الحدث الأول >>
منزلي الذي يتكون من غرفتين تفصل بينهما دورة مياه أمامهما صالة صغيرة ومجلس والمطبخ الذي أقضي فيه وقتاً كثيراً ، انتقلت إليه منذ سنوات عدة وباحدى تلك الغرف مستلقية وعلى بطني حجارة دافئة مغلفة . وعلى (المِنز ) الصغير ابنتي غدير نائمة وبحب تنظر إليها أختها عبير ، وإذ تدخل نهى وبيديها حلبة نهضت وارتويت منها . وكانت النساء تقبل على زيارتي بين الحين والآخر .
في اليوم التالي :
أنا عائشة الكبرى بين أخواتي السبع أكملت دراستي الجامعية وتوظفت معلمة لكن بمنطقة بعيدة عن مسكننا ، أعود إسبوعياً ، حلت الإجازة الصيفية وأنا الآن بالمنزل ، نهضتُ باكراً وأيقظتُ الجميع لصلاة الفجر عدا أمي التي ما زالت في النفاس . من ثم دخلت المطبخ لأحضر الشاي وإذ به مُحضراً !! .. استغربت فالكل نائم .. ولكني لم أهتم بذلك .
فتحت باب الصالة وخرجتُ لإطفاء الأنوار فقد حل الصباح ولا نحتاجها . وإذ بأبي في السيارة خلف المقود ويبدو أنه متوتراً وخائف يلتفت يميناً وشمالا كنت أنظر وأتساءل ما به ؟ ، عدت لداخل فتحت ستار النافذة وبدأت أنظر لأبي الذي كانت تصرفاته غريبة ولا أعلم سببها ! . وفجأة وإذ بشيء أسود مُغطى يخرج إنها إمرأة ! .. إمرأة ترتدي عباءة سوداء فضفاضة واسعة وبيديها قفازات سوداء أيضاً .!
كنت مذهولة كيف يفعل أبي هكذا تصرف وأمي لم تخرج من نفاسها بعد !!
ذهبت للمجلس من الباب الآخر فهما يتجهون نحوه وانتظرتهما ثواني قليلة من ثم فُتح الباب كنت مختبئة ما بين الكنبتين ، وإذا بالمرأة تخلع نقابها بل عبائتها بأكملها ، خرجت فلا أود رؤية المزيد وإذ بأبي يتعلثم ويمسكني من يدي وحلفني بالله أن لا أخبر أمي عن ما شاهدت فحالتها النفسية غير مستقرة ولا تتقبل مزيداً من الصدمات . وسحب تلك المرأة المعبأ وجهها بتجاعيد ، كانت قصيرة جداً وسمينة أيضاً ! لم تكن شابة ، ولم تكن جميلة ، كانت كالساقطة !! الحلقتان الكبيرتان بأذنتيها ومشيتها المتعرجة وصوتها المصطنع كانا يربكنني كثيراً وددت لو أصفعها ، أشتمها ، أنتف شعرها المتقصف بدلا من سكوتي هذا !
أسرعت للمطبخ ، وسكبت الشاي الذي لا أعلم من حضره وأخذت الدلة ونظفتها جيداً بالماء والصابون من ثم وضعتها في الشمس و حضرتُ غيره . كنت أفكر كيف سأخبر أمي ، لدي سر ولا أستطيع كتمانه !
أمسكت نفسي مدة وأنظر لأمي التي لا تعلم ما الذي يدور حولها وإذ بسارة تناديني بهمس وبصوت خفيف ذهبت إليها كانت في المطبخ سحبتني من يداي إلى أن أوصلتني لمكان الغسيل ، سألتها : ما بك ؟ ، قالت : رأيت من النافذة أبي يدخل إمرأة لمجلسنا . قلت لها : أعلم ذلك وقصصت لها ما حدث . وحلفتها بالله أن لا تخبر أمي . لكني لم أتمالك نفسي وأعلمتها بما حدث فجر اليوم .!