يتجلى في سياق التأمل في مشاركة المجتمع الدرزي الفاعلة في الحرب الأهلية السورية تجاهل مسألة أولويةٍ للدروز تتمحور حول بقائهم.
لقد بقي الدروز، رسمياً، محسوبين على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في حين تحاول الطائفة ،التي لا تحظى بقائد سياسي فعلي لها في سوريا، الحفاظ على موقف موحد حذر.
إلا أن المسلحين المعادين للنظام كانوا يحرزون تقدماً في مناطق انتشار الدروز في كل من شمال سوريا وجنوبها، حيث تحتل مسألة البقاء الأولوية.
ويمنح تاريخ الدروز في المنطقة مؤشراً على الخطوة التالية، حيث الأمثلة كثيرة على اتخاذهم موقفاً حذراً في الصراع.
فخلال الاجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 1982، انتظر المقاتلون الدروز انخراط حزب الكتائب اللبنانية في حرب السيطرة على مناطق جبل الشوف الدرزية المسيحية المشتركة، وسارع الزعيم الدرزي الشاب آنذاك وليد جنبلاط إلى شن حرب دموية على القوات اللبنانية، لاستعادة السيطرة على المنطقة.
أما في عام 2004، حين طردت القوات السورية من لبنان بفعل الضغوطات، فقد انضم النائب جنبلاط إلى التحالف المناهض لسوريا.
وها هم دروز إسرائيل اليوم يطالبون بتدخل عسكري دولي في سوريا، ويطلقون حملات تبرعات لإخوانهم السوريين، ويضغطون على حكومة اسرائيل لمساعدتهم.
وقد خضع وزير الحرب الاسرائيلي موشي يعالون أخيراً، لمطالبهم، وصرح علانيةً بأن اسرائيل كانت تقدم المساعدة للمتمردين السوريين لإبقاء الدروز بمنأى عن الخطر المباشر، في خطوة تسطر الروابط والعلاقات المعقدة بين أبناء الطائفة على امتداد المنطقة.
حين ينخرط دروز سوريا في الحرب الدائرة، فسيشكل ذلك مؤشراً حاسماً على بداية انتهاء حكم الأسد، حيث الثابت الوحيد في المجتمع الدرزي هو حفاظهم على مصالحهم الخاصة.
رد مع اقتباس
