وداعـاً وموعـدنـا الآخـرة
ــ شاعر يـرثي نفسه ..
حَـسْـبـي أشـعـارٌ أنـثُـرُهـا
كـوُرودٍ في كُـلِّ مَـكَـانِ
حَـسْـبـي اوراقٌ أكـتُـبُـهـا
إِنْ مُـتُّ سَـيَـبـقىَ دَيْـواني
سـعيد
أن يـرثي شاعراً نفسه وهو ما يزال حيا يرزق ، فـلا غرابة ؛ ففي الشعر العربي قديمه وحديثه شعراء عديدون رثوا أنفسهم قبل موتهم ؛ مالك بن الريب الهذلي نموذجا وكذلك بدر شاكر السياب وأمل دنقل وهاشم الرفاعي وسميح القاسم وغيرهم كثير . فالموت بتعبير سارتر " قلق وجودي " ، ورثاء الذات هو في الحقيقة ــ كما يقول الكاتب شـوقي بـزيـع ــ محاولة يائسة لـرتـق ثـوب الوجـود الممـزق . فسامحوني .

وداعـاً وموعـدنـا الآخـرة
كَـمـا لـحـظََـةٍ .لـمْــحَـةٍ . نـبـضَـةٍ .
كَـمـا وَمْـضَـةٍ مِن سَـنـاً عـابِـرَة
أخـيـراً يـودع هذي الحـيـاة
وفي يَـدهِ الحـلـم والتـذكِـرَة
وفي فـمـهِ مِن بـقـايـا صـراخٍ
على معـبـرِ المـوتِ اسـتـحـضـرَه
تَـرَجَّـلَ مِن فَــرَسِ الشِّـعـرِ مَـيْـتـاً
بآخــر مـا كـانَ قد سَــطــرَه
مَضَىَ في غـروبٍ حـزيـنٍ . تـلاشـىَ
ولـم يَـبْـقَ منـهُ سُـوىَ دفـتَـرَه
وما الفـرق إِنْ مُـتُّ أو كُنتُ حـيـاِّ ؟!
أنـا غَـمْـرُ حـرفٍ . فـمَـنْ يَـذكُــرَه ؟!
رحـلـتُ بـصـمـتٍ كـما يـوم جـئـتُ
بـلا أيِّ ضَـجٍّ ولا شَـوْشَــرَة
وداعـاً لأرضٍ زرعـتُ بـقـلـبـي
وكانت من البـدءِ في الـذاكِــرَة
سأرحـلُ عنكِ فـلـسـطـيـن عُـمـري
وتـبـقـيـن في الشِّـعـرِ والخـاطــرَة
تـأوَّبَ وجهُـكِ في منـتـهـايَ
ويـا لـيـت أبـقىَ لكي أنـظــرَه
ويـا لـيـتـني قـبـل هذا الـرحـيـل
لـمـسـتُ تـرابـكِ . ما أطـهــرَه !!
ويـا لـيـتـني في دماءِ شـهـيـدٍ
فـذاكَ هو الحـظُّ والمـفـخــرَة !!
ولكنني قد طـواني الـرَّدَىَ
بهذا الفُـراشِ ، وما أحـقــرَه !!
سَــلامٌ لـقُـدسٍ . لـيـافــا . لـعـكـا
لأخـتٍ عـرفـتُ من النـاصــرَة
لكُـلِّ السـنين التي عـشـتـهـا
مع النـبْـضِ والنـزْفِ والمحـبــرَة
سَــلامٌ عـلـيـكِ دِمشـقُ الحـنـيـن
لـبـغـداد . بـيـروت ، والـقـاهِــرَة
لكُـلِّ بـلادِ العــروبـةِ ، مني
سَـــلامٌ وحُــبٌّ ... مع المعـذرَة
هو المَـوتُ . لابُـدَّ مِن دربـهِ .
هو المَـوتُ حَـقٌّ . فمَـنْ يُـنـكِــرَه ؟!
فـلا كُنتُ أول مَنْ سـار فـيـهِ
ولا كُنتُ آخـر مَنْ يـعـبــرَه
وإني تُـرابٌ على الأرضِ يَمـشـي
وإنَّ المَـرَدَّ إلى الحـافِـرَة
وداعـاً لـكـم يـا رفـاقي وداعـاً
وداعـاً ، وموعـدنـا الآخــرَة.
شعر / سعيد مصبح الغافري
على بحر المتقارب
فعولن / فعولن / فعولن / فعولن
أكتوبر 2019م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ