مشهد حقيقي في الخوير: أب يرمي بطفليه في الشارع
مشهد حقيقي في الخوير: أب يرمي بطفليه في الشارع..وبلاغ لأحد الجيران يكشف الحكاية
الخميس , 11 يناير 2018 6:01 م
أثير- سيف المعولي
” تنبيه، ما يُسرد في السطور الآتية، مشاهد حقيقية وليست من نسج الخيال، وأي تشابه في الأحداث أو الشخصيات فهو من قبيل الواقع لا الصدفة.”
أن تجد أولادًا يلعبون في الشارع أو الحارة منتصف الليل أمر اعتيادي وغير مستغرب، أما أن تجد طفلين مرميين خارج المنزل ويرفض أبوهما إرجاعهما أو استقبالهما، فهنا الأمر يحتاج إلى تساؤل بل إلى بلاغ.
المشهد المذكور أعلاه جزءٌ من حكاية “مؤلمة” حدثت في إحدى مناطق الخوير خلال سبتمبر 2017م، تبدأ من بلاغ لأحد الجيران قدمه في الحادية عشرة ليلا لخط حماية الطفل (1100) مفاده “وجود طفلين عُمانيين (14-16) قام أبوهما بطردهما من المنزل إثر نزاع حدث بينهم، فأصبحا بلا مأوى”.
تحرّك مندوب حماية الطفل للموقع فوجد الطفلين. حاول التفاهم مع أبيهما لكنه “غالب عواطفه” و”عاند” ولم يستجب لتلك المحاولات، فتم إيداعهما في دار الوفاق، وبدأت الخيوط تتكشف.
الطفلان لأب عُماني، والأم من إحدى الجنسيات الآسيوية (الزوجة الثالثة للأب). حضر الأب إلى السلطنة برفقة الطفلين وترك زوجته (أمهما) بمفردها في بلادها رغم بقائها على ذمته.
هذا “التشتت” جعل الطفلين يعيشان مع أبيهما وزوجته (الثانية) التي لا تنجب، علمًا بأن الأب له أولاد من زوجته الأولى، لكن لم تكن بينهم وأخويهما (الطفلين) أي علاقة حتى وقوع الحادثة.
البحث في المشكلة وأسبابها أوضح أن الطفلين يفتقدان امهما، وأن زوجة أبيهما “تعوّض نقصها بعدم الإنجاب” عبر عقابهما وحرمانهما من أبسط الحقوق، كما يتعمّد الأب حرمانهما من المصروف والنفقة؛ الأمر الذي جعلهما لا يحترمانه، بل إن أحدهما كان يتطاول عليه بالقول والفعل.
الوضع المتأزم رجّح استحالة رجوعهما لمنزل والدهما، فتم التوصل إلى أختهما التي حضرت إلى الدار ووافقت على استلامهما، كما تم متابعة رعايتها لهما عبر التواصل الهاتفي.
هذا جزءٌ من حكاية “مؤسفة” احتضنها وعالجها خط حماية الطفل الذي استقبل (330) حِكاية وقصة عن إساءات ضد أطفال خلال عامٍ منذ تدشينه. فكيف يا ترى مشاهد القصص الأخرى؟
مشهد حقيقي آخر في مسقط: طفل مرمي يستنجد بالمارة وأبوه يرفض تدخل الجيران،،،،
مشهدٌ آخر يتلو علينا “آيات الاستغراب” من نسيان آباء وأمهات لعواطفهم اتجاه أبنائهم، وتحوّلها إلى “لا مبالاة” أو “إهمال”.
قصةٌ أخرى تتقاذف بصورِها الأليمة لتسردَ لنا جانبًا من المجتمع أراده البعض أن يكون مُظلمًا عندما تنازلوا عن “إنسانيتهم” وعن مَن! عن “فلذات أكبادهم”.
جانبٌ يأتي ليؤكد بأن المجتمع الذي نعيش فيه ليس “مثاليًا”، بالصورة التي “يستنكر” فيها البعض نشر خبر عن معاناة طفل، ويرون بأن حالته “استثناء”، مُتناسين بأن الأرقام “لا تكذب” عندما تتحدث عن 330 قصةً – في عامٍ واحدٍ فقط- كُشِفت أوراقها على خطٍ ساخن جاء من أجل “احتواء الطفل”.
فتحنا من قبل مشهدًا من مشاهد الطفولة البريئة، ونشرنا قصة الطفلين اللذين رماهما أبوهما في أحد شوارع الخوير عندما نسي بأنه “أب”، لتحتويهما أختهما بعد جُهود “مُضنية” بذلتها مؤسسات مختلفة ذات علاقة بالطفل وحمايته.
المشهد الذي نروي بعضًا منه في هذه السطور يتكرر في أحد شوارع العاصمة مسقط أيضًا، لكنه يختلف في التفاصيل، حيث الأب عربي الجنسية، وزوجته آسيوية، والطفل “طريحٌ” في الشارع يستنجد بالمارة.
الحكاية حدثت في أغسطس 2017م وبدأت– كالمعتاد- بضمير حي يتحرك فيُبلّغ عبر وسيلة وُجِدت منذ عام هي (خط حماية الطفل 1100).
المُبلّغ آسيوي الجنسية رأى الطفل (12 عامًا) في تمام الحادية عشرة مساءً، وهو مُلقى على الأرض خارج المنزل ويعاني من نزيف في الرجل، ولا يستطيع الحركة ويحاول طلب النجدة من السيارات المارة، حيث أفاد بأن والد الطفل خرج وأخذ ابنه بصحبته إلى المنزل رافضًا تدخل الجيران، موضحًا في بلاغه بأن الطفل كان قد ذكر لأبناء الجيران بأنه يعيش مع زوجة والده ( آسيوية الجنسية) وهي تعامله بقسوة وتجبره على أداء أعمال المنزل وتقوم بضربه.
المعنيون تعاملوا مع البلاغ بروح المسؤولية، حيث قاموا بزيارة ميدانية للمنزل في اليوم التالي، تمخض عنها توصية عاجلة بسحب الطفل من الأب وإيداعه في دار الوفاق وهو ما تم بالفعل.
أخذت الإجراءات أكثر من منحى، فجانب أُخذ فيه الطفل لمستشفى خولة لتلقي الرعاية الطبية ووضع جبس على رجله لتجبير الكسور. وجانب آخر اُستدعي فيه والده ومقابلته والتواصل مع سفارة بلاده، بل وإخضاعه لفحصٍ نفسي في مستشفى المسرة.
الجانب الإنساني كان حاضرًا في التعامل مع الطفل؛ فقُدّمت له المساعدة في مذاكرة دروسه وتوفير كل الخدمات له، كما تم تنظيم زيارات للأب مع طفله بشكل منتظم.
عندما وصل الأمر إلى “الاطمئنان” خصوصًا مع وجود شهادة من مستشفى المسرة بـ”أهلية الأب” لاحتضان طفله، أُرجِع إليه، بعد توقيع تعهد بحمايته ورعايته وتوفير كافة سبل الراحة له، وكأن ما حدث هو “قرصة” لن يتنازل بعدها عن “أبوّته”.
ما نُشِر أعلاه ليس “مشاكل عائلية” خرجت من حيطان البيوت إلى سطور الصحافة، لكنها “تسويقٌ” لجهودٍ تُبذل من أجل حماية الأطفال في بلادنا، لعلّ في نشر مثل هذه القصص “عِبرًا” تحمي أسرار المنازل قبل أن تنكشف باتصال على الرقم (1100) لتحدث بعدها “الفضيحة” أو “المساءلة القانونية”.