هلا بالجميع ..
من الصعب مهما كتبت ان اوفي شاعرنا واديبنا الكبير / سعيد الغافري حقه على الجهد الكبير الذي بذله من خلال دراسته الادبيه وتحليله لبعض قصايدي وخواطري وقصصي اللي كتبتهم ..
بكل امانه اعترف اني هاوي ولست محترف في مجال الكتابه وهناك بالمنتدى الكثير افضل مني سواء ممن ينشرون انتاجهم او ممن يفضلون ان تكون خاصه بهم ..
اعترف ايضا بأني من غير المهتمين بحفظ انتاجي للاسف سواء اللي نشرته بالصحف او تم تسجيله تلفزيونا او تم غناءه من قبل بعض المطربين مدري ليش كذي انا هامل نفسي ههههه ..
اترككم الآن مع دراسة وتحليل اديبنا الكبير / سعيد الغافري رغم اني لا اتوقع استحق كل هذا العناء منه اضافة الى بساطة انتاجي مقارنة بالآخرين ..
الف شكر ولاتكفي لك اخي واديبنا الكبير الذي اعتز وافتخر بما كتبه عني خلال هذه الدراسه التي توضح قوة قلمه وادبيته الفذه وتحليله الراىع ..

رابط الموضوع

رابط التحليل والدراسه الادبيه



http://archive.omaniaa.co/showthread.php?t=698049



الدراسه النقديه ..


شاعــر تحــت الضــوء .. دراســة أدبية لشعـر رايــق البــال
شاعــر تحــت الضــوء ..


دراســة أدبية لشـعـر رايـق البال


تنبيه هام إلى القارىء الكريم / القارئة الكريمة ..

ـــ هذا البحث الأدبي على تواضعه الشديد ليس دلالة أكيدة على إختصاص علمي بالنقد فأنا لست بناقد إنما قارىء عادي جدا متذوق للأدب وللشعر منه بوجه خاص وما ستقرأونه هنا في هذه الدراسة هو إنطباعات خاصة حول بعض النماذج المختارة من شعر الشاعر القدير الأستاذ رايق البال .. كتبتها وسطرتها هنا بكل إنطباعات قلبي ورأيي الشخصي ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ

حين دخلت عالم رايق البال الشعري قلت في نفسي قبل أن ألج بالدخول : ـــ الأمر هين وأشبه بجولة سياحية خاطفة كما أفعل في بعض سفرياتي إذ أمر على المدن مرورا سريعا ثم أحمل حقيبتي وأغادرها بعد يوم أو يومين .. لكن مع شعر رايق البال حصل العكس واحتاج الأمر لإقامة طويلة .. فأنظروا ماذا حصل ؟ فتحت ملفه الشخصي هنا بالسبلة وفي نيتي أن أبدأ باختيار بعض النماذج التي سأدعم بها دراستي الادبية هذه وعليها سيتم تسليط الأضواء .. وما كدت أدخل ملفه حتى وجدت نفسي في غابة أمازونية خضراء بها أنهار شعرية كثيرة لا أول لها ولا آخر .. قصائد أشبه ما تكون بحسناوات روما في ساحة الأتيون لا تدري أيا منهن الأجمل فكلهن جميلات جدا .. والطريف في الأمر أنني بعد دقائق تقريبا من بدء جولة القراءة في شعر رايق البال وجدت نفسي أستنجد برايق البال نفسه قائلا في حيرة شديدة :ـــ يا أخي شوف لك حل مع جمال قصائدك وروعتها .. كل واحدة تقول أنا الأجمل وأنا الآن في حيرة من أمري معها !!وضحك الرايق بنفس روحه الجميلة المعهودة وخفة دمه وبساطة طريقته وقال :ـــ ولا يهمك .. إختر ما تشاء من عرائس النزيف فكلهن تحت تصرفك إن شئت !!
وخرجت من هذه الغابة السحرية الملونة وجلست أفكر في طريقة أفضل لإختيار نماذج نصوص الدراسة .. ثم وبهدوء أعدت قراءة ما أقدر على قراءته مركزا بحثي حول النصوص ذات الصلة بجوانب الدراسة والحمدلله قدرت بعد جهد وبصعوبة أن أجمع نماذج من شعر رايق البال لبحثي هذا بحيث تناسب النقاط التي أريد أن أسلط عليها الضوء في شعر رايق البال بشكل آمل أن يكون منصفا وأمينا رأيا وانطباعا .
في كثير من الأحيان يقود شعر الشاعر إلى شخصيته أو إلى بعض جوانب شخصيته الأدبية والانسانية وطريقة تعامله مع الحياة بكل ما فيها من أشياء .. ونظرته وعاطفته ومواقفه وبعض من ذكريات حياته التي ومن خلال شعره أيضا نقدر أن نعرف بعض زوايا صورته في الذهن من خلال النص نفسه الذي كتبه وعبر عنه بمشاعره وأحاسيسه ومواقفه ونظرته ..من حسن الحظ أن قراءتي المستمرة ومتابعاتي لجديد ما ينشره الرايق كل هذه ساعدت في جانب ما من الجوانب على بسط الدراسة وشجعتني على المضي قدما فيها بكل ثقة وحب وحماس .. فشعر رايق هو من ذلك النوع الخفيف الروح الذي تجد فيه نفسك ومشاعرك بشكل تلقائي وبدون صعوبة تذكر وخاصة الغزلي منه والذي أبدع فيه الرايق كما سنرى بعد قليل .. وزاد على هذا أن الرايق نفسه شخصية أدبية محبوبة من الجميع لا لأنه إداري أبدا وإنما أخلاقه الحلوة فرضت نفسها بعفوية صاحبها وروحه الجميلة وقلبه النقي .. وهذا بدوره إنعكس على شعره بل هو مرآة ذاته لمن أراد أن يراه كقلب عامر ونابض بالخير والمحبة والعاطفة الجياشة .وبحسب إنطباعي الشخصي ومتابعتي الأدبية فقد وجدت أن شعر رايق البال ينقسم بشكل عام إلى خمسة جوانب أو ألوان رئيسية برزت وتكونت بشكل واضح عبر ركام التجارب الحياتية والمواقف وظهرت بجلاء في شعره وصحيح أن موضوعات شعر رايق البال هي أكثر من أن تحصى وتحصر في نطاق عددي يفصل فيما بينها إلا أنها ومن خلال هذه النماذج المختارة من القصائد تتوزع حسب وجهة نظري في هذه الجوانب أو الألوان الخمسة من الشعر والتي سأبسط فيها دراستي الأدبية المتواضعة هذه وهي :
.1الشعر الغزلي وهو اللون الشعري الأكثر تميزا وجاذبية وسحرا في شعر رايق البال ويكاد يكون السمة الغالبة على جل ما يكتبه من أشعار .
.2
الشعر السياسي أو القومي .. وقد لاحظت ندرة تطرق رايق البال لشعر السياسة وإن كانت تجربته الشعرية فيه قوية جدا كما سنرى .
.3 الشعر الديني أو الوجداني ..
.4 الشعر الاجتماعي ..

.5 تجربة رايق البال في الشعر الفصيح ..

.1 تجربة رايق البال في الشعر الغزلي :لا أدري حقا لماذا دائما التجربة الشعرية لأي شاعر تبدأ أولى بداياتها بشعر غزلي .. ذلك أن غالبية الشعراء وخصوصا شعراء القرن العشرين الماضي وبدايات هذا القرن الحادي والعشرين غالبيتهم إن لم يكن جميعهم بدأوا تجربتهم الشعرية بألف باء الحب .. بعضهم يبدأها بشكل مبكر في حياته الشعرية ثم سرعان ما تتداخل معها وتزاحمها تجارب شعرية أخرى بحكم التفاعل المستمر مع مفردات ومتغيرات الحياة بجميع أشكالها العاطفية والاجتماعية والسياسية .. إلخ إلخ وعني شخصيا أذكر أن أول قصيدة كتبتها في حياتي كانت غزلية وبقلم رصاص وبلغة عربية فصحى .. هذه الظاهرة جديرة حقا بالتأمل .. لماذا البداية لها نزيف بلون الحب ؟! أعتقد أن ولادة أول نص شعري للشاعر أو الشاعرة هو بمثابة فرحة كبرى وبشرى بقدوم ربيع شعري جميل يستهل بدايته الحلوة بأول زهرة جميلة تتفتح براعمها فيه بشكل مبكر وما أجمل أن يبدأ الشعر لدى الشاعر بفاتحة الحب فتلك علامة تفاؤلية لشعره إن هو واصله واعتنى به ورعاه .. ويغلب على شعر البدايات لدى غالبية الشعراء كبارهم وصغارهم الموسيقى العذبة العالية الايقاع والأوزان ذات التفعيلات العروضية الخفيفة والرشيقة جدا والتي تستطيع أي أذن مرهفة ممرنة على السمع الشعري أن تميزها بشكل دقيق وتعرف ما بها من مزايا وعيوب .. خاصة مع مجزوء بحر الرجز مثلا او بحر المتدارك .. ورايق البال بدأ تجربته الشعرية مبكرا جدا ويقينا أن أول نص شعري كتبه بشكل مستقيم وجيد الوزن هو نص غزلي .. وتتميز النصوص الغزلية لدى الرايق بالسمات التالية :ـــ مكتوبة بنمط الشعر النبطي ( غالب أشعار رايق البال نبطية وبعضها شعر حر نبطي وهو لون حديث من ألوان الشعر غالبا ما يكون غنائي الطابع و السمات ) ــــ غنائية الايقاع ــــ قوة الجرس الموسيقي في الشطر وتناسق تركيبه بصورة لافتةــــ سهولة هضم النص نظرا لوضوح كلماته وعذوبته الموسيقية وابتعاده عن جو النص التقليدي وما فيه من مفردات تحتاج لغرابتها إلى معجم أو قاموس نبطي لمعرفة معانيها ( من ميزة شعر رايق كما لاحظت أنه يخلو تماما من هذه الظاهرة القديمة في شعر بعض شعراء النبط الأقرب شعرهم إلى لون الشعر الجاهلي القديم بكل ما فيه من مفردات معقدة يصعب فهم معانيها إلا بعد الرجوع إلى حاشية الشرح أو المعجم ) ــــ قــوية جدا في مفرداتها وصدق عاطفتها التي تأسرك أســرا من أول مقطع أو شطر فيها كقوله في قصيدة ( ما وحشتك ؟ ) :

ماوحشتك ..!!؟
ادري اني ماوحشتك
وادري انك صرت قاسي
وللهوى والحب ناسي
وادري انك من رحلت
راحت احلامي معاك
وراحت اشواقي وراك
وانته لاهي ماسألت
وانا في عز اشتياقي
حتى كلمه مارسلت !!


أو قوله في قصيدة ( تصدق ودي بس أفهم ) وهي من أجمل قصائدة وأحلاها على الاطلاق :
تصدّق ودّي بس افهم
مصيري يابعد كلّي
شعورك قوله لا تكتم
ياوردي انته وفلّي
احبك ياعسى تفهم


هذه الايقاعية الشعرية الخاصة وهذه العاطفة المتدفقة بكل حرارتها وتلقائية بوحها وهذا الجو العذري الجميل ميزات مهمة قمينة بجذب المتلقي إلى هكذا نصوص .. ونظرة إحصائية سريعة لقصائد رايق تكشف لنا حقيقة أن النص الجميل يجذب إليه القراء من كل مكان بصورة لافتة وكمثال وبحسب ملفه الشخصي هنا بالسبلة فإن قصيدة ( ما وحشتك ) بلغ عدد قرائها ومن مروا عليها أكثر من ( 1600 مشاهد ) وكذلك قصيدة ( تصدق ودي بس أفهم ) وصــل عدد قرائها ( 1870 قارىء وقارئة ) وربما أكثر .. وهناك قصيدة أخرى له بعنوان ( نفسي أسألك ) بلغ عدد مشاهدات من مروا عليها ( 2368 مشاهد ومشاهدة ) وهو رقم كبير جدا يؤكد مصداقية شعر رايق البال وجماهيريته بالسبلة وكل هذا أو ذاك مرده الأساسي إلى النص نفسه وجماليته الاستثنائية التي منحته هذه الجاذبية والسحر والشعبية أيضا .

.2 رايـــق والســـيـاســـة ..ما من شاعر عربي أو شاعرة عربية إلا وكتب أو كتبت قصائد عن هموم وآمال وتطلعات أمتنا العربية وما تمر بها من نكبات وأزمات وهزائم وانتصارات .. فالشاعر يتأثر بما يجري حوله ويؤثر فيه على جرعات شعورية متباينة تختلف من شاعر إلى شاعر في درجة قوتها وحرارتها و طبيعة موقفها وردة فعلها وما تريد أن تقول .. رايق البال لم يكن شعره بمنأى عما يحدث في الوطن الكبير فهو فيه مشارك ومتفاعل مع قضاياه وهمومه .. غير أن رايق وللأمانة الأدبية ليس من ذلك النوع الذي تستهويه السياسة كثيرا ولا يكتب فيها إلا نادرا فهو أساسا شاعر خلق للحب ووظف موهبته الشعرية للحب وللنواحي الوجدانية ولذلك لا غرابة أن تجد بين ثنايا قصائده ندرة الشعر السياسي .. وقد عثرت له على نص قصير من سبعة أبيات من الشعر السياسي نظمه بلون الشعر النبطي المقفى ذو الشطرين بعنوان ( ضــنـا المأساة ) ويقول رايق أن هذا النص نص قديم كتبه ونشره في إحدى الصحف وكنت أتمنى لو أنه ذكر اسم الجريدة التي نشر فيها هذا النص أو على الأقل أشار إلى تاريخ نشره فيها بدون ذكر اسمها حتى نتمكن من معرفة ظروف الفترة السياسية التي كتب فيها هذا النص ومناسبته .

لا متى الصبر يااا أمة رسول الله
لا متى الحال ..على ماهو عليه يبقى ..!!؟
لا متى نعيش نتجرّع ضنا المأساه
واللي ظلمنا على هامااااتنا يرقى ..!!؟

بعد العداااله تبدّل شرعه ومجرااااه

ومن فيض جوره ألا كم صاحبي نلقى
..!!
ولجل انّه يهنى لزوم(ن) نخرس الأفواه
ولجل انّه يرضى لزوم(ن) نطلب الرفقا
وبعد السياده غدينا نتبعه كالشااااه

والنفس للذل غدت ياصاحبي عشقى

والعز فارق دياره هاجر(ن) مرفاه

للدااار ودّع وربّك يطلب الفرقا
هذي الحقيقه وهذا الواقع وفحواه
واللي فهمني يرّد لخافق(ن) مشقى


ومن الانصاف القول أن هذه القصيدة على ندرتها بين ما بحثت عنه من نماذج ـــ هذه القصيدة ليست قياسا مرجعيا لشعر رايق البال السياسي فحتما هناك قصائد أخرى أجمل وأقوى وأكثر جرأة كتبها رايق في هذا المجال ولم ينشرها هنا بالسبلة أو ربما نشرها في مجلات وصحف ومنتديات أخرى وربما لا يزال بعضها رهن الأدراج وهذا النص نفسه نشره رايق في إحدى الصحف في عدد قديم .. ولعله كما يلاحظ من طبيعة وشكل ووزن الأبيات من أشعار بداياته الشعرية المبكرة التي فيها بدأت تظهر موهبته الشعرية بعاطفة جياشة تؤكد حقيقة البذور الشعرية الأصيلة التي كانت تنبت في مداخل روح ومشاعر إبن صــور منذ سن مبكرة .

.3 الشعر الديني أو الوجداني لدى رايق البال ..

لعل نظرة سريعة على شعر رايق البال توحي للقارىء من أول وهلة أن رايق البال شاعر تفرغ بشعره فقط للحب وللغزليات .. ولم يهتم لا بدين ولا روحانيات .. هذا إنطباع سطحي متعجل لا يرقى إلى العمق أو الحق .. فرايق البال تطرق في شعره كما أسلفنا إلى مختلف جوانب الحياة ولم يغفل جانبا منها برغم أنه أعطى الجانب الغزلي النصيب الأكبر من إهتمامه ونزيفه أيضا .. هاهو في شعر الوجدانيات أو الروحانيات يكتب هذا النص بجمالية رائعة نابضة بالتصوف الروحي الجميل والهادىء والبعيد جدا عن أجواء التزمت والصلادة والروح التقليدية ذات النسق الواحد .. والنص عند قراءته بعمق ولذة وفهم يعكس ذلك الجانب الآخر من حياة رايق الشاعر والانسان .. هذا الرجل العاطفي جدا والرومانسي .. أنظر إليه في هذه القصيدة الروحانية البديعة والتي من عنوانها تستشعر تعلقا روحيا بين الشاعر وربه .. وكأنه يقول لنا : ليست الحياة كلها لعبا ولهوا فللروح لحظات إستفاقة تنشد فيها الخلاص والطهر والنقاء والرب .. تماما كما يفعل شعراء العصر الأموي .. إن الشاعر وإن تركزت عاطفته الشعرية على جانب من الجوانب دون سواه إلا أنه يظل لا ينسى معراجه الروحي نحو خالقه وبذلك تأتي المناجاة على أصدق وأعمق وأجمل وأحر ما تكون وفيها من رقة العاطفة ما يجعل النص نفسه مبهرا ورائعا كل الروعة .. وهذا نص روحي له بعنوان ( يا رب لطفك ) غاية في الرقة والدفق الشعوري المبتهل في محراب المناجاة العذبة والصادقة وتلك لحظات نازفة لا تضيء إلا في ساعة من ساعات التجلي الوجداني الغارق في حب المحبوب المشتاق إليه جل وعلا كأصدق وأحر ما يكون عليه الشوق والتوق :


يارب لطفك تقبّل صادق التوبه
واغفر لعبد(ن) لباس الذنب كاسنّه
اغفر لعبد(ن) شقنّه كثرة اذنوبه
من زود بلواه دمع العين جارنه
غرّه شبابه نسى الايام محسوبه
وانّه يسائل على كل مابدر منّه
يارب رحمه بعبد(ن) تاهت ادروبه
يامن لك الملك والغفران والمنّه
عبدك ينادي بليل(ن) حالك(ن) ثوبه
ومن دقّ بابك حشى ماخيّبت ظنّه


.4 الشعر الاجتماعي ..
الروح الجميلة تنعكس مرآتها على مواقف وأقوال وأفعال المرء .. ورايق البال كإنسان جميل القلب خفيف الدم لطيف الروح فيه حس فكاهي يكاد يشبه الروح الشعبية الجميلة لدى المصريين وخفة دمهم وظرافتهم وسرعة خاطرهم .. وهذا ما إنعكس ـــ كما سنرى ـــ على كثير من شعره الاجتماعي ذو النبرة الشعرية الساخرة والممزوجة بروح الدعابة الجادة .. يبسط القضية في النص بشكل تلقائي وجريء ويوظف مفرداته الشعرية لخدمة النص والفكرة توظيفا ذكيا مسنودا بشاعرية حقيقية تعرف بالضبط ماذا تريد أن تقول للقارىء الكريم وماذا ترغب أن توصل إليه من فكرة أو قضية عامة بدون أن تغفل مزج النص بطابع فكاهي أشبه بكاريكاتير ساخر يضرب بإيحاءاته في الصميم .في قصيدة ظريفة جدا له بعنوان ( المتصابي ) يكشف فيها بعض سلوكيات من فاتهم قطار العمر وعادوا بحنين أعرج إلى زمن الشباب ونضارة ربيعه من خلال أقنعة زائفة حاولوا بها ومن خلالها إقناع الـ ( آخــر ) أنهم مازالوا شبابا ونجمهم أزرقا كما يقول المثل بمعنى أن لهم جاذبية وسحرا في نفوس العذارى والحسان من النساء .. في قصيدة رايق البال ما يكشف زيف هذا المتصابي الذي لا يزال مصرا على لبس الأقنعة وإغراء النساء ووضع المصائد الغرامية لهن ولاحظ ـــ عزيزي القارىء / عزيزتي القارئة ـــ الحس الفكاهي في شعر رايق وكأنه في النص يصور لنا وبوصف دقيق صورة لمتصابي في السبعين لكن في شكل كاريكاتيري ساخر مبطن بالحقيقة المضحكة :


كحل عينه وصبغ شعره بلون(ن) اسود(ن) فاحم
توقّع ذا السواد ايعيد شبابه بعدما شابا
يوااعد قلبه بسهرة (سوارييييه ) وبهنى قادم

مع الدشداشة السوداء يبشّر روح تتصابى

اخذ مع (بيجره) (نقالّ) وساعة (تايتن) وخاتم
مع( التانجو) رقص و(الفالس) وغنى مرمسي طابا
تعطر من عطر ( شانيل ) سبح به فعالم(ن) حالم
توكأ (ع) العصا ورجله تحّث الخطو تتغابى
تتغااابى عمر ولىّ وحياة (ن) تطلب الراحم
تناسى (دنجوان العصر ) سنين(ن) نورها غابا


وهذا النص الطريف على فضائحيته الاجتماعية المعرية لبعض السلوكيات المنفرة من رجل كبير وطاعن في السن يفترض أن يكون أعقل بكثير من أن يحط بنفسه هذا الانحطاط ويكون أكثر وقارا وتواضعا وقناعة أمام نفسه وأمام الناس ـــ هذا النص يذكرني بمقطع من شعـر للشاعر مصطفى خلقي يقول فيه :
صــبـغ الشــعــر وأغــرى غـــادة

وهـو لا يُـحـســـن تـركـيـب الـرحـى !!

صـفـعــتـه وانـثـنـت قــائــلـة :

راج سُــوقُ الغــش حـتى في الـلـحـى !!

ومن بين جميل قصائد رايق البال ذا الطابع الاجتماعي قصيدة رائعة جدا وفيها من الحكم وتجارب الحياة ما يجعلها من القوة والصدق .. هاهو رايق البال يلقي لنا بعض من درر تجربته الحياتية التي انعكســت على شــعــره وعلى مواقــفه ورؤيــته أيضــا .. من قصــيدة رائعــة لــه بعــنـوان ( إجمع من الطــوب سلّم ) :
اجمع من الطوب سلّم للعلا ارقى به
واشرب من المرّ اكيد الخاتمه تحلى
كثييييير تلقى بدربك ناس جذّابه
لكن تمهل قبل قولة عسى وعلاّ

لا لا تغرّك مظااااااهر زيف كذابه

ماكل ضحكه وراها خافي(ن) احلى
وان شفت نفسك لفعل الخير وثاّبه
عطها مداهااااا وخلّها خطوتك عجلى

الناس للناس وكل(ن) خافي(ن) مابه
تلقاه يضحك وعينه بالأسى ذبلى
وان شفت خلّك تناسى وصّك ابوابه
اكبح جماحك وصبّر روحك الثكلى
غيره تلاقي به الاشواق غلاّبه
لجلك وتهنأ معه ياصاحبي وتسلا


5. ـــ تجربة رايق في الشعر الفصيح ..

رايق البال كما هو شاعر مبدع ومتألق في سماء الشعر النبطي فهو كذلك مبدع غاية الابداع في مجال الشعر الفصيح وكلمة حق أقول لو أن رايق البال واصل المسير بالكتابة باللون العربي الفصيح لكان لشعره مساحات عريضة وكبيرة جدا جدا من القراء أضعاف التي نراها له الان في مجال الشعر النبطي من القراء والمتابعين سواء في داخل السلطنة أو في الوطن العربي ككل .. ليس معنى كلامي هذا أنه أقل شاعرية في المجال النبطي .. لا أبدا .. فهو في الشعر النبطي شاعر متمكن أصيل الموهبة وشعره فيه قوي وعذب وكلنا نحب قراءته ومتابعته بحب وشوق وشغف .. لكني قلت في نفسي وأنا أقرأ له نص شعري كتبه باللغة العربية الفصحى وببحر عروضي جميل جدا وفي منتهى العذوبة والرقة والقوة والعمق ـــ قلت في نفسي وأنا أقرأ هذا النص بفرح غامر : ياليت رايق لو وآصل تجربته الشعرية الفصحى هذه وجعلها دربا جميلة لرحلته الشعرية كلها فهو فيها أجمل وأكثر من رائع ومبهر .. قصيدة من قصائد الشطرين ذات طابع غنائي ذو إيقاع موسيقي مبهر .. تجري على بحر ( الرمل ) وهو من أجمل بحور الخليل الستة عشر ويجري عروضيا على هذا النسق :

فاعلاتن ... فاعلاتن ـــــــــــ فاعلاتن ... فاعلاتن

ويصلح أن نجعل البيت يمضي بتفعيلة ( فعلاتن ) ســواء في الصــدر ( الشطر الأول من البيت ) أو العـجـز (أي الشطر الثاني من البيت بما فيه التفعيلة الأخيرة أو ما يعرف عروضيا بـ الضرب) كما فعل رايق البال في قصيدته ( أيها الحب كفاني ) المكونة من ثلاثة عشر بيتا والتي يقول في مطلعها :


ايها القلب كفاني
منك شكوى وعتابا
وحنيناً وعذاباً
وبكاءاً وانتحابا


واشتياقاً لحبيب ٍ
زاد هجراً واغترابا


ويمكن تقطيع هذه الأبيات الثلاثة عروضيا على هذا النحو :
فاعلاتن .... فعلاتن
فاعلاتن .... فعلاتن
فعلاتن .... فعلاتن
فعلاتن .... فاعلاتن
فاعلاتن .... فعلاتن
فاعلاتن .... فاعلاتن
لاحظ الموسيقى العالية الايقاع في المقطع ولاحظ معها عذوبة ورنين الكلمات في أذن المتلقي وكأنه يدندن أغنية جميلة عذبة الصوت واللحن .. وليس فيها نشاز أو خروج عن الإيقاع الذي سارت عليه بشكل منضبط من بداية أول بيت وحتى نهاية القصيدة وهو ما يجعل النفس تقرأها بحماسة وحرارة واندفاع . . وهذه بقية النص :
ياحبيبي ردّ روحي
ردّ عقلي والصوابا
فحياتي في يديك
وفؤادي فيك ذابا

كم نهيت القلب عنّك
ليت عن حبك تابا
كلما اوصدّت بابك
فتحت اشواقي بابا
انت لي اجمل حب ٍ
انت حرفي والكتابا
انت اشعاري وفنّي
انت لحني والربابا
فتلطّف بوصالك
وارحم الق
لب المذابا
الف مره لك اشرح
ان بعدك والغيابا
يرهق القلب ويذهب

بفؤادي والصوابا

وختاما ً لك حبيّ
قبل موتي والغيابا


وسواء كتب رايق البال شعره الجميل هذا الذي نقرأه له ونستمتع به على نمط حر أو شطرين نبطي أو فصيح ـــ على أي الحالتين ـــ فإن كفته في الفصحى سترجح بكثير على كفته في النبطي الذي إتجه فيه منذ سنوات إلى نمط الشعر الغنائي الحر ورهاني على ذلك أن رايق البال ليست تنقصه الأدوات اللازمة في ذلك .. لا تنقصه أبدا لا اللغة الفصيحة ولا الموهبة الشعرية ولا الثقافة الأدبية كي يكتب بها شعرا باللغة العربية الفصحى فهو أديب وشاعر عالي الثقافة ومتمكن من لغته نثرا كانت أم شعرا كما أن تجربته الشعرية الفصحى تعطيه الأفضلية وبقوة وثقة واقتدار لكتابة شعره بلغة عربية فصحى لجمال أسلوبه وروعة مخيلته ورقة نزفه وقدرته الشعرية الفائقة في تسخير المفردة اللغوية تسخيرا شعريا راقيا ومبهرا أيضا .. والتي لاشك أنه مبدع فيها غاية الابداع .. ولكن .. تظل هناك قاعدة معروفة تقول ( الناس فيما يعشقون مذاهب ) .. ولا يمكن فرض هذا الشيء على الانسان وخصوصا الشاعر لأن الأخير حر في ألوان كتاباته وحر في سموات تحليقه .. إنما هي أمنية من قارىء بسيط يحب شعر رايق البال ويحب أن يراه كذلك موجودا وبقوة ليس فقط في المجال النبطي فحسب وإنما أيضا وهذا هو الأهم في المجال الفصيح الذي جدير أن يواصل رحلته الشعرية فيه ويعود إليه بنفس قـــوة وعذوبة ووهــج وجمالية نـص ( أيها الحب كفاني ) ويكرر تجربته الشعرية فيه ولا يحرمنا من معين هذا اللون الشعري العربي الجميل الذي أنا على يقين أن نبعه مازال حيا فيه .
بقي أن أقول أن بحثي المتواضع هذا هو إنطباعات شخصية متواضعة جدا كتبتها بعجالة بقلمي وليست نقدا متخصصا بالمعنى العلمي لكلمة ( ناقد ) وعسى أن أكون قد وفقت في إبراز ما أتمنى إبرازه من شعر أستاذي الغالي الشاعر القدير رايق البال .. سائلا ربي أن يوفقه في درب رحلته الشعرية الجميلة التي أسعدت وما زالت تسعد قرائها بعطائها . ودمتم جميعا بألف خير .
ســــــعيد مصــبح الغـــافــري