آه من وجع الحنين.. علمني يا أنت كيف أتوجع دون أن أنزف. علمني كيف أكابر عندما تأتيني تتوسلني بالعودة.عودة بعد غياب عن سبلة الخواطر مع هلوسة ودادية ..
كتاباتي وحيٌ من الخيال لا تمت للواقع ...
هنا في مسائي الاعتيادي أقبع بين أوراق تناثرت أسجل في مذكراتي عنواناً جديداً
( ذاكرة للنسيان)
كنت أريد أن أقول لك شيئا بين قصاصات الورق ولكن لم أعد أذكره.. ألجم لساني عن البوح كل ما أتذكره تلك الليلة أنك كنت لي وفجأة أصبحنا أغرابا ..
بين ليلة وضحاها أهرب منك مثقلة بحبك الذي يحلق بتضاريسه إلى البعيد ..أحاول الهروب منه وقمع تلك الروح التي تحمل حقائب الحنين .. ولكن هيهات من حبك الذي يرهقني ويميتني ببطء.
مازال عطرك يقبع في معصمي ويخترق حواسي فأبحث كالمجنونة عنك بين الزوايا ولكن أنت سراب اختفى في ليلة مظلمة.. فشعرت بتوقف عقارب الساعة لحظتها ..
أيها الراحل
أشعر ببرودة المكان الذي جمعنا لأنك لم تعد تزوره ـ أشعر ببرودة روحك عندما التقيتك بعدغياب ولم تعد تتذكر ملامحي ألهذا القدر كنت منسيا منسيا في ذاكرتك ..
رجوتك لاتتركني لحزن المساء بدونك أصاب بالجنون .
صقيع غطى المكان وانزويت في تلك الزاوية المظلمة عندما فاجأني اعترافك أن خواطري لرجلٍ آخر ليس أنت..
مازلت في حالة من الذهول .. هل كنت في وعيك عندما تعالى صوتك وزلزل المكان أن قلبي يسكنه رجل سواك..
هناك ألف سؤال وسؤال .. هل من كنت أرسمه في مخيلتي ليس أنت.. هنا أخذت علبة ألواني وجلست أرسم ملامح وتفاصيل صورتك ولكن يؤسفني أنني رسمت نسخة مزورة لرجل لم ألتقيه ..
رجل إلتقيته فقط في ذاكرتي.. إلتقيته يوما ذات مساء بجلباب أبي لذا عشقته وهمت بهِ ..
كاد نبض قلبي أن يتوقف وشعرت بحالة الاحتضار قريبة من الروح عند نعتك لي أنني لا أكتب لك..
فهناك مئات من الرجال يهيمون بحروفي ويقرأون تمتماتي.. ولهم أنا كتبت.. موجع اتهامك لي.
حاولت إقناعك أن كتاباتي لك وحدك فحواها يرسمك أنت بحضورك الرجولي وعنفوانك، وبصوتك الدافئ الذي أهيم بهِ ، وضحكتك المسترسلة إلى النبض فأنتشي فرحا عند سماعها ..
يا أنت أتعلم لقد صدقت غيرتك المجنونة ،، فهل أجهش بالبكاء لأقنعك أنني لم أخنك، وأنك رجلي الأوحد الذي يسكن برفيف قلبي .. هل تريدني أن أتوسلك وأعترف لك أنني أدمنتك ولا أستطيع الحياة بدونك..
هل تعلم أنك سرقت كل شيء مني .. ضحكتي.. خافقي.. ودمعتي .. لذا لن أغفر لك فبعد جرحك بدأت أضمد جراحي بالنسيان وأصنع من قصاصاتي حكاية للعاشقين..
شعرت بعمق الجرح ولم أعي أنك من تغتالني بعباراتك وسخريتك .. ما زلت أتمعن النظر إلى ملامحك وصورتك لأعزي نفسي أن بقايا الحب والشوق ما زال لي فيها ..
ولكن أمام غرورك وجنونك لم أعد قادرة على فهم طلاسم حروفك . ولم أعي جيدا وداد من هي بالنسبة لك ؟!
شعرت بغيبوبة .. أردت أن أقول لك قبل رحيلك :
دعني للحظات أخبئ رأسي بين أحضانك لأدفأ أكثر، وأحلم معك أن كل المسافات الفارغة في داخلك لي.. احتويني أكثر لأتزود منك بعد رحيلك حنانا وعشقا.
ولكن كالمعتاد تكابر من أجل لا شيء لذا كان لقرار رحيلك مذاق الفجيعة في داخلي الذي أحالني إلى امرأة مسنة تبحث عن حضن يحتويها ..وعصا تستند عليها.
ياسيدي :
غيابك أحالني إلى مدينة بلا عنوان فالسياح يزورونها للوقوف على شموخها من الخارج وأطلالها المهشمة من الداخل الفارغة من الرسومات وآثارها التاريخية..
أما صورك المعلقة في جدران ذاكرتي فقد قررت نزعها وتمزيقها لكي لا تغزوني في خلوتي فأتمادى عشقا وجنونا بك.
سأكتفي في هذه السويعات بخواطري السرية لأبوح بين سطوري أنك كنت قنديلا يضيء سماء دنياي
وها أنا أعود لعتمة المكان منذ غيابك.. وأرسمك بملامح عالمي اغترابا لرجل مفلس لم يعد من جديد كما كان .
فما زال آخر حديث جمعنا في الذاكرة وها أنا أبوح للملأ أن كتاباتي محصورة لرجل شرقي واحد هو أنت.. أنت فقط ..
ورغم صدقي له إلا أننا ( افترقنا بلا وداع)
أخذ يدندن وهو حاملٌ حقيبته غير مبالٍ بدموعي المنسابة :
( ياحلوالرحيل بلا وداع)
وافترقنا..
همسة:
أيها المستمعون والمشاهدون ، أيها السادة الكرام:
عذرا منكم ..
هنا أبوح له بكل اعتزاز وأعترف له قائلة:
( نبض حروفي .... أنت )
اليوم الأربعاء
التاريخ /2/9/2015م
الساعة:الواحدة مساء