.
*عندما تُضيع الأمانة*

بقلم / أصيلة الحضرمية

دعيت أحد الأخوات مع مجموعة من النساء لتناول القهوة عند إحدى صديقاتهن ، فلبت الدعوة مع باقي الصديقات ، وفي منزل الصديقة المضيفة ، ومنذ أن قعدت الصديقات في الصالة ، وابن المضيفة ذو السنتين من العمر يبكي بحرقة شديدة أمام أحد أبواب غرف المنزل المغلقة دون أن تعيره الأم أدنى اهتمام..
رحبت الأم بضيفاتها ، وبقيت معهن لفترة ثم استأذنت في الخروج لإعداد القهوة ، كان الطفل يبكي ، يحاول الوصول إلى مقبض الباب تارة ، وتارة يدفع الباب بيديه محاولاً فتحه ، وكان خلال بكاءه يكرر بصوته الطفولي كلمة ما ، وقد رق قلب الحاضرات عليه لشدة بكاءه وحاولن تهدئته وسؤاله عما يريد ، ولكنهن لم يستوضحن الكلمة التي يرددها ويبكي لأجلها ، وهي موجودة في تلك الغرفة ، ظل الطفل على تلك الحال منذ وصولهن إلى أن نال التعب منه مبلغاً شديداً بسبب شدة البكاء، حتى أصبحت الكلمة التي يرددها ينطقها متقطعة بسبب تقطع أنفاسه ، ثم استلقى على عتبة باب الغرفة ينتحب ويديه على الباب ، وقد تأخرت الأم في اعداد القهوة ، ولما عادت وجدت النساء يمسحن على رأس الطفل ووجهه بسبب العرق المتصبب منه ويحاولن تهدئة طفلها دون جدوى ، وضعت الأم القهوة كما أسمتها ، وفي الحقيقة لم تكن قهوة؛ بل دعوة لتناول مختلف أصناف الطعام ، بادرتها النساء قائلات: منذ أن وصلنا وابنك يبكي بحرقة حتى أنهكه التعب ، ولم يعد قادراً على التنفس ، يكرر كلمة ويريد أمر ما من تلك الغرفة ، فهلا أعطيته ما يريد حتى يهدأ؟ قالت الأم وهي ترص أصناف الطعام : لا يمكنني اعطائه ما يريد ؛ فما يريده لم يعد موجود في تلك الغرفة ، فسألتها احداهن: وما الذي يريده طفلك ويبكي لأجله حتى تتقطع أنفاسه؟ أجابت الأم: يريد عاملة المنزل ، وقد أنهت مدة عملها عندنا وسافرت إلى بلادها ، وهذه كانت غرفتها التي تقيم فيها ، وقد اضطررت إلى غلقها ؛ لأن طفلي لم يعد يريد الخروج منها ، يظل يبكي في تلك الغرفة ويكرر اسم العاملة حتى ينهكه التعب ثم ينام ، وهو على هذه الحال منذ أن سافرت العاملة منذ يومين.. أنهت الأم حديثها ثم طلبت من صديقاتها أن يقبل لتناول القهوة ، ولكن صديقاتها لم يعرفن لأصناف الطعام اللذيذ الذي قدمته لهن لذة ؛ بسبب ما رأين من سوء حال الطفل.. وبعد أيام اتصلت إحدى الصديقات بأم الطفل ، فأخبرتها الأم أنها في المشفى ؛ لأن طفلها قد ساءت حالته النفسية ، وتدهورت حالته الصحية بسبب امتناعه عن الطعام والشراب ، ونقل إلى المشفى ووضع تحت العناية المركزة ، وقد اضطر أهل الطفل إلى تكبد المعاناة والخسائر المادية لاحضار العاملة من بلادها ؛ لتتفضل عليه بنظرة قد تساهم في انقاذ حياة الطفل!

*غصة في قلبي ولا تعليق لديّ*😔✋🏼

سوى قول الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون ﴾

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ ، حَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ "
.