فِي حقولِ الصّبا أكثرُ الأمنيات تحَاول التحلِيق إلى خزَائنَ الحبّ
وصوتُ عازفُ الكمَانِ يهدِي لقلوبهنّ خرائطَ حبّ لن توصد أبوابها إلّا على الفسَاتين البيضَاء
والخواتمِ الصّفراء , وزقاقٌ تجلسُ فيه عجوز تقرأ أكفّ الصبيّات
فَـ تخبرُ هذه عنْ ملامحِ شابّ وسيمْ , وتلكَ عن كهلٍ غنيّ
فَـ يرسمونَ على الوسَائدِ شكلَ الحياة , مطرّزَةً بِـ حبّ المستقبل . .
يَ أحلامهنّ اخفقِي بقلوبهنّ حتّى تتحقّقي :”)





الرّحيل , الذِي ظلّ ينشدُه المسافرون
ويلّحنه الفَاقدونْ , ويرقصُ على أشجانه المشتاقونْ . .

يشبُه السّفر علَى ظهرِ المَوت
يشبُه بكَاء الطّفلِ كَـ العصفور . .

نوَافذ الرّحيل , عندمَا تشرعْ
تمطرُ أعينُ أصدقائنا بـ الدموع
وتلوَى أيادينَا بـ الوداع . .
الوداعُ يَا داع :”(

كمْ شخصًا فينَا يخشَى العبور
كم رحلةً فِي جوفِ الليلِ ترتعدْ
تتأهّب لـ مواجهةِ قلوبٍ حزينة
منَاديل , رسائل , صور , حقائب
وكثِيرٌ منْهم يصرخْ ” سـ نلتقِي ”
ويعلمُ فِي نفسه أنهم لن يلتقونْ !

فَـ السّفرُ , كَـ فمِ الحوتْ
يبتلعُ الكثِيرين فِي أحشائه
يُبعدهم , يسرقهمْ
ونظلّ نتضور جوعًا لـ لقائهم
نتضوّر ألمًا لـ فراقهمْ
نتضوّر شوقًا لـ رسائلهم وَ صورهم

وهمْ فِي الحقيقةِ فِي بطن الحوت
حوتِ الغيَاب . .

- إن بابًا فِي أقصّى الرّوح مشرّعٌ لـ أصدقائِي الذِين سافروا
تهزّه الرّيحُ منْ كلّ مكان , ولمْ تغلقه حتّى الآن . .
فَـ عودوا يامن ابتلعهمْ الغيَاب , فإنّنا نشتَاق . .




لنْ نحزمَ أمتعةَ الرّحيل , ونسافرْ
هنالكَ أشياء كثيرة يُرجى منا إصلاحها , بدْءًا بهذه الأضواء الخافته التِي
لاتملّ النظر إلى وجوه المارّين , والمتسوّلين , إنتهاءً بالأزقةِ الباليَة
هنالكَ مايدعونا للبقاء , ذكريات الأصدقاء
نجومُ المسَاء , وعودٌ دوّناها في قصاصاتِ الحلوَى
احتفظنا بالكثِير كي نبقى , فلماذا نتجه نحوَ الرّحيل !
حتّى صوت السّماء عندما يبكي ,
إنه ينادينا كَي نبقى . .
فَـ لنبقَى !