أخي الغالي القلم الراقي / صــــدى صــــوت
مساء الخير والنور
الكتابة وخصوصا في المجالات الأدبية سلاح ذو حدين .. فأنت بقلمك / السلاح تقدر أن ترفع بلدا وتقدر به أيضا أن تسفل بلدا .. تقدر أيضا بنفس هذا السلاح أن تؤذي غيرك خصوصا إذا تعلق الأمر بجانب ديني أو إجتماعي أو تربوي وقد تؤذي نفسك إذا كان ما ستكتبه سيجرك والعياذ بالله إلى إثم أو جحيم أو إلى سجن أو موت .. كل هذه وتلك مؤذيات قلمية وضرر يصيب جهة أو جهات ..
بعد أحداث الربيع العربي والتي لم نسلم نحن منها أيضا على اعتبار أننا جزء من هذه الأمة ومن هذا الوطن الكبير بكل ما يجري فيه .. بعد هذه الأحداث أفرزت ثورات هذا الربيع مفاهيم وأفكار جديدة تبناها الشباب العربي بالمقام الأول ومن بينها الحرية والعدالة الاجتماعية وحرية التعبير والرأي ..... إلخ مع أن هذه الأفكار أساسا قوالب قديمة جدا من زمن الثورة الفرنسية وظفها الغرب والصهاينة والعملاء من أجل خلق بلبلة وأزمات حادة في البلدان المستهدفة والوطن العربي كان وما يزال هو المستهدف رقم واحد بهذه المخططات ذات الوجه البريء .. فعلوها من قبل أو قل جربوها على شعوب عدة .. جربوها على روسيا القيصرية في وجه شيوعي يجعل من العنف مرتكزا أساسيا له للوصول إلى أهدافه عن طريق تحطيم الدولة والمجتمع بنفس أبناء البلد أنفسهم .. جربوها بعد عقود من السنين على الاتحاد السوفياتي ( روسيا سابقا ) فنفثوا في روح الشعوب التي تقع في قبضة الدب الروسي وراحوا يؤلبون الشعوب على الانفصال تحت دعاوى القومية والوحدة الوطنية والاستقلال والحرية والرغبة في الانفتاح على العالم الحر .. طبعا تمت هذه الأمور بيد الغرب وبقيادة أمريكا بهدف القضاء نهائيا على الاتحاد السوفياتي وإحلال قطب واحد للقوة يحكم العالم بدلا من قطبين ( شرقية وغربية ) أو روسيا وأمريكا .. وتحقق مراد الغرب وانهار الاتحاد السوفياتي وانكمشت مساحة روسيا الهائلة وصارت على الوضع الحالي .. قوة عالمية درجة ثانية و ربما ثالثة .. وغيرها وغيرها من الشواهد التاريخية الكثيرة المعاصرة .. وهنحن العرب أولاء نذوق الان ثمن إنسياقنا وراء بريق هذه الأفكار المضللة لدرجة أعرف شخصيا مثقفا عمانيا لا يخجل أبدا من التبجح بالقول بكل زهو وخيلاء وبتصريح الواهم الواثق من وهمه :
ـــ أنا إمبريالي علماني ملحد !!
ونعرة الـ ( أنا ) هذه ما كنت صدقا أسمعها منه أو أقرأها له إلا في السنوات الأخيرة التي تلت رياح الربيع العربي .. نعم وبكل تأكيد أنا مع الفكر المنفتح والمعاصر ولا أرفض مطلقا كتابات الادباء الغربيين بل أن مكتبتي تعج بهم .. من واجب كل مثقف وكل متعلم أن لا يغلق نوافذه في وجه العالم .. بل من واجبنا كأمة مسلمة أن نتواصل حضاريا مع أمم العالم ولا نكون أمة منغلقة على ذاتها .. لكن قبل كل شيء علينا أن نضع عدة إعتبارات مهمة جدا في تعاطينا الفكري مع العالم وخصوصا مع الغرب وأهم هذه الاعتبارات أن لا نلغي شخصيتنا القومية ونتشرب بفكر ليس فكرنا وبروح ليست روحنا وأن نلبس أثواب غيرنا التي قد لا تصلح لنا لا شكلا ولا مقاسا .. هذا الانسلاخ التام في عقول الشباب وبالأخص المثقفين منهم هو بالضبط ما أراده الغرب أن نصير عليه وذلك كما قلت تحت مسميات ودعاوي ومطالبات مختلفة كلها تتجه بالعقل العربي إلى نفس الفخ الغربي الذي وضعه الغرب له في قوالب متعددة ذات بريق خادع .. وانساق بالفعل الكثير الكثير من شبابنا وشاباتنا صوب هذا الفخ القاتل .. وكانت النتيجة فـلـتـان فكري مخيف ظهر فجأة وطفى على السطح متخذا من قوارب الحرية وحرية التعبير والانفتاح وسيلة له يبحر بها إلى المجهول الغامض الذي يظن أنه عينه ( الفردوس المفقود ) .. وبدلا من أن يجعل إبحاره الفكري الهدام لذاته وجهه وبطريقة آثمة ومقصودة إلى بلده .. إلى وطنه الذي ولد وعاش وتربى فيه وأكل من خير ترابه وفيه تعلم وتخرج من الجامعة .. فكان أن شاهدنا هذا الفكر السام ينثر ( ملحه ) على أرض الوطن متباهيا بفعلته النكراء ثم رأيناه بدلا أن يزرع زرعا طيبا لوطنه يؤتي لهذا الوطن وأهله أطيب الثمر رأيناه ينثر وبخبطة سريعة وبلا بطء ينثر بذور ( رولته ) على أمل أن تصل جذورها المدمرة إلى أساسات البيت العماني وتجعله من ثم بيتا آيلا للسقوط بعد أن تتصدع جدرانه وأساسات قواعده بفعل توغل تلك الجذور .. وكأنه حاقد على بلده وأهل بلده ..
أقول ختام هذه المداخلة :
ـــ لا تزال الكرة في ملعب الحكومة والشعب وما زلنا باتحادنا وخوفنا على بلدنا وأبناء بلدنا .. مازلنا قادرين وبحزم منع هذه المهازل وعدم تكرارها مرة أخرى .. فعمان غالية جدا ولن نسمح كشعب بتشويه صورة بلدنا وبيد منحرفين مستعدين أن يخونوا بلدهم في سبيل شهرة عابرة تطفو مؤقتا كفقاعة داخل فنجان ..
لك شكري أخي صدى صوت وأهلا وسهلا بك
كل التقدير