فرقاء الصراع الذي تغرق فيه ليبيا منذ العام 2011.
والخطوة التي تم التوصّل إليها بجهود حثيثة من قبل رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برناردينو ليون لا تبدو ذات حظوظ نظراً للتباينات الواسعة في المواقف، وعدم قبول الأطراف المتحاورة على تقديم تنازلات تبدو ضرورية لجسر الفجوة والوصول إلى نقطة وسط.
وكان الوسيط الدولي ليون واضحاً في هذه النقطة، إذ شخّص الوضع في ليبيا بـ «الكارثي» على كافة الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية، محذّراً من تداعيات تتجاوز حدودها ليبيا إلى دول الجوار والشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى أوروبا. وهو من باب هذه القناعة لا يتوقع «حلاً سريعاً» من خلال مفاوضات جنيف..
ولذلك آثر وضع جدول زمني لمسارها تاركاً لنفسه مساحة من الزمن لاستشراف المواقف خاصة أنّ فريقاً مؤثراً (برلمان طرابلس) غاب عن الحوار دون إعلان رفض قاطع للمفاوضات التي يخشى كثيرون، وبينهم ليون وكذلك دول الجوار، فشلها لأنّ ذلك سيقود إلى فرض مسارات تدويل ملف الصراع.. وهو ما لوّحت أطراف دولية بها.
خطة الفرصة الأخيرة، كما حددها ليون، تقوم على جلوس طرفي الصراع إلى طاولة الحوار، تستند إلى أربعة أسس رئيسية: حكومة وحدة وطنية يشارك فيها طرفا الأزمة، ووقف إطلاق نار وسحب المسلحين من الأماكن العامة وخصوصاً المواقع الإستراتيجية ووضع تدابير لتثبيت هذه الإجراءات، وإحياء العملية الدستورية مع خلق دور رقابي يضطلع به المجتمع الدولي للإشراف على تنفيذ اتفاق «السلام».
وما يساعد على إشاعة أجواء التفاؤل دعم دول جوار ليبيا للمبادرة التي من المفترض أن يجتمع قريباً وزراء خارجية دولها في العاصمة التشادية أنجامينا لبحث التوصيات التي اعتمدوها في اجتماع سابق في العاصمة السودانية الخرطوم خلال ديسمبر الماضي، لاسيما التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وتبدو الأطراف الليبية المتصارعة مضطرة إلى التوصل إلى توافق سريع لتلافي التدخل العسكري الدولي الذي سيكبّد ليبيا والليبيين خسائر هم في غنى عنها.
ليون وخلفه دول عديدة ترى في محادثات جنيف الفرصة الأخيرة لتجنيب ليبيا الحل القاسي، خاصة أنّ التطوّرات التي شهدتها فرنسا قبل أسبوعين باتت تضغط على المجتمع الدولي للتحرّك حتى لا تصبح ليبيا مستقراً ومنطلقاً للإرهاب على أبواب أوروبا.
رد مع اقتباس
