| هذي البيوت الجاثمات إزائي |
ليل من الحرمان و الإدجاء |
| من للبيوت الهادمات كأنّها |
فوق الحياة مقابر الأحياء |
| تغفو على حلم الرغيف و لم تجد |
إلاّ خيالا منه في الإغفاء |
| و تضمّ أشباح الجياع كأنّها |
سجن يضمّ جوانح السّجناء |
| و تغيب في الصمت الكئيب كأنّها |
كهف وراء الكون و الأضواء |
| خلف الطبيعة و الحياة كأنّها |
شيء وراء طبائع الأشياء |
| ترنو إلى الأمل المولّي مثلما |
يرنو الغريق إلى المغيث النائي |
| و تلملم الأحلام من صدر الدّجا |
سردا كأشباح الدجا السوداء |
| *** |
| هذي البيوت النائمات على الطوى |
توم العليل على انتفاض الداء |
| نامت و نام اللّيل فوق سكونها |
و تغلّفت بالصمت و الظلماء |
| و غفت بأحضان السكون و فوقها |
جثث الدجا منثورة الأشلاء |
| و تلملمت تحت الظلام كأنّها |
شيخ ينوء بأثقل الأعباء |
| أصغى إليها اللّيل لم يسمع بها |
إلاّ أنين الجوع في الأحشاء |
| و بكا البنين الجائعين مردّدا |
في الأمّهات و مسمع الآباء |
| ودجت ليالي الجائعين و تحتها |
مهج الجياع قتيلة الأهواء |
| **** |
| يا ليل ، من جيران كوخي ؟ من هم |
مرعى الشقا و فريسة الأرزاء |
| الجائعون الصابرون على الطوى |
صبر الربا للريح و الأنواء |
| الآكلون قلوبهم حقدا على |
ترف القصور و ثروة البخلاء |
| الصامتون و في معاني صمتهم |
دنيا من الضجّات و الضوضاء |
| و يلي على جيران كوخي إنّهم |
ألعوبة الإفلاس و الإعياء |
| ويلي لهم من بؤس محياهم و يا |
و يلي من الإشفاق بالبؤساء |
| أنوح للمستضعفين و إنّني |
أشقى من الأيتام و الضعفاء |
| و أحسّهم في سدّ روحي في دمي |
في نبض أعصابي و في أعضائي |
| فكأنّ جيراني جراح تحتسي |
ريّ الأسى من أدمعي و دمائي |
| ناموا على البلوى و أغفي عنهمو |
عطف القريب ورحمة الرحماء |
| ما كان أشقاهم و أشقاني بهم |
و أحسّني بشقائهم و شقائي |