للأسف الشديد باتت كلمة "
الحرية "
مفرّغة من مضمونها ،
حتى أمست
" هلامية "
المعنى !
لتشمل العديد من المعاني التي لا تعدو أن تكون معاني فلسفية وتنظيرية !
وهي تفسر أو " تفصل" على مقاس الشخص " ، وإذا جئنا إلى المستوى السياسي ،
نجدها كلمة مطاطة ترادف كلمة " الإرهاب " في القياس من حيث كيفية ، وتوقيت ،
وتزامن استخدامها !
فالحرية في معناها عند أولئك القوم هي :
التجرد من الأخلاق ، والمبادئ ، والقيم ، بحيث يكون الإنسان
يعيش كعيش
" البهائم "
، وعلى قاعدة الغاية تبرر الوسيلة !
وبهذا :
نجد اليوم ما تموج به المجتمعات من جحيم تلك الارتكاسة
التي اعادتنا لعصور
" الإنسان البدائي " !
ولقد :
انبرى الكثير ممن تستهويهم الحياة الخالية من القيود ليركبوا تلك الموجة !
ويروجوا لها ! ومن ثمارها ما نجده اليوم في الساحة من
انحطاط
أخلاقي
على المستوى
الإجتماعي
و
الفكري
ومنها :
بروز روايات يندى لها الجبين ! على سبيل المثال لا الحصر ،
ناهيك عن التيارات التي ابتليت بها الأمة
" لتزيد الطين بِلة "!
أما قولي :
بأن الحرية رديفة كلمة الإرهاب
؟
لكون كلمة الإرهاب ما هي إلا سيف مسلّط في
رقاب من أراد الخلاص ، والفكاك من هذا الواقع الآسن !
فالحرية :
كلمة ملمسها ناعم ، وكلمة رنانة ،
أما كلمة الإرهاب :
فهي عصا غليظة على ظهور من أراد العصيان ،
والتنكب عن ما خطط له .
خلاصة القول :
أن "الحرية " :
أصبحت شماعة لمن أراد المجاهرة بما تملي له نفسه وهواه ،
متناسيا أن الناس كذلك يشتركون في تلك الحرية ،
لكون الراحة والاطمئنان هي حرية تلامس حياتهم أيضاً ،
والإشكالية
:
عندما تكون الحرية ليس لها ضابط ، ولا حد ، ولا مرجع ، وبهذا تكون قابلة للإجتهاد من هذا وذاك ،
ومما أعجب منه عندما تتعدى الحرية حتى أسوار قدسية الدين ، فترى البعض يخوض في فروع
وأصول الدين متمتما بأنها حرية شخصية !
وعجبي يزداد
:
عندما يأتي إلى القوانين الوضعية مثل القوانين المدنية ،
ومواد الدستور في الدولة تجده يخنس ويسكت ويعطل ذاك المبدأ الذي
ينطلق منه في بتر ونسف ما يمت للدين بصلة !
وهنا
:
يظهر الإنفصام في تأويل معنى الحرية .
ولا غرابة في ذلك عندما نجد كبرى دول العالم التي تتشدق بالحرية ،
لنجدها تكفر بما تتشدق به عندما يكون الأمر يتعلق ب "
الهولوكوست
"
مذبحت اليهود _
كما يقال
_ "
على سبيل المثال
" ،
ليكون جلياً مدى تمييع وتطويع تلك الكلمة ،
وتشكيلها وفق الظروف والمعطيات !
يقول "
بيير كارلي
"
_
أستاذ فسيلوجيا الأعصاب
_ :
"
العلم يهدف إلى تمكيننا من معرفة أفضل بالعالم وعلاقتنا به ،
كما أن العلم ينير لنا الطريق في صدد ما يمكن فعله ، وبخصوص الوسائل والإمكانات المتاحة ،
أو الرهانات والمخاطر ، أما _ الإيمان _ فيقول : لنا ما ينبغي فعله لكي نعطي لحياتنا معنى ،
إنه يقدم لنا الغاية من الوجود والقيم وأسباب الأمل والعمل
".
حال
"
بيير كارلي
"
أختي الكريمة
:
هي
صرخة
ممن يتحشرج في قلبه نبض
الإيمان
، الذي يغالبه ذلك السيل الجارف من
الماديات
،
التي جعلت من العلم والتقدم معبودا يعبد من
دون
الله
! فأصبحت أجساد أولئك
خاوية
ليس فيها معنى
للحياة
،
لتجديها
:
أرواح تشكو
الجدب ،
و
القحط ،
و
شح
من
الإيمان
، فما هذهِ الحياةِ إلا قصة البحث
عن طريق
السعادة
، و
الأمن
، و
الإستقرار
،
ولن
:
ينعم قوم بتلك المعاني السامية لتكون واقعاً يتفيؤن ظلاله ،
إلا على الطريقة التي أمر الله الناس أن يكونوا عليها ،
وحقيقة ذلكَ
:
تتجلى اذا ما نظرنا إلى حال أولئك الذين بحرزون التقدم
العلمي والتكنلوجي ،
وفي المقابل
:
نجد تلك الإخفاقات في الوصول إلى تقدم على الصعيد النفسي والروحي والإجتماعي !
لتكون تلك الأمنية التي يرتجيها الناس مع توفر وسائل الراحة والترفية أن تنعكس على حياتهم الروحية ،
والنفسية ما هي إلا أمنية يصعب ويستحيل تحققها ! فالله من خلق وأبدع خلق الإنسان ،
وهو
:
يعلم ما يصلحه ويسعده ، وأن طريق السعادة لن يلجها ويخطوها بغير التسلّيم والخضوع لله ،
هنا تكون الحرية مقيدة عندما تكون في ظل قوانين الله .
ليبقى السؤال
:
الحرية كيف تراها أنت
؟
دمتم بخير
...