الثوب الجديد

هو وافد في العقد الخامس من العمر ..يتاجر في الاقمشة والمنسوجات ويوصلها للمنازل وقد ألفت تقاسيم وجهه المجعدة منذ ما يقارب السبع سنوات..اعتاد ان يتجول في الحارة حاملا بضاعته على رأسه بكيس أسود ضخم ككيس جمع القمامة
ومع الوقت اصبح يدرك تجمعات النسوة اللواتي يتجمعن لقهوة الضحى..يحضرلهن ما استجد من اقمشة ومنسوجات..وبعد سنوات اصبح لديه شريحة واسعة من المتسوقات حيث يوصينه بالالوان المطلوبة العدد..وكان صبورا لايلح في سداد ديونهن
كن يسمينه(عياد) لا أدري سبب التسمية وكان هذا الاسم يغضبه الا انه مع الوقت اصبح يستسيغ الاسم ويتقبله
وفي احدى جولاته لتوصيل احدى الطلبيات المنسوجات رأى دوريه الشرطة تتجه اليه وكانت بتلك الفترة العيون الساهرة دؤوبة على الامساك بكل من يخالف قانون الاقامة وان يتجاوز شرعية الدخول الى البلاد
فما كان منه الا ان أطلق ساقيه للريح تاركا خلفه كيسا أسود محمل بانواع شتى ..فهو مسجل ببطاقه العمل خياط وليس بائع متجول
وبعد ان اختبى لوقت ليس بقصير عاد الى موقع الكيس الذي تركه أمام احدى الابواب ولم يجده..طرق الباب على امل ان تكون صاحبة المنزل اخذته لتحفظه له لكن رجاءه خاب بعد أن علم انها لم تكن على علم بوجود الكيس أمام بيتها
كاد ان يجن..فالبضاعة قد أستدانها من التجار الى حين الحصول على المبالغ من النساء فيوفي حقها لاصحابها
أستنجد بعد الله بكفيله الذى جاء اليه وحمله لمركز الشرطه على ان يتم تسويه الامر ولو استدعى الموضوع على التعهد بعدم تكرار المخالفة
لكن مساعيهم اصطدمت بحائط مسدود حين علموا بأن المركز لم تصله اي بلاغ او بضاعة مصادرة ولا توجد دوريه أرسلت الي تلك المنطقة
حرقة وغصة المت بهذا المسكين ..فلا هو ربح بضاعته ولا سدد قيمتها
وهو الان يحتاج رأس مال ليبدأ من جديد..عوضاعن اضطراره لدفع قيمة البضاعة المفقودة
فشكا غريمه للذي لا يغفل ولا ينسى

وعودة لفك لغز الكيس ..فافراد الشرطة كانوا في طريقهم لاحضار احدى المتهمين حين طلب رفيق لهم بايصاله لبيته
فهو لم يحضر مركبته فقاموا بتوصيله ثم التوجه لمباشرة المهمة
وما ان ترجل صاحبنا حتى رأى الوافد وهو يلوذ بالفرار تاركا خلفه بضاعته وبما ان بيته قريب حمل الكيس على سبيل الدعابة ولكي يبث الرعب في قلب الوافد
وما أن دخل بيته واخذ يقلب مافي الكيس حتى سولت له نفسة الانفراد بالغنيمة واخذها لزوجته وبناته لا سيما ان لديه 5بنات
فأدخل الكيس على زوجته وقص عليها قصة البائع وطلب مشورتها في ما عزم عليه لتأتي المشورة بالايجاب
انتشرت قصة البائع والبضاعة المفقودة بين النسوة ولكن لم يستطيع احد التوصل السارق
اما الاقمشة فكانت قابعة في إحدى خزانات الملابس في بيت لفته العتمه وغابت عنه الخشية من الله واستحلال مال السحت
وبعد سنة كاملة على إخفاء الحقيقة..قامت الزوجة باخراج الاقمشة واكدت لبناتها انها اشترت لهن اقمشة تمهيدا لتفصيلها للعيد
وقامت بتوزيع الاقمشة عليهن
وبعد اخذ المقاسات واختيار أفضل الموديلات والتطريزات..عادت الام فخورة للبيت لكونها وفرت قيمة المنسوجات
شهرين قد مرا وحان استلام الملابس ذهبت وزوجها لاحضار الملابس الجديدة من الخياط فلم يبقى على العيد شي
ولسخرية القدر لا زال الكيس الاسود يحتضن الاقمشة شاهدا لما حدث
وبعد التجوال بالسوق والانتهاء من شراء حاجيات العيد عادوا منهكين وانشغل الجميع بما اشترى
الا ان الام وبناتها قد نسوا الكيس الاسود بما يحويه فالسيارة
وفي الصبح وبينما يستعد الزوج للانطلاق للعمل طلبت منه زوجته بان يضع أكياس القمامة فالحاوية المخصصة
حيث تكدست الاكياس بعد الاستنفار لنظيف المنزل وتهيئته لاستقبال العيد
وبالفعل قام الاب بحمل الاكياس بالسيارة ورميها مع احدى الحاويات المخصصة
ثم ذهب يباشر عمله ليفاجى بزوجته تتصل به لتسأله عن الكيس الأسود ومابه من ملابس ليأكد لها بأنه لا يعلم عن اي كيس تتحدث
ولم يمض الكثير من الوقت حتى أستوعب الزوجان ما حدث ليعود الزوج الا مكان القمامة الا انه وجدها نظيفه قد سبقوه عمال لنظافة لها
ليسرع الى شركة نقل القمامة-الفرع الاقرب لكنهم اكدوا له عدم استلام مفقودات او موجودات
اخذ الالم يعتصر قلبه..فقد أوشك العيد ان يحل وبناته صغار السن لا يلبسن الجديد
لقد قال الحق العدل كلمته..وانه يمهل ولا يهمل
وما هي الا يام حتى تكشفت الحقيقة للجميع بعد ان شاعت قصة فقد الملابس في حاوية القمامة واعتراف الزوجة المكلومة لاحدى جاراتها بمصدر الاقمشة
فقد وأدت فرحة بناتها فالمهد قبل ات تكتمل
ليحل العيد ضيفا ثقيلا على تلك الصغيرات بلا ثوب جديد


بقلمي...