
ضُحى ..
مالي أراكِ خلفَ الغروبَ تختبئين
و لا يلذُ لكِ الشروق !
تُرافقينَ الظلامَ إلى بقعةِ الأشجان
و لا ألقى حضوركِ في النهار حيثُ
انفتاحَ النفس .. و أنفاسُ ندى الزهور !
عيناكِ باهتتان و يذبلُ أمامكِ كُلَ حَسنٍ مُشمس ..
و على الزوايا مسكنك .. تقرأينَ سطورَ الليل
و تُرددين همسَ نغمٍ ماغِص ..
فَإذا أقبلَ الصباحُ و جالسكِ الأمل .. تَصُدين
و تجعلينَ تفكيركِ كُلهُ أوهام / لا ينفعهُ مُنادي ..
و لا تسمعينَ تغريدَ الطيور حينَ تُحاكي قلبكِ
المُتشجِن ..
مُحاولةٌ .. فَمحاولة .. فَخيبةٌ لا استجابة !
ضُحى ..
هل لامسَ الألمُ قلبكِ .. و سكبَ بهِ السكون
مِن بعدِ المرح ؟
أم تُهتِ في متاهةِ الأيام حينما سلكتِ دربَ الغرام !
أجيبيني لا تصمُتين و كأنكِ بكماء ..
فَأنا لا أرى إلا الهواجسَ قد رست في بحرِ قلبكِ
و ملامحكِ التي باتت تبهت يوماً بعدَ يوم ..
لا زِلتِ صبيةً بينَ الزهور .. لم تبلُغينَ الكهولة ..
ضُحى ..
الحُبُ في زمنِنا ذابل ..
و كأنهُ كوكبٌ لا حياةَ بهِ إلا مَن تشبعَ قلبهُ وفاء !
و لكنَ الحُبَ في مدينتُكِ لا زالَت بهِ أنفاسُ الوردِ
تفوحُ بهِ .. لا شوكٌ يغزو عليه !
فَما بِكِ بينَ جُدرانَ الأسى تسعينَ باكية .. و لا تتمسكينَ
بِخيوطِ الأملِ الناعمة ..
فَإن كنتِ لا تحمُلينَ مِنَ السعادةِ بذرة / اصغي إلى همسي !
.. الغيابُ في قلوبِ الأوفياء .. لا يتمركزُ بِها وسامُ
الرحيلِ بِلا عودة ..
الغيابُ خنقةٌ مؤقتة .. سَيتطلف بِها جونا بعدَ ذلك ..
و تُرفرف حينها قلوبنا بِأجنحةِ الفرح ..
و لا تسمعينَ إلا لهجةَ السعادة في ألسنِ الطيور !
اظهري وجودكِ مِن خلفِ الغروب .. و انتظري الشروق
يطلُ بِشمسهِ .. فَدائماً معهُ تبدأُ حكايات الأماني و الأمل !
و إن غادرَ النهارُ دونَ أن يهديكِ ابتسامة ..
لا تجعلينَ منَ الظلامَ رداءٌ يحبسكِ عنِ الصبر
و يوقظكِ لِترحلي بينَ الأحزان و بعثرات الأيام ..
ضُحى ..
مهما كانت أعينُ الزمانِ كالحةٌ أمامك ..
و مهما مدت بِالغياب و مدتهٌ حدُ اشتعالَ نارُ الشوق ..
ابقي صامدة لا تجعلكِ رياحُ الأسى هباءً منثورا
مثلَ الزهور التي دمرتها أعاصيرُ المُناخ ..
ابقي على وعدكِ لِساكنِ أعماقكِ
بِأنكِ و الانتظارُ و الصبرُ شخصٌ واحدٌ لا تُفرقهم مأساة !
و انظُري إلى السُحب حينَ تسبحُ في السماء ..
تمطرُ عليكِ مطراً .. و تبثُ السعادةَ في النفس
و كأنها تسقي القلوب مِن عذبِها .. بعدَ ما كانت الأبصار
و الأحاسيس عطشى لا يرفقها إلا احتباسٌ في الأعماق !
و الآنَ تمتمي و اهمُسي لِأحزانِ بِأنكِ سَتُنهي وجودهُ
مِن قيدِ الحياة ..
اِرتدي ثوبَ الأملَ بِلا تردُد و تطوقي بِطوقِ الأزاهِر
و ابقي على مرسى الانتظار تَبُثينَ لِلغائِبِ رسائلُ اشتياقُك
فَعلَ خريرُ ماءَ البحرِ يُعلمهُ بِأنكِ في انتظار ..
و يعودُ قائدُكِ يقودُ سفينةَ حُبكُما ..
أولي .. و آخري .. !
مثلُ ضُحى أنا ..
أحنُ لِيومٍ يجمعُني بهِ اللقاءُ بِكَ
يا من ازدحمت بهِ نبضاتي و أحاسيسي ..
و أحنُ إليكَ مثلَ ما لم يحنُ لكَ بشرٌ مِن قبل ..
فَأنتَ أولي .. و آخري / و قلبٌ لا أرى مِن دونهِ النور ..
يذبلُ الزهرَ مِن بُستاني و يأفل النسيمُ عَني
إن مرَ بيَ يوماً .. لم تُبصر عينايَ وجودكَ و لم يذُق
مسمعي صوتُكَ الذي بِهِ ترتاحُ نفسي .. و ترقُ أوقاتي !
فَالحُبُ في مدينتي تغنى بِك ..
و سارت طيورهُ في أسرابٍ على مسرحِ السماء
تُشكلُ صورتك و تُزخرفها بِاشتياقي ..
و ألوانُ حرفي باهتة إن حانَ وقتُ الكتابة
و قد تأخرَ موعدك في العودةِ إلى ديارِ اللقاء ..
لِيأتي الشتاء و يُحررني مِن قيودِ ثلوجه
لِيعلمَ بِأنني أنثى / لَن يكسرني الغيابُ
و لا نارُ الاشتياق ..
إلا إن كتبَ ربي ذلك !
فَالانتظارُ .. وفاءٌ أتقلدهُ في قلبي
و الأملُ رايتي !
.
.
زهرة الأحلام
6/4/2015