7 مﻼيين أباضي .. ما هو أسلوبهم في الدين والحياة والزواج؟
دبي - ابراهيم هباني
7 مﻼيين تقريبا ينتمون للمذهب اﻷباضي يتوزعون على 4 دول عربية في مقدمتها سلطنة عمان، ومثلها أفريقية، حياتهم اﻹجتماعية ﻻ تنفصل عن اﻵخرين، يتزاوجون مع المنتمين إلى المذاهب اﻷخرى، عاداتهم هي نفس عادات اﻵخرين في المجتمعات التي يعيشون فيها، لهم أراء محددة في الخﻼفة والحكم، وأسلوب التعامل مع الحكام.
ويؤكد الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان أنه ﻻ توجد أي ممارسات خاصة بالمذهب اﻷباضي سوى ما أقره شرع الله من صﻼة وصيام وحج بيت الله وإتاء الزكاة.
وفي إجابته حول فكرة توريث الحكم الذي يرفضه المذهب اﻷباضي وما يجري اﻵن في سلطنة عمان من توريث الحكم قال أنه ﻻ بد من أن تراعى مصلحة اﻷمة وإذا اقتضت مصلحة اﻷمة ذلك فمن الممكن أن يورث الحكم.
ويقول في حوار خاص مع ا(لعربية.نت) أن المذهب اﻷباضي يعتمد على الكتاب والسنة واﻻجماع والقياس، وأنه يميل إلى الشورى ، ويرفض أن تورث الخﻼفة كما يعتبر أن اﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن يشمل الكبير والصغير.
ودعا الشيخ الخليلي المسلمين بجميع مذاهبهم إلى التوحد والتكاتف وتناسي خﻼفاتهم في هذا الوقت، سيما مع هذه اﻷزمات التي تحيط بالمسلمين، مؤكداً أن المذهب اﻷباضي يهتم بهموم اﻷمة اﻹسﻼمية وقضاياها.
وأفاد الشيخ الخليلي أن اﻷباضية في سلطنة عمان يمثلون نسبة 75% من الشعب العماني، ويتواجدون كذلك في الجزائر وتونس وليبيا وغانا ومالي والكنغو وتنزانيا " ويترواح عددهم بين 6 و 7 مﻼيين بالتقريب" وذلك لعدم وجود إحصائيات دقيقة.
ﻻ فصل بين الدين والسياسة ويرى الشيخ الخليلي أن المذهب اﻷباضي ﻻ يفصل بين السياسة والدين، وأنهما "توأمان" ويسيران جنباً إلى جنب، وان المذهب اﻷباضي يهتم بالدين وﻻ يغفل السياسة. كما أكد أن اﻷباضية يتزاوجون من كافة المذاهب اﻻسﻼمية " كل من نطق بالشهادتين".
في الوقت ذاته ينفي الشيخ الخليلي أنه ﻻتوجد عادات وتقاليد خاصة باﻷباضية " بل هي نفس عادات اﻷمة اﻹسﻼمية وهذا ما يميز المذهب اﻷباضي عن المذاهب اﻷخرى، وعادات اﻷباضية في السلطنة هي نفس عادات الجزيرة العربية، وعاداتهم في شمال أفريقيا هي أيضا نفس عادات المنطقة.
ومن جانب آخر قال الشيخ ابراهيم بن حمود الصبحي ، عضو مجلس الدولة في سلطنة عمان إن المذهب اﻷباضي ظهر في القرون اﻷولى للهجرة، وينسب لعبد الله بن اباض التميمي من قبيلة تميم " التي انتشرت جنوب العراق وعلى اﻷخص في مدينة البصرة، وهي كغيرها من القبائل العربية نتاج هجرات قبلية عربية متتالية من شبه الجزيرة العربية.
ويضيف الصبحي أن ما يميز المذهب اﻷباضي عن بقية المذاهب اﻹسﻼمية " أنه أول مذهب ينشأ في الدولة اﻹسﻼمية حيث تأسس في القرن اﻷول الهجري، وهو أيضا أول مذهب عقائدي فكري سياسي له أراؤه المستقلة في العقيدة والحكم وهو اﻻكثر اعتداﻻً".
اول مذهب في الدولة اﻹسﻼمية ويقول إن ما يميز المذهب اﻷباضي عن غيره على سبيل المثال ﻻ الحصر أنه هو أول مذهب ينشأ في الدولة اﻹسﻼمية، حيث تأسس في القرن اﻷول الهجري وإذا نسب إلى إمامه عبدالله بن أباض فيكون ذلك في القرن الثاني الهجري وهو أول مذهب فكري عقائدي سياسي كانت له آراؤه المستقلة في العقيدة والحكم.
وهو مذهب معتدل في دعوته وسيرته وفي دولته التي أقامها في العديد من بلدان اﻹسﻼم مثل عمان والبصرة وحضرموت والمدينة المنورة ومكة المكرمة ومصر وشمال أفريقيا في طرابلس وجبال نفوسه في ليبيا وفي جربة بتونس وفي جبال الجزائر ووادي ميزاب، حتى انه وصل إلى اﻷندلس وتأسست للمذهب دول في عمان التي مازالت تدين غالبيتها بالمذهب اﻷباضي، وهناك ما يزيد على المليون اباضي يقطنون وادي ميزاب بالجزائر والذي ﻻ يبعد عن الجزائر العاصمه بأكثر من 700 كيلومتر، والدولة الرستمية التي أسسها عبدالرحمن بن رستم الفارسي كانت من اول الدول اﻷباضية.
ويقول الدكتور رجب محمد عبدالعليم في كتابه (اﻷباضية في مصر والمغرب وعﻼقتهم باباضية عمان والبصرة) : "ساعدهم على ذلك ما كان يمتاز به مذهبهم من اﻻعتدال ، وما كان يدعو أليه من إصﻼح ومساواة وعدالة ، وما كان ينادي به من تطبيق لهذه المبادئ في ضوء اخوة اﻹسﻼم التي تجمع الجميع وﻻ تفرق بين عربي ومصري وبربري.
ويقول في صفحة(54) وهو يتحدث عن اعتدال المذهب اﻷباضي وتسامح علمائه: " إتّهمَ اﻷباضية عند كثير من كتاب الفرق والمذهب بالغلو والتطرف، وكان هذا اﻻتهام الذي جاء عمداً أو عن جهل ، ﻻهداف ﻻ تخفى عن الفطن واللبيب ودارس التاريخ الذي يقرأ كتب اﻷباضية ويلمس بنفسه ما عندهم من اعتدال.
ويقول في موضع آخر: "وﻻ يخفى أن اﻷباضية رغم اعتدالهم من الناحيه المذهبية والفقهية، إﻻ انهم كانوا في عداء سياسي مع بني أميه وبني العباس، نظراً ﻻنهم كانوا يقولون بأن اﻹمامة أو الخﻼفة حق ﻷي مسلم صالح، فﻼ تكون قاصرة على قريش وﻻ على بطونها المختلفة من اﻷمويين أو العباسيين أو العلويين".
ويقول مصطفى الشكعه في كتابه (إسﻼم بﻼ مذاهب) صفحة105 في وصف اﻷباضية "ويقولون نحن اﻷباضية كالشافعية والحنفية والمالكية ، ويقولون إنهم رموا بهذا اللقب (الخوارج) ﻷنهم رفضوا القرشية، أي التزام ان يكون اﻹمام من قريش". ويضيف في موضع آخر: "وعقيدة اﻷباضية تتفق مع أهل السنة في الكثير وتختلف في القليل ، فهم يعترفون بالقرآن والحديث كمصدر للعلوم الدينية، ولكنهم يقولون بالرأي بدﻻً من القياس واﻹجماع.
هذه العبارات التي وردت في كتاب إبراهيم عبدالباقي (الدين والعلم الحديث)".
التكتل الرابع للفرق اﻹسﻼمية ويستطرد الصبحي قائﻼ: طالعت ذلك شخصياً في الكتاب القيم الذي وضعه الشيخ على بن يحيى بن معمر بعنوان (اﻷباضية بين الفرق اﻹسﻼمية عند كتاب المقاﻻت في القديم والحديث).
والشيخ علي بن يحيى بن معمر من علماء اﻷباضية اﻹجﻼء، ومن قبله الشيخ العﻼمة أبو إسحاق إبراهيم طفيش.
وهذا رأي اﻷباضية في الحكم وقد ورد ذكره في الكتاب السابق صفحة439.
ومن هذا التكتل "التكتل الرابع لدى الفرق اﻹسﻼمية" انبثقت مذاهب اﻷباضية، وهناك عدة أراء بشأن الخﻼفة أي الحكم والدولة منها:
1. من يمسك رئاسة الدولة سواء كانت رئاسة دينية أو دنيوية واجب طاعته والخروج عليه فسق.
2. امام المسلمين (الحاكم هنا) سواء جاء بطريق الشورى أو بغيره إذا كان عادﻻً تجب طاعته والخروج عنه فسق. هذا بعض ما ورد في الكتاب، وأب مطلب يجب ان يعتبر بهذه المبادئ السامية التي وردت في الكتاب والسنة، ومنهما اخذ المذهب اﻷباضي تشريعاته.
نظرتهم إلى المناصب الحكومية أما فيما يتعلق بالمناصب الحكومية فﻼ ينظر فيها إﻻ من خﻼل الكفاءة العلمية والخبرة العملية وﻻ تدخل فيها أسس أخرى إﻻ ما تراه القيادة من صﻼح أمر اﻷمة، وهي مرتكزات قيام الدولة في سلطنة عمان.
وﻻ تتوزع المناصب كما يعتقد البعض بناء على مفاهيم مذهبية أو قبلية أو محسوبية.
لذلك تعتمد القيادة في عمان على ان الكفاءة والقدرة لدى الفرد هما عامل الحسم في الحصول او التأهل للحصول على المناصب، وهو المبدأ الذي تعمل القيادة على تعميقه بين كافة المواطنين على حد سواء منذ 35عاماً.
أما الجمع بين الدين والسياسة او الفصل بينهما فهو مبدأ سياسي دخيل على اﻹسﻼم.
فإذا كانت الدولة إسﻼمية ونظامها اﻷساسي (دستورها) يعتمد على مصادر التشريع اﻹسﻼمي المعروفة لدى علماء الدين، فان السياسة هي جزء كما ان الدين جزء من هذه الدولة. والجزءان متسقان ومنسجمان ومكمﻼن لبعضهما.
والمهم في ذلك كله كما يراه أهل المذهب اﻻ يحدث تعارض أو تصادم او اختﻼف بين الدين والسياسة على مصلحة اﻷمة التي يرعاها ويحافظ عليها ولي اﻷمر كما ورد في اﻵية الكريمة التي اوجبت هنا وفرضت على المسلم طاعته.
واﻷمور الدينية في عمان تعمل ضمن مؤسساتها الرسمية ولها رجالها الذين يقومون باﻹشراف عليها ومتابعة شؤونها والمتمثلة في وزارة اﻻوقاف والشؤون الدينية واﻹفتاء العام، ومن خﻼل علماء ورجال الدين الذين تمتد جذور خبرتهم عبر 12 قرناً من الزمان، لم تنفلت فيه زمام اﻻمور بل بقيت مترابطة، فالدين يدعم السياسة وكﻼهما يسيران في طريق واحد.
كما ان السياسة تعمل ضمن مؤسساتها الرسمية، وهناك مجلس الشورى ومجلس الدولة وكﻼهما يضم من رجال الدين والسياسة من لعب دوراً هاماً في بناء الدولة.
وقال الشيخ ابراهيم الصبحي إنه ﻻ يجب تحميل الدين اكثر مما يحتمل، وهو تنظيم امور اﻻمة والحفاظ على مصالحها.
وبعد ما يزيد على ثﻼثة عشر قرناً من هجرة الرسول عليه الصﻼة والسﻼم للمدينة المنورة، ﻻ يجب ان تؤدى اﻵراء "اﻻجتهادات" مهما كانت مصادرها إلى اﻻضرار بمصالح اﻻمة، والشرع واضح في هذا المجال "فﻼ افراط في الفكر وﻻ تفريط في الدين)، واية دعوة قد تؤدي الى الفتنة واﻻيقاع باﻻمة في مهاوي المجهول انما هي ضد المصالح المرسلة وغير المرسلة لﻸمة، واية مطالب للمسلم كما اسلفنا يجب ان تنضوي تحت هذا اللواء "ﻻ افراط وﻻ تفريط".
واي خروج عن هذه المفاهيم انما ردها يكون لله عزوجل وللرسول عليه الصﻼة والسﻼم، أي الى القران والى السنة النبوية الشريفة والى وﻻة اﻷمور عبر المؤسسات الدستورية التي ارتضتها اﻻمة، وتعمل من خﻼلها في ايصال رأي المواطن وهي التي توازي "اهل الحل والعقد" في مفهوم الشورى اﻻسﻼمية.
المصدر : موقع العربية اﻷخبارية