الفرق بين كلمتي : ( الوالدين ) و ( الأبوين ) في القرآن الكريم :
كلمة : ( الوالدين ) : تثنية لكلمة ( والد ) ، و الولادة تكون من الأمّ لآنّها
هي التي تلد في الحقيقة .......
إذاً كلمة ( الوالدين ) في اللُّغة فيها تغليب لجهة الأمومة على جهة الأبوّة ..
أمّا كلمة ( الأبوين ) : فهي تثنية لكلمة ( أب ) ، و فيها تغليب لجهة الأبوّة
على جهة الأمومة .....
و إذا تدبّرنا كلام ربّنا عزّ و جلّ ، سنجد أنّه حيثُما وردت كلمة ( الوالدين )
في القرآن الكريم ، ففيه تغليب ل ( الأمّ ) على جهة ( الأب )، لذلك نجد
في كلّ الآيات التي تَحُث على برّ الوالدين و الإحسان إليهما و الدعاء لهما
نجد فيها كلمة ( الوالدين ) ، و ليس ( الأبوين ) ....
و من الأمثلة على ذلك :
---قوله تعالى : * وَ قَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ
عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَ لَا تَنْهَرْهُمَا ، وَ قُلْ لَهُمَا قَوْلًا
كَرِيمًا ، وَ اخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ، وَ قلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي
صَغِيرًا * ( سورة الإسراء آية : 23-24 ) ....
---و قوله عز و جل : * وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ، حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَ
وَضَعَتْهُ كُرْهًا ، وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ... * ( سورة الأحقاف آية 15 )
---و قوله سبحانه : * وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَ
فِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * ( سورة لقمان
آية : 14 ) .....
هذه الآيات و غيرها وردت فيها كلمة : ( الوالدين ) التي فيها تغليب الأمومة
لذلك أوصى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالوالدين إحسانا ، و خصّّ :الأم
بمزيد من العناية لمّا قال له أحد الصّحابة : يا رسول الله ، من أحق الناس
بصحبتي ؟ فقال له عليه الصّلاة و السّلام : أمُّك ، قال : ثُمَّ مَنْ ؟ ، قال :
أمُّك ، قال : ثُمَّ مَنْ ؟ قال : أمُّك ، قال : ثمَّ من ؟ قال : أبوك .....
أمّا كلمة : ( الأبوين ) ففيها تغليب للأب ، و حيثما وردت هذه الكلمة في
القرآن فهي تدلُّ على هذا المعنى ...
و من الأمثلة على ذلك :
---قوله تعالى : * وَ لأَبَــوَيْــــهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ
وَلَدٌ * ( سورة النّساء آية : 11 ) ..
---و قوله تعالى : * فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَــــوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ * ( سورة
النّساء آية : 11 ) .. فقال ( لأبويه ) و ( أبواه ) لأنّ الآيتين تتحدّثان عن الإرث
و نصيب الأب في الميراث أكبر من نصيب الأمّ ....
---و قول عزّ و جلّ عن يوسف عليه السّلام : * وَ رَفَعَ أَبَـــوَيْـــهِ عَلَى الْعَرْشِ
وَ خَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا * ( سورة يوسف آية : 100 ) و لم يقل ( الوالدين ) ، لأنّ
الرّجُل هو الأحقُّ بالعرش من المرأة ، لذلك قُدم هنا ، و قد قال النّبيُّ صلّى
الله عليه و سلّم : «لَنْ يُفْلِحَ قَومٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرأة» رواه البخاري ......
و الله أعلم ...
فتأمّلوا معي عظمة هذا القرآن الذي * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ
خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ *
و الحمد لله ربّ العالمين .....