أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي

لقد تباينت المصطلحات للإجازة الطارئة في التشريعات، حيث أطلقت بعض التشريعات على هذا النوع من الإجازة تسمية “الإجازة الاضطرارية”، والبعض عمد إلى تسميتها ” الإجازة العرضية”، أما المشرع العماني فأوردها في سياق “الإجازة الطارئة”، وحاصل الأمر أن كل المصطلحات تفيد ذات المعنى، ولا مشاحة في الاصطلاح.

إن أهم غاية لهذه الإجازة معالجة أيام الغياب التي تطرأ على الموظف دون أن يتقدم لها إذن مسبق بذلك؛ حيث تلم بالموظف أحيانا ظروف تحول بينه وبين تقديم إجازة؛ فيضطر إلى الانقطاع عن العمل كوفاة أحد أقاربه أو مرض ابنه أو لأسباب عائلية خاصة وطارئة لا يمكن إرجاؤها ولا التنبؤ بوقوعها.

ولبيان ضوابط هذه الإجازة نص المشرع في المادة (77) من القانون المشار إليه أعلاه على أنه: “يستحق الموظف لسبب طارئ يقدره رئيس الوحدة أو من يفوضه إجازة براتب كامل لمدة خمسة أيام في السنة. ويجوز منح الموظف ما لا يجاوز خمسة أيام أخرى لعذر خارج عن إرادته يقدره رئيس الوحدة” ، ويستفاد من النص أن الإجازة الطارئة ليست حقًا مكتسبًا للموظف وبصورة آلية بمجرد ما ينقطع عن العمل؛ وإنما هذا الحق مقيد بمنحه من قبل المختص ـــــــ رئيس الوحدة أو من يفوضه ـــــــ ؛ حيث إن النص ذكر صراحة ما يفيد السلطة التقديرية لرئيس الوحدة أو من يفوضه؛ فقد جاء بصلب المادة ــــــ آنفة الذكر ــــــ ما نصه: “… يقدره رئيس الوحدة… “.

و يشترط لمنح هذه الإجازة أن يكون هناك ظرف طارئ لا يعلم الموظف وقوعه؛ لذا لا يصح قانونا أن تمنح هذه الإجازة قبل حدوث الأمر الطارئ؛ لذا يتعين على الموظف إشعار المسؤول المباشر عن ظرفه الطارئ الذي حال بينه وبين حضوره للعمل، ويقدم الموظف طلبه لجهة الاختصاص بهذه الإجازة وفق النظام المعمول به للجهة الإدارية عند مباشرته للعمل مرفقاً به ما يثبت هذا الظرف إن أمكن إثباته وإلا فلا يلزم ذلك عند تعذره.

كما وأنه لا يلزم بمنح هذه الإجازة أن تقيد بعدم تجاوزها فـي كل مرة من أيام الانقطاع عن العمل (2)يومين ـــــ كما هو الحال في قانون العمل بموجب القرار الوزاري المشار إليه أعلاه ــــــ أو أكثر من يومين ؛ ذلك أن النص في قانون الخدمة المدنية جاء مطلقا دون قيد في عدد مرات محددة في كل انقطاع عن العمل لسبب طارئ؛ ترتيباً عليه يحق للموظف التقدم بهذه العشرة الأيام خلال السنة بعد انتهاء الظرف الطارئ متصلة كانت أو غير متصلة حسب ما يقتضيه واقع الحالة، وبالمقابل لرئيس الوحدة أو من يفوضه تقدير هذا المنح من عدمه.

ويظهر جلياً أن المشرع العماني قد راعى الموظف بإعطائه راتبا كاملا عن هذه الإجازة دون قيد باستنفاد الإجازة الاعتيادية؛ ذلك أن بعض التشريعات قررت شروطاً لاستحقاق هذه الإجازة أخصها عدم منح هذه الإجازة الطارئة إلا في حال عدم وجود رصيد من الإجازة الاعتيادية؛ فإذا ما وجد رصيد للموظف فإن الفترة الطارئة تعالج بالخصم من الإجازة الاعتيادية وبعد استفراغ الإجازة الاعتيادية من رصيده يمنح الإجازة الطارئة وفق الضوابط الأخرى المقررة ؛ عليه تكون الإجازة الطارئة في القانون العماني مستحقة متى توافرت شروطها بصرف النظر إذا كان للموظف رصيد من الإجازة الاعتيادية من عدمه.

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع منح الموظف ما مجموعه عشرة أيام في السنة مقسمّة إلى خمسة أيام يجوز التفويض فيها، وخمسة أيام أخرى لا يجوز التفويض فيها، ولا ينال من ذلك ـــــ أي فيما يخص عدم جواز التفويض في الأيام الخمسة الأخرى ـــــــ أن المادة (89) من ذات القانون نصت على جواز التفويض فيما عدا الإجازات المنصوص عليها في المواد( 84، 85، 87 ) أي إنه بمفهوم المخالفة يجوز التفويض في جميع الإجازات عدا الإجازات المحددة آنفاً ومن ضمنها الخمسة الأيام الأخرى من الإجازة الطارئة؛ ذلك أن السياق يقتضي عدم جواز التفويض فيها؛ وقد اطلعنا على قرارات أعملت النص ــــــــ مثار البحث ـــــــ بما يتوافق وصحيح القانون بإصدار رئيسها قرارات تم التفويض فيها لمديري عموم في الخمسة الأيام الأولى دون الخمسة الأيام الأخرى.

ولا يفوتنا أنه وفي حال التفويض يجب ألا تقل درجة المفوض إليه عن مدير عام ومن في حكمه إعمالاً لنص المادة (3) من قانون التفويض والحلول في الاختصاصات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم(17/2010) والتي جاء فيها : “للوزراء ومن في حكمهم ورؤساء الوحدات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، كل في نطاق اختصاصه، أن يفوضوا بعض الاختصاصات المخولة لهم بموجب القوانين والمراسيم السلطانية إلى الأمناء العامين ووكلاء الوزارات ومديري العموم ومن في حكمهم “.

كما أن هذه الإجازة لا ترحل ولا تتراكم كما هو الشأن في الإجازة الاعتيادية ، وإنما هذه الإجازة تكون خلال السنة فتستنفد بمنحها وتسقط بانتهائها إن لم تمنح، إلا أنه ينشأ الحق وفق الضوابط المقررة عند الأول من يناير في بداية العام الميلادي الجديد وإلى آخر يوم فيه.



ويثور التساؤل فيما لو حدثت ظروف طارئة أو خاصة لا يمكن للموظف أن يثبتها أو يبيح بها؛ فهل هذا يعد سبباً لعدم منح الإجازة الطارئة؟

الجواب يكمن في ظاهر نص المادة (77) محل البحث؛ حيث إن المشرع لم ينص على وجوب تقديم ما يثبت لهذا الانقطاع عن العمل؛ ذلك أن الوقائع المادية لا يمكن إثبات جميعها بمستندات؛ إلا أنه متى ما أمكن إثباتها كمرض مفاجئ لأحد أقارب الموظف يتعين عدم الالتفات عن تقديم ما يثبت ذلك؛ فعلى الموظف أن يبادر إلى الجهة التي تولت العلاج بما يثب حضوره؛ ليسهل منحه إجازة طارئة، وأما إن كان الظرف الطارئ لا يمكن إثباته أمام الجهات الرسمية كأن يكون الموظف عنده ظرف خاص يحول دون الإفشاء به؛ فلا يستساغ معه القول جملة وتفصيلاً إظهار هذا الأمر فيتحفظ على هذه الخصوصية ويكتفي ببيان أن لديه ظرفا طارئا منعه من الحضور للعمل، وفي نهاية الأمر يبقى التقدير لرئيس الوحدة أو من يفوضه على النحو سالف التفنيد بالموافقة من عدمه



Read more: https://www.atheer.om/archives/44933...#ixzz5pynlNGTX