كانا والديّ ( رحمهما الله ) عندما كنت صغير السن يقصان علي عدة قصص
احيانا والدتي هي من تقص واحيانا والدي واحيان كلاهما معا ..
ورغم عشرات القصص التي كانا يسردناها لي إلا انني لا اتذكر معظمها سوى واحده وهي ما سأحدثكم
عنها ...
هذه القصه حكتها لي والدتي عدة مرات وكذلك والدي رحمهما الله وبنفس العنوان ( الغراب ) .. ورغم انه مر وقت طويل على ذلك الوقت ومنذ وفاتهما إلا ان هذه القصه راسخة في ذهني بشكل كبير .. لا ادري السبب الحقيقي لذلك وان كانت المفاجأه التي حدثت فيما بعد هي من رسخت هذه القصه بذاكرتي بشكل عميق ..
تدور احداث القصه في انه ذات مره كان احد الآباء حاملا طفله الصغير على كتفيه يتجّول به بين حقول البلده ..
وهو يمشي به فجأه رأى ذلك الطفل طائرا اسود اللون ..
وبعفوية الأطفال وبرائتهم سأل والده : ماهذا يا ابي ؟
اجاب الأب وبكل حنان وحب وفرح : انه طائر يابني ويطلق عليه اسم الغراب ..
هز الطفل رأسه وكأنه فهم ذلك ولكن ..
وببراءة الأطفال سأل والده مرة أخرى : ماهذا ياأبي ؟
وكان نفس الرد من الأب وابتسامه على محياه : انه طائر الغراب يابني ..
تكرر تساؤل الطفل كلما شاهد ذلك الطائر ووصل عدد تساؤله عن ذلك الطائر ( 100 ) مره وفي كل مره كان والده يجيبه وابتسامته تعلو ثغره ..
مرت السنوات وكبر الأب وهرم ..
ذات مره وهو جالس بجانب ابنه الذي اصبح شابا يافعا ..
فجأه مر طائر امام ناظريه ..
سأل الأب ابنه : ماهذا يابني ؟
رد ابنه : انه طائر الغراب ياوالدي ..
اومأ الاب براسه وكأنه فهم ثم مالبث بعد هنيهه وسأل ابنه مرة اخرى عندما رأى مرور ذلك الطائر مرة اخرى امامه : ماهذا يابني؟
احاب ابنه بتأفف وضيق : انه طائر الغراب ..
فترة من الوقت بسيطه مرت وكرر الاب سؤاله ذلك عند مشاهدته لذلك الطائر مرة اخرى ..
عندها فقد الإبن اعصابه وصرخ في وجه والده : لقد قلت لك انه غرااب .. غراااااب ألم تسمع وتعي وتفهم ذلك ..!!!؟
دقائق مرت فيها سكت الاب وفجأه دمعت عيناه واجهش في البكاء وقال لإبنه : عنما كنت انت صغيرا يابني وكنت احملك على كتفي اتجول بك في معالم البلده سألتني هذا السؤال مائة مره وكنت وفي كل مره اجيبك بكل حنان وفرح والابتسامه مرسومة على ثغري .. والآن فقط انا سألتك ولمرات لا تتعدى الثلاث إلا انك لم تحتمل وصرخت في وجهي غاضبا ..!!؟
لحظات مرت ..
بعدها ارتمى الإبن في حضن والده يقبله وهو يبكي ويعتذر ..
الى هنا والقصه لم تنتهي بعد معي ..
منذ سنوات ثلاث تقريبا وانا اقلب قنوات التلفاز بحثا عن شيئ اشاهده وبالصدفه البحته شاهدت نفس القصه في قناه يابانيه ( مترجمه باللغه العربيه ) ومنذ سنه تقريبا وانا كذلك ابحث بالمحطات فجأه وقعت عيناي على محطه ايطاليه واذ بي اشاهد نفس القصه ( مترجمه باللغه العربيه ) ولكنه كان عصفور وليس غراب هذه المره ..
وهو مايوضح بأن هذه القصه هي بالتأكيد قصه عالمية قديمه من الأدب العالمي ويبدو انها ترجمت للغات عده وان كنت اجهل مؤلفها ولغتها الأصليه وعدم تيقني من انها حقيقه كانت ام مجرد قصه ..
شعور مؤلم تملّكني عندها وانا اتابع القصه في كلا المرتيّن وعادت بي الذاكره لسنوات ماضيه عندما كانا والديّ رحمهما الله يقصانها لي ضمن العديد من القصص ..
كل ما اذكره وانا اتابع هاتين القصتين في التلفاز هو ان كل حواسي ومشاعري اهتزت من رأسي وحتى اخمص قدماي ودمعت عيناي ..
قال تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) صدق الله العظيم .
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نديم الماضي
'
