هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِم " ،

يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق ،
وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة " .

"إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا " .
" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" .


سيدتي الكريمة /

ذلك الإخبار من رب الأرض والسماء وما جاء على لسان سيد الأخيار من الحث على التشبث ،
والمداومة على المحافظة على تلكم الأخلاق ،
لتكون هي المنظمة لحياة كل انسان ،
لأن بها تُحفظ الحقوق وتُبدد الشرور ،


ولن يسع المقام لبسط تلكم الأمثلة التي بها نكشف عن عظم ذلك التأثير
الذي تحدثه الأخلاق لدرجة تحويل ذاك العدو اللدود إلى صديق حميم !


وما نشاهده اليوم من تشرذم وتنافر ، وتفشي الحزازات ،
وتكالب العداوات حتى بتنا نستنشقها كما نستنشق الهواء !
وما كان ذاك أن يكون لولا تنكب الكثير عن الأصل الذي على الناس أن يلتفوا حوله ،
ويجعلوه متجسدا ومتجذرا في ذواتهم وشخوصهم ،

لعل البعض من كانوا يعيشون في بيئة المنزل تكتنفهم تلكم الرعاية السليمة ،
وتهبّهم نسمات السكينة والطمأنينة التي يتغذون عليها لتصنع منهم شخصية تشرئب لها أعناق من يخالطونهم ،
لما حوته من شمائل حميدة يفتقر إليها الكثير من الأنام ، ومع تلك الرعاية من قبل الأهل إلا أنها قد يندرس رسمها ، ويُكفر بها ،
ويشُذُ عن قواعدها ذلك الابن ليتحول إلى النقيض !


ولعل السبب يكون من ذلك الاختلاط الذي قد يفرضه ويطرأ على الواقع من مدرسة ، أو شارع ،
أو صحبة اشرار ، ومع هذا تبقى التربية الحميدة في كيان ذلك الإنسان مهما ابتعد بأفعاله عنها ،
فهي تناغي ضميره ، وتطرق تفكيره في جميع الأحوال ليكون الحنين يداعب قلبه
الذي يضيقُ من تلكم الأفعال التي تنافي وتباين ما تربى عليه في سالف الأيام ،


ومن ذلك وبذلك ستُعيده تلك التربية إلى جادة الصواب مهما تباعدت الأيام ،
لأنه يعيش بين مد وجزر يغالبُ ما تسلل إلى مفاصل حياته ،
ليكون النصر حليف ذلك الإنسان إذا ما غلب صوت الضمير ،
والعقل ذلك العارض والواقع المرير ،


فما أحوجنا اليوم لتلكم الأخلاق وفي هذا الزمان الذي باتت فيه الأخلاق تصرخ وتنوح من جور انسان ،
فهي غريبة تلكم الكلمة والمعنى في عالم من غاص في أتون الغفلة وتحلى بكل نقيصة ،
لما غالبها من نقيضها ، ولما تشبع الناس به من تعود لرؤيته لذلك التبذل والانحلال ،
لذلك لا يُعترف بتلك المعاني السامية ، ليُستبدل الخير بما هو أدنى من عارض مريض !


من هنا تبرز الحاجة لتغيير نمط الحياة ،
لتكون الأخلاق هي المظلة التي يستظل بها الأنام ،
ليعم بذلك :
الأمن ،
والأمان ،
والاطمئنان ،

" ليعيش الجميع في سلام " ،

من هنا نخرج بأن الأخلاق هي من تحدد مسيرة الإنسان ،
فإذا تجاوزها فلا يلومه لائم بعد ذا !
لأنه متجرد من تلكم الأخلاق ،
لهذا هو يعيش عيش الأنعام !




دمتم بخير ......