حكاية عُـــمان وثــوب الحـــداد
العاشر من شتاء يناير 2020 قالت الأرصاد الجوية العمانية أن أجواء السلطنة ستتأثر بأخدود من منخفض جوي ستجتاح السلطنة أمطار متفرقه وبالتحديد على الجزء الشمالي منها ..
كان يوم الجمعه وعوائل عُمان تلتف مجتمعه لم يكن هنالك أي مؤشرات تدل أن ثمت خبر موجع يلوح في أفق البلاد ، إلى أن سمع الناس أنه تم أستدعاء المنتسبين للجهات العسكرية ..
بدأ الوجن يتسلل إلى الأنفس وبدأت الأخبار تتداول أن حرب طاحنة تقترب من البلاد ، وصار صناع الإشاعات يحاولون دس سمهم وسط الخوف الذي سكن القلوب ومارسوا سوءاتهم ، ولكن هيهات هيهات أن تنال من شعب يربطهم حب عُمان والولاء إلى أرضها وقائدها ..
مرت الساعات ثقال بين متوقع ومحلل لما يحدث فأنتشرت الأسئلة ماالذي يحدث ؟ وما الذي يقترب منا ؟! الخوف يتزايد والقلب بدأ ينبض أكثر والأطراف تمر بحالة أرتعاش ، بعد مالوحظ أن هنالك أنتشار واسع لأفراد ومدرعات من الجهات العسكرية تمتد من بيت البركه العامر بولاية السيب إلى مقبرة الأسرة الحاكمة في ولاية بوشر ..
هنا بدأ الناس يشتمون الخبر بين مشكك ومؤكد أن رحيل السلطان المفدى قابوس بن سعيد بن تيمور رحمه الله قد أقترب ، وصلت الساعه إلى الثانية فجراً الحادي عشر من يناير ، نام البعض والنيام بيته بأن يصحى على أشراق شمس السبت وهيه تحمل معها خبراً يرد الروح إلى مكانها ، ويعود تدفق الدماء كما يجب ولكن لم يكن ذالك السبت ..
الرابعة فجراً الحادي عشر من يناير الغيوم تلبد سماء مسقط ، الفجر يلفظ أنفاسه الأخيرة ، أولئك الذي سهرو الليل ولم ينامو ثبتو موجاتهم على أذاعة سلطنة عُمان ، وضعو حالة التلفاز على القناة الرسمية لسلطنة ، شريط أحمر عــــريــــض يظهر أسفل الشاشة كتب عليه عاجـل ، يظهر المذيع المتماسك بصوته الجش الرخيم وعيونه التي تحبس الدموع ، يعلن أعظم خبر وقع على قلوب ونفوس كل العمانيين الذين سهرو أناذاك ، وقال في خبره بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره وببالغ الحزن وجليل الأسى ممزوجين بالرضاء التام والتسليم لأمر الله ، ينعى ديوان البلاط السلطاني المغفور له بأذن لله تعالى السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور المعظم الذي أختاره الله إلى جواره ، فبهت الذي سهر وسمع الخبر ، مات الحبيب وأنتهت قصه لأعز الرجال وأنقاهم ..
قابوس بن سعيد في ذمة الله ، حمل الأعز والأنقاء بجنازه متواضعه كما أرادها ، لكنها عسكرية مهيبة تليق بمقامه ، توشحت بعلم الحبيبة عُمان الأبيض والأحمر والأخضر مطرزه بالسيفين والخنجر، حملها الأحبة على الأكتاف والعيون تشرح الغصه والألم ..
ماكان يجدر على العالم أجمع أن يراه ويركز عليه كيف أنتقلت سلطة الحكم في بلادنا الحبيبة عُمان بسلاسة تامه وأنسيابية كبيرة ، إذ أنه تم وفي خلال ساعات معدوده إعلان وفاة المغفور له جلالة السلطان قابوس ، وإجتماع مجلس الدفاع ومجلس الأسرة الحاكمة وأختيار السلطان هيثم بن طارق بن تيمور سلطاناً للبلاد ، ثم مراسم التنصيب كل هذا مر بطريقة سلسة دون أن تشوبها أي شائبة ..
رسخت عُمان للعالم أن سلمها وأستقرارها في داخلها قبل خارجها ، نعم جلالة السلطان قابوس رحل ولم يعد هنا ، رحل وترك كل القلوب مفجوعة برحيله ، رحل وأبقى الصور لنتمعنها وترى أدق تفاصيلها ، رحل وجعل أسمه في دعواتنا كنقش محفوراً دائم وكأنا ثما قطعة من الروح أنتزعت ، رحل وانقلب شريط الذكريات كيف وقفنا على الشارع نلوح بأيدينا له ، رحل ونستذكر أيام أغانينا في حفل أعيادنا الوطنية وكيف نردد قابوس أبي وتزهو بك الأعوام عاماً بعد عام ، رحل عن الدنيا ولكنه باقي فينا باقي إلى الأبد ..
هذا هو الوقت لنرد الدين للوالد الراحل ولعُماننا العظيمة ولنكون يداً متحده مع سلطاننا هيثم بن طارق ، ونرفع راية عُمان خفاقة تعلوا دائما .