وفّر سيطرة المسلّحين الحوثيين على العاصمة صنعاء والتمدّد في ست محافظات في وسط وغربي اليمن بيئة ملائمة لتنامي أنشطة تنظيم القاعدة وخلّف حاضنة اجتماعية لهذه العناصر جعلتهم ينفّذون هجمات متتالية ضد المتمردين ويكسبون تعاطف زعماء قبليين ومجتمعات محليّة.وبعد ثلاثة أسابيع من السيطرة على صنعاء، نفّذ مسلّحون من عناصر «القاعدة» عدة هجمات كان أبرزها الهجوم الانتحاري الذي استهدف تجمّعا للحوثيين في قلب العاصمة وأدى إلى مقتل نحو خمسين وإصابة أكثر من مائة آخرين، فيما تشير الاشتباكات المستمرّة في مدينة رداع بين مسلّحي «القاعدة» والحوثيين القوة المتنامية للتنظيم الذي تحوّل إلى القوة الوحيدة القادرة على مواجهة التمدّد الحوثي بعد انسحاب قوات الجيش والأمن، والتزام السلطات الصمت إزاء هذا التمدّد الذي اجتاح محافظات الشمال والوسط.أعتاب حربومع وصول المتمردين إلى أكبر التجمّعات السكانية السنيّة في إب وتعز، فإنّها تضع اليمن على أعتاب حرب مذهبية ربما تكون نسخة مكرّرة من الوضع في العراق، إذ إنّ عناصر «القاعدة» ردّت سريعاً على وصول هؤلاء الى هذه المناطق فقتلت عقيداً في الجيش ذكرت أنّه من أتباع الحوثي، كما هاجمت مركزاً لهم في صنعاء وقتلت اثنين. ومع حلول ليلة أول من أمس كانت عناصر التنظيم تجتاح مديرية العدين وتحتل مبانيها الأمنية والإدارية وتحرق فروع المصارف الحكومية وتنهبها مع نهب الأموال والمرتّبات التي كانت موجودة في خزانات مكتب البريد.لحظات رعبويروي سكان مدينة العدين لحظات الرعب التي عاشوها، إذ استمر تبادل إطلاق النار بمختلف الأسلحة بين عناصر «القاعدة» وقوات الأمن نحو خمس ساعات استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة والقذائف الصاروخية فرّ معها المسؤولون والزعماء القبليون، وتمكّنت العناصر المسلّحة من الاستيلاء على المدينة قبل أن تغادرها بمحض إرادتها مع حلول الفجر.وقال المسلّحون إنّ «الهجوم كان ردّاً على قيام السلطات بتسليم مدينة إب عاصمة المحافظة للمسلحين الحوثيين». لكن ما يثير الريبة هو حالة التعاطف التي بدأت تتشكّل وسط المجتمع ولد الزعامات القبلية مع عناصر «القاعدة» التي ظلت لفترة طويلة محرومة من هذه البيئة الحاضنة وتعيش في مناطق وعرة، إذ أفاد السكان أنّ «إدارة أمن المحافظة وقيادة السلطة المحلية أبدت عدم اكتراث بالهجوم الذي شنته عناصر القاعدة، كما تمّ قطع الكهرباء طوال ساعات الهجوم، كما تركت جثث الضحايا ملقاة في شوارع المدينة».امتداد أوضاعولعل الحالة هي امتداد للأوضاع التي تعيشها مديرية رداع في محافظة البيضاء وهي المحافظة التي عرفت تاريخياً بالعداء الشديد لنظام حكم الأئمة الزيديين، حيث أعلنت زعامات قبلية بارزة مساندة لمقاتلي «القاعدة» المعروفين محلياً باسم أنصار الشريعة في مواجهة الحوثيين الذين استعانوا بمسلّحين من خارج البيضاء لقتال أنصار الشريعة وهي خطوة من شأنها تفجير صراع لا يتوقف بين قبائل المحافظة وقبائل محافظة ذمار المجاورة التي تقاتل مع الحوثيين.
رد مع اقتباس
