النفسُ سرُّنا المكنون، تُناجي الصمتَ في خفاء،
وتُخفي وراء ابتسامتها أعمق الحروب.
هي البحرُ الذي لا يُدرَك عمقه،
والهواءُ الذي يملأ الروح دون أن يُرى.
عرض للطباعة
النفسُ سرُّنا المكنون، تُناجي الصمتَ في خفاء،
وتُخفي وراء ابتسامتها أعمق الحروب.
هي البحرُ الذي لا يُدرَك عمقه،
والهواءُ الذي يملأ الروح دون أن يُرى.
النفسُ وطنٌ لا يُرى،
تسكنه الأشباحُ والأحلامُ،
تُولدُ فيه الحريةُ وتُدفنُ فيه القيودُ،
وكلُّ صمتٍ فيها صرخةٌ لا يسمعها إلا القلب.
لديك مساحة أمان...
فلماذا تُزاحم الألم؟!
ولديك خزائن الفرح...
فلماذا تستثير القلق؟!
إلى ذلكَ المارِّ على دثارِ الوفاءِ، الذي باتَ خرابًا ينعقُ فيه الغرابُ المنكوبُ...
لكَ الألمُ — يا عابرَ القيمِ — حين تعبرُ عليها فلا ترى سوى أطلالٍ شاخصةٍ تروي حكايةَ الزوالِ، وأثرًا بعدَ عينٍ تهمسُ بأنّ المروءَةَ قد نُفيت من ديارِ الإنسان!
مخلّدٌ ذكرُها من غيرِ أن تُسكن، ولم يكن نصيبُها غيرَ دمعٍ على ضريحِها يُسكبُ، كأنّها قيمةٌ وُئدت في رحمِ التزاحم، وبُعثت في ذاكرةِ الأسى والخذلان.
اهتزّت بوصلةُ التعريفِ والتصنيف، وتلاشت الحدودُ بينَ النقيضِ ورديفِه،
حين باتَ الوفاءُ شعارًا للتزيينِ لا للتبيين،
وصار الإخلاصُ قناعًا يُلزَقُ بصاحبِه ليعبُرَ من خلالِه إلى غاياتِه وأطماعِه،
في زمنٍ تلوّثت فيه الموازينُ، وارتدى الزيفُ رداءَ الصدقِ حتى خُيّل للناسِ أن الظلَّ هو النور!
نطوفُ — عبرَ آلةِ الذاكرةِ — على أرصفةِ الحنين، نقلبُ ألبومَ اللحظاتِ العابرة،
نبحثُ عن الأيامِ الغابرة ونحنُ نرفُلُ مع الإخوة،
وتعلو وجوهَنا الضحكاتُ الماطرة،
فتتلاشى كلُّها كما تتلاشى الألوانُ عندَ انطفاءِ الضوء،
والجاني... تلك المشاغلُ القاهرةُ التي اغتالت بساطَ القربِ باسمِ الانشغال!
إليكَ رسالةً أبعثُها من بريدِ قلبي،
رويدكَ... فبعضي وكُلِّي قد اشتاقَكَ،
فقد تبعثرتُ بعدكَ كما تتبعثرُ أوراقُ الخريفِ في وجهِ الريح،
والأنواءُ المضطربةُ تعصفُ في بقايا حياتي،
وأنا كالسفينةِ في لُججِ الضياعِ غارقةٌ،
ألوّحُ بنداءِ لا يُسمع، وأستنجدُ بظلٍّ غابَ في غياباتِ المسافةِ والزمن!
فيا أيّها الإنسانُ الذي أضاعَ بوصلةَ الوفاءِ،
أما آنَ لقلبِك أن يستفيقَ من سباتِ المصلحةِ؟
أما آنَ أن نُعيدَ للحبِّ نُبله، وللعهدِ صدقه، وللإخلاصِ وجهَه الأول؟
أُسْوِرةٌ في معصمِ الوفاءِ مُحْكَمة، وعلى عتبةِ العتابِ مُنتظِرة، يخالُها المارُّ على حروفِها أَتربةً تنبعثُ من رُكامِ الأيّامِ الغابرة، وما علمَ أنّ تحتَها وعودًا مؤجَّلةً قد طواها الاكتفاءُ، فصارت رهينةَ المقبرة!
في عتمةِ الشتات،
نحتاجُ إلى الخلاصِ منه العتادَ،
من بقايا أملٍ، ونوايا وصالٍ.
ما دمتَ واثقًا من قراراتك،
فلا تلتفتْ إلى النتائج،
ولا تنُحْ على عابرٍ تطفّلَ على حياتك،
فبعضُهم البُعدُ عنهم يُعدُّ عيدًا
يُضافُ إلى باقي الأعياد.
صباح الخير ...حين يبدد النور ظلمة الامس ..فيتسلل فيصحوا الكون ...أسعد الله صباحكم