كثيرة هي الهواجس والأفكار التي تنتاب الشّاعر، فقد لا يرضى عن نصوصه أحياناً، وأحياناً يتيه على نفسه مفاخراً بها، وقديماً كان إعجاب الناس بقصيدة ما يحجبُ الالتفات إلى بقية المنجز الإبداعيّ للشّاعر الذي قد يكون مهماً لتنوعه ونضوجه الأشد وضوحاً من تلك القصيدة المعجِبة.. حدث هذا في المجاميع الشّعرية من المعلّقات إلى المذهّبات إلى الحماسات المتعددة إلى المختارات التي شاعت كثيراًَ في التأليف وزخرت بها المدونة الشعرية العربية، ليُختصَر الشاعر وتجربته بنصّ يتيم، عُدّ على حين غفلة أنّه متفرِّد.
ومع تطور فكر التأليف الشعري، وشيوع الدواوين الخاصة ذات العناوين المحددة، صار أمر إصدار الديوان مهمة ليست سهلة، بل إن إصدار أيّ كتاب هو كذلك أيضاً، بدءاً من اختيار النصوص التي يجب أن تنتظمها حالة شعرية وشعورية واحدة، أو موضوع محدد، أو أسلوب فني مقصود بعينه ليمثل حالة تجريبية ما، وانتهاء باختيار عنوان جامع لتلك النصوص بحيث يكون ناظماً بصورة ما للنصوص المختارة. وهنا يقوم الشعراء، وما أكثر الذين فعلوها، بإطلاق اسم نصّ من نصوص المجموعة لتكون عنواناً للديوان، وفي هذا استسهال واضح، وعادة غير محمودة العقبات الفنية والدلالية، وصولاً إلى الناحية الفكرية والفلسفية التي يقوم عليها الكتاب بشكل عامّ.