تاريخ عمان :
الجميع يعلم بأن الإمبراطورية العمانية في أوج قوتها وبالأخص في عهد اليعاربة، وآل سعيد كانت تمتد حدودها نحو القارة الآسيوية والأفريقية على السواء ، وحينما نتحدث عن الجناح الآسيوي لعمان، فإننا بالطبع نتحدث عن بلوشستان الواقعة بين باكستان وإيران وافغانستان والبالغ تعداد سكانها ما بين 8 إلى 10 ملايين نسمة.
ولأن ساحلها المسمى ساحل مكران يعتبر إمتدادا لساحل خليج عمان، ويطل على بلاد الرافدين والطرق البرية التي تربط البحر المتوسط بالهند وشرق أفريقيا ، فمن الطبيعي أن تعزز عمان ترابط ممتلكاتها في الجانب الآسيوي عبر مكران منذ أقدم العصور، ففي أواخر الألفية الرابعة قبل الميلاد كانت عمان جزء من شبكة تجارية بحرية شملت سواحل شبه الجزيرة العربية، وايران، ومكران، وبلاد الرافدين، والهند ، وهناك أدلة تؤكد أن عمان كانت على علاقة وطيدة منذ القدم ببلوشستان عبر تلك الآثار التي وجدت في عام 1981م برأس الحد، ورأس الجنز، وهي عبارة عن أوان خزفية تعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد ومنقوشة بالكتابة الهارابابية لحضارة الهارابا أي حضارة وادي السند التي كانت تستوطن المنطقة.
أما في الفترات الميلادية اللاحقة، فيرى بعض المؤرخين أن هناك وثائق تاريخية تدل على إن بعضا من أهل بلوشستان قد هاجر إلى عمان منذ مطلع الإسلام ، وكذلك لا ننسى أنّ بعض الرحالة الأوربيين الذين زاروا عمان في القرنين السادس عشر، والسابع عشر ميلادي قد لاحظوا وجود بعض التجمعات السكانية للقادمين من بلوشستان، ويذكر البعض بأنهم استقروا بعمان قبل ذلك بقرون.
ولكن وجودهم وعلاقتهم بعمان منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد لم يقترن بتاتا بأحداث عمان السياسية الداخلية إلا في عهد اليعاربة ودولة البوسعيد.
بلوشستان في عهد اليعاربة ( 1624 – 1744 م) :
حينما أسس اليعاربة قوتهم البحرية التي شهد لها التاريخ، واستطاعوا من خلالها دحر المستعمر البرتغالي وطرده من عمان والمحيط الهندي وأفريقيا، أضحت مسقط مركزا تجاريا نشيطا وميناء بحريا رئيسا على المحيط الهندي يشرف على خليج عمان والخليج العربي في ظل سيطرة العمانيين على المدن البحرية الممتدة على شواطئ أفريقيا الشرقية ، ليصل التأثير التجاري العماني بقوة إلى شواطئ الخليج العربي والعراق وإيران ونهر الجانج في الهند ، ولذا فإن بلوشستان كانت في الشق الآسيوي مركز الثقل السياسي والتجاري لدولة اليعاربة إذ تم في عهد الإمام سيف بن سلطان بناء قلعة عمانية بمكران لا يزال أثرها باقيا حتى يومنا هذا.
هذا النفوذ السياسي التجاري الذي ربط عمان ببلوشستان أدى إلى انخراط الكثير من أهل بلوشستان في المؤسسة العسكرية العمانية كقوات خاصة مهمتها حماية المواني العمانية والمدن الرئيسة والدفاع عنها ، كما إنهم شاركوا بقوة في محاربة البرتغالين يدا بيد مع إخوتهم العمانيين مع عدم إغفال دورهم في المشاركة في تثبيت الحكم العماني بشرقي أفريقيا ، ففي عهد الإمام (سيف بن سلطان) تم فتح ممباسة على يد قائد الجيش العماني (الجمادار شاه داد البلوشي ) الملقب بشوت هان الذي أصبح والياً على ممباسة بعدما أقره الإمام عليها تكريما لمجهوداته في الفتح.
كما إنهم شاركوا ببعض الحروب الأهلية التي كانت في عمان نتيجة الخلاف الذي نشب بين أبناء الإمام سلطان بن سيف بن سلطان اليعربي ، فمنهم من قتل ومنهم من بقى واستقر في عمان بعدما أتى بهم الإمام من بلوشستان لمساعدته في حربه ضد بلعرب بن حمير.