قرأت في إحدى المرات عبارة تقول صاحبتها "لم أجهل الحقيقة يوماً، لكنني أمارس العمى باحتراف كي أعيش"، التجاهل هنا قد يخفف من صدمة الواقع الحالي، ولكي نتجنب الألم علينا أن نتجاهل ونتخيل ونكذب أحيانا ونصدق الكذبة التي نصنعها لكي نعيش بسلام وبدون توتر أو صراع نفسي داخلي.التجاهل فن لا بد منه والإلمام به والتدريب عليه، بما يسمى فن إدارة التجاهل، فقد تتعرض خلال حياتك اليومية لكلمات مشينة وسيئة، ومواقف حرجة لا يسعك إلا تجاهلها.قد تجد بعض الناس شخصيته متصيدة ويعتبر هؤلاء التجاهل ضعفا، ويتلذذون بتصيد الأخطاء ويتقصّوْنها من الآخرين، وبعضهم يعتبرون التجاهل مرادفاً للقوة، ويستخدمونه بطريقة جيدة لتقليص الأخطاء، أو استدراج الآخر لمعرفة ما عنده.والتجاهل حقيقة يتأثر بالسمات الشخصية والأهداف والأخلاق، مثل قصة الأم التي تشتكي من عقوق ولدها، وعندما تم النظر في حالة الأم، فهي متطلبة جداً ودقيقة جدا لدرجة الاختناق، فما كان من الولد إلا أن أصبح يهرب من والدته ولا يعير لها اهتماماً، والحل هنا يبدأ من تجاهل الأم لبعض تصرفات الولد، ولأن الحب والبر لا يأخذان بالقوة والقسوة وكثرة الطلبات، وإنما يطلبان بالحب والحنية والكلمة الطيبة، فلو تجاهلت الأم بعض تصرفات الولد في بعض الأمور العادية دون إلحاح أو ترصد لزاد من حبه وبره لها.فالتجاهل في بعض الأمور والمواقف الحياتية يصبح شيئا رائعا وجميلا، خاصة عندما يكون حولك الكثير من الضغوط، لا تركز في كل ما حولك من مضايقات، بل اغفل والتفت عنها بعيداً، فإن التركيز والتفكير في هذه الأمور والحديث حولها بالشكوى والتذمر يزيدك ألما وتعباً، أما تجاهلك لها فيريح أعصابك ويمنحك طاقه لبقية يومك، حاول أن تتجاهل بعض المكدرات والسلبيات مثل سلوك فلان وكلام علان، وماذا كان يقصد بهذا الكلام وسترتاح.صحيح أنه من الصعب طبعاً أن تبقى في حالة غفلة أو تجاهل تام طوال الوقت، وكثيراً ما ينهار الإنسان مهما حاول، لكن التجاهل أفضل من أن يبقى طوال الوقت متوتراً قلقاً.والتجاهل بالتأكيد لا يعني أن لا يحاول الإنسان معالجة مشاكله ويهرب منها، لكنه يفيد في التعامل مع ضغوط الحياة البسيطة المتكررة، والتي قد تدفعنا إلى التوتر أحياناً.فالتجاهل إذا جاء من نفس راقية، ونفس واثقة مطمئنة، وكان مصدره القناعة، فإنه يدعو إلى التقارب بين الناس ويزيل الكثير من الخلافات بينهم وقليل من يتقن هذا الفن.