أعاني وما يَدْرِي الورى عن مُعاناتي |
ولم يَسْمَعِ النَّشْجَ الأليمَ وآهاتي! |
وكيف وبَوْحُ الحُرِّ يَجْرَحُ رُوحَهُ |
فيَطوِي على الدَّامي المُؤَرِّقِ.. والعاتي! |
ويُسْعِدَه الكِتْمانُ حتى كأّنَّهُ |
ضَرِيحٌ يُوارِي بُؤْسَه في الغَياباتِ! |
ويَبْتسِمُ والأَضْلاعُ مِن وَقْدة الحَشا |
تُحِسُّ بِإزميلٍ يَقُدُّ لِنَحَّاتِ! |
ويَحْسَبُني الرَّاؤون شَخْصاً مُرَفَّها |
سعيداً بِماضِيَّ الحفيلِ.. وبالآتي! |
يَظُنُّونَ أن المالَ والمجْدَ جَنَّةٌ |
وأَنَّهما مِرْقاتُنا للسَّماواتِ! |
وأنَّهما لُبُّ السَّعادِةِ.. والمُنى |
لِطُلاَّبها تَأْتِي على غَيْرِ مِيقاتِ! |
شَجاني الأَسى مِمَّا يَظُنُّونَ جَهْرَةً |
وقد هَتَفوا من جَهْلِهِمْ بِالعَداوات! |
ولو عَلِموا أَنِّي الشَّقِيُّ بِكُلِّ ما |
يَظُنُّونَهُ سعْداً يُضِيءُ بِمِشْكاةِ! |
لَكَفُّوا عن اللَّغْوِ المَقِيتِ. وأَقْلَعوا |
عن الظَّنِّ يُلْقي رَهْطَهُ في المَتَاهاتِ! |
فما السَّعْدَ إلاَّ في الرّضا فهو نِعْمَةٌ |
مُبَرَّأَةٌ تٌفْضِي بِنا لِلْمسَرَّاتِ! |
فما مالُ قارُونِ.. ولا مَجْدُ قَيْصّرٍ |
بِمُغْنٍ عن الباغي – إذا طاش – والعاتي! |
ولن يَضَعا في البالِ ذَرّةَ راحةٍ |
سوى راحةِ الذِّئْبِ المُتَيَّم بالشاةِ! |
ولو أَنَّني خُيِّرتُ لاخْتَرت فاقتيْ |
إذا منَحَتْني بالرِّضا.. رِفْعَةَ الذَّاتِ! |
فما المالُ والمجْدُ لِلْورى |
إذا اسْتَأْذَبَا واسْتَشْريا غَيْرُ آفاتِ! |
ألا لَيْتَ أَهْلي الأقْرَبِينَ ورُفْقَتي |
بَصائِرُ تسْتهْدي بِرُشْدٍ وإخْباتِ! |
فلا تَنْحَني إلاَّ إلى الله وَحْدَهُ |
ولِلْمَجْدِ مَجْلُوّاً بأَصْدَقِ آياتِ! |
فقد تٌهْلِكُ الأطماعُ مَن شُغِفوا بها |
وتَهوِي لٍلْقاع مِن دون أَقْوَاتِ! |
أّنِلْني الرِّضا – يا رَبِّ – غَيْرَ مُبارحٍ |
حَنايايَ إنّي بالرَِضا خَيْرُ مُقْتاتِ! |
وبارِكُه بالإِلهامِ يَهْدى قَريحتي |
إلى قممٍ شُمٍّ تَضُوعُ بأَبْياتي! |
قَصائِدُ غُرُّ ليس فيها تَمَلُّقٌ |
ولا جَشَعٌ يُفْضِي بِها لِلْغوايات! |
فما الشِّعْرُ إلاَّ حِكْمةٌ وتَرَفُّعٌ |
وإلاَّ سُمُوٌّ ما يَجِشُ بِسَوْءاتِ! |
ولكنَّه يَهْدي ويُعْلي ويَرْتَقي |
إلى ذُرْوَةٍ تَشْفي الورى بالمُناجاةِ! |
إلى ذُرْوَةِ تَشْدو بِشِعْري وتَنْتَشِي |
وتَهْتِفُ بالمُصْغِينَ والصَّخَراتِ! |