وليد ذاك الرجل السمح ، البشوش ذو الإبتسامة الساحرة كل أمنياتي وأحلامي مُعلقة به وها أنا أرفع صوتي مجدداً على أبي مُعلنة الرفض بابن عمي الذي تقدم لخطبتي ، أنتظره هو ، إلى أن يحظى بوظيفة ويتكلل حبنا بالزواج كما وعدني . أمي ما زالت تعجب من تصرفاتي وتحاول أن تجد تفسيراً لهذا الإصرار على عدم قبول الزواج من ابن عمي ناصر ، لكني هائمة بوليد ولن أتنازل عنه بسهولة .
ذات يوم وبعد إلحاح وليد الذي طمع في رؤيتي مجدداً استأذنت من والدي كاذبة عليه بأني أحتاج المذاكرة مع صديقتي مرغمة على ذلك فلا أحتمل سماع صوته وهو غاضب مني معتقداً أنني لا أثق به أو أن زعله هَيناً عليّ ، في سيارته الهدوء يعم الأجواء ومن ناحيتي متوترة قليلاً تلاشى ذاك التوتر بعد أن سمعت منه ألطف العبارات التي أيقظت أنوثتي ، أطال التحديق إليّ بنظرات جريئة أخجلتني ! ، بعد أن تبادلنا أطراف الحديث قلت ممازحة له وبصوت قريب من الهمس : وليد حبيبي يكفي أرجعني إلى المنزل . دُهشت منه وهو لا يصغي إليّ وزاد رعبي حين رأيت الطريق يختلف عن الوجهة ! ، إذا به يدخلني لشقته المظلمة .
أعادني لمنزلنا بعد أن أفقدني أعظم ما تملكه الأنثى ، ملابسي ممزقة وكأنني مشردة ، ونبضات قلبي باتت مسموعة وكأنه سيخرج من مكانه ، كل ما حصل كان كالحلم > سحبت نفسي بصعوبة إلى أن دخلت غرفتي ولم يتدارك أحد الوضع .
بعد مرور عدة أسابيع
من جديد تقدم لخطبتي شاب وكعادة ما يحدث صرخت معلنة الرفض ، لكن أمي أصرت على معرفة السبب وأنا تجاوزت السابعة والعشرين من عمري ، ما الذي أنتظره إلى الآن ؟ ، كدت أبكي ، ولكني لم أفعل أمامها ما إن خرجت إلا و انسكبت دموعي وكأن الأرض لا تسعني من هول ما حدث ، توجهت لسجادتي أدعو الله أن يُعجل أخذي إليه . زاد الأمر صعوبة ورهبة عندما لم أجد سبب مقنع لرفض ذاك الشاب فحالته المادية جيدة ولديه منزل والجميع يثني عليه وعلى أخلاقه الحميدة ، كالتائهة كنت ، بل كالمجنونة ، وكأني أحمل جبلاً على رأسي ، بدا الأمر واضحاً أمام عائلتي ظنوا بأني خائفة من مواجهة الحياة الجديدة ولكن لم يكن سبباً كافياً لرفضي المتكرر ، فكرت بالانتحار حينها ذاك الحل الوحيد لتخلص من كل ألم نفسي وجسدي أعانيه توجهت بسرعة فائقة مغلقة الباب على نفسي وصوت شهقاتي تتعالى وأنا أسكب منظفات الحمام على الأرض لم أستطع أن أشربها كما كنت أنوي ، فتحت عيناي وما زالت الصورة مشوشة إلا أن عادت ذاكرتي بالمشهد المقزز بدأت أصرخ وأنا أرى أمي التي خبئتني في أحضانها ، كنت جامدة ، ثائرة كالبركان ، تتسارع نبضاتي ، خائفة من المستقبل وعقاب الأيام لما حصل !> فكرة الإنتحار ما زالت مُعلقة برأسي ولن أستسلم إلا أن أفصل روحي عن جسدي ،وفي أثناء انهياري والمأزق الذي وضعت نفسي فيه راودتني فكرة الإتصال بوليد الذي تهرب مني بعد فعلته الشنيعة اتصلتُ به مراراً وتكراراً لعله يجب لكن هيهات وهيهات قد تخلى عني ولا أعلم كيف المصير وأين المهرب ، دخلت أمي معاودة نفس موضوع الخطبة وأن الشاب الذي يُدعى عبد العزيز يود لو أن أسارع بالإجابة > فور ما سمعت ذلك وافقت ! ولا أعلم ما المفاجآت القادمة حتى لا أعلم لما فعلت ذلك وأمي من حولي فرحة كادت أن تبكي من السعادة .
في منزل عبد العزيز بأول ليلة .. *___*
عَلم بالأمر ، أحكم قبضة يده من هول الصدمة لم ينطق نادباً حظه موجهاً لكماته العنيفة إليّ وصراخه يعلو المنزل بأكمله كنت بين يديه كالدمية الجامدة وهو يفرغ غضبه وشتائمه إليّ ، إلى أن رأيته يغادر المنزل ، نظرت إلى الجروح والرضوض التي سببها إليّ وبصعوبة سحبت نفسي إلى دورة المياه و استفرغت ما بمعدتي كنت مصابة بالدوار وكأنني بدأت أفقد التوزان الذي أسقطني أرضاً ، بعد عدة دقائق عدت للوعي وأنا أنظر للمكان وأتذكر ذاك الكابوس والوقت العصيب الذي مررت فيه ، لم أستطع الوقوف على قدماي حركتي باتت ثقيلة وبطني يزداد ألماً ورغبتي في التقيؤ زادت عن ذي قبل ، إلى أن دخل عبد العزيز وهو ينظر إليّ أحاول النهوض لأسمع منه الكلمة التي ستكشف لأهلي ولناس أجمع ما فعلته !> لكنه استلقى على السرير محدقاً للأعلى صامتاً دون أن ينطق بأي كلمة ! >>> فتحت عيناي ويداي على فمي وكأني سأتقيأ وإذا بالممرضة تحاوط يداها مشيرة على بطني وهي تفجعني بخبر الحمل !!!! > صُعقت ، إشمئزيت ، وودت لو أن عبد العزيز يقتلني يفعل بي ما يشاء > كيف ؟ لماذا ؟ ................ { بعدما عَلم عبد العزيز بحمل زوجته من وليد ..! }
ما زلت حرجة من عبد العزيز أنحني على قدماه أقبلها ، إن ضربني سلمته جسدي يخدشه ، يصفعه يفعل ما يحلو له ، إلى الآن لم يطلقني ، إلى الآن ما زلت بمنزله رغم إشمئزازه وإحتقاره مني اصطحبني إلى إحدى الدول الأجنبية بحجة عمله الذي يستوجب منه القعود هناك سنة او سنتين ، كانت الأيام تمضي بنا ولا أياً كان لاحظ حملي سواه كل تلك الأشهر التي يكبر بطني أمام عينيه كنت أصرخ ، أرتجي منه أن يعذبني ، يوبخني ، وددت لو يطعنني بالسكين يأخذ ثأره مني !> لكنه رجل عظيم لم يفعل أي ما وودت بعد أن أفرغ غضبه في الأسابيع الأولى !
مرت الأشهر إلى أن جاء اليوم الذي أنزلت فيه الطفل الذي إدعى زوجي أمام الآخرين بأن ذاك ابنه ، ما زلت لا أحتمل ما رزقني الله ! كيف لي أن أعيش مع هذا الملاك ؟ ، لما لم يطلقني ، لما لم يدفني تحت الأرض ، لما لم يقطع أحشائي ؟ لما فعل ما فعله !!
شيخ الحارة التي نقطن فيها أصر على زيارة زوجي عبد العزيز بعدما عدنا للبلاد فقد كان يسأل معارفه عنه طيلة سفرنا ، تبادلا أطراف الحديث وتبين أن الشيخ جاء في منامه عبد العزيز ولأكثر من ليلة يعاود الحلم الذي له نفس التفسير ، سأله زوجي عن تفسير الحلم بعدما أخبره الشيخ به تابع حديثه بأن ذلك وكأنه بشرى في دخوله الجنة بعد فعل عظيم فعله ، سأله الشيخ بدهشة واستغراب خاصة بأنه شاب كبقية الشباب ما الذي قد يفعله و تكرار الاحلام ذات التفسير الواحد : قص له ما حدث معي !
واقعية بتصرف بقلمي / روانـــــووو