المغصوب

قراءة سورة مريم من مذياع صغير..يتوسط جلستنا العائلية .. بصوت ملائكي ..للمرحوم/سعيد محمد نور .اسمعها باعجاب ..جميعنا منصتين باستمتاع ظاهر ...تتساقط دموعا من عيناها الغائرتان .. تعلق احيانا على بعض الآيات ..تردد بعضها ..تحفظ السورة عن ظهر قلب .. نكرر سماع السورة في اليوم التالي ..في ذات السهرة العائلية ..يسودها الهدوء .. في ليلة شتوية دافئة ..في ظلام معتم .. غير مقمر .. عدا ضوء قنديل بدء في الخفوت .. بقوله صدق الله العظيم ..تقفل المذياع .. مؤكدة لنا...أنه لسماع نشرة الاخبار فقط .. و سماع تلاوة القرآن الكريم..ثم يسود صمتا في الغالب .. اقسمت بالله العظيم في ذلك المجلس .. مؤكدة ان ارملته زهرة شاهدت زوجها سليمان المتوفي قبيل الفجر .. لمحته يتسلق جدار البيت .. وفي الصباح كان اناء الطعام خاليا من بقايا طعام العشاء ..ليس لديها شك ان زوجها مغصوب ..(أي مسحور لم يمت) .. مشيرة الى ان عمه قام بسحره .. تمنيت انا –بلهفه – ان تكمل حديثها عن الموقف.. كنت منصتا لدرجة الذهول .. لم اصدق ما سمعت .. هل يعقل ان يموت الرجل ..ويدفن في التراب .. ثم يبعث ويعود الى الحياة مرة اخرى ..هل درجة الجهل وصلت بنا الى مثل هذه المعتقدات الغريبة .. على رغم ذلك .. المشهد اقرب الى الصدق بالنسبة لي ... اما بالنسبة لرجال القرية .. فهم غير متأكدين أيضا مما يشاع.. الا أنهم تمسكوا بضرورة رؤية سليمان بأم أعينهم ...ويتعرفون عليه .. الامر يحتمل اكثر من تاويل .. حديث الساعة في القرية ..جذب اهتمام العامة .. لا يمكن باي حال تجاهل الامر .. اجمع الناس على اهمية ايجاد حل .. امساك سليمان هو اليقين القاطع ..الارملة متحمسه لامر امساكه .. والتعرف عليه ..وافقت ان يصعد الرجال الى اعلى سطح بيت السعف .. والانتظار حتى منتصف الليل ..لانتظار سليمان يدخل البيت لتناول الطعام كالعادة ...جهزت الارملة طعاما وضعته على آنية في وسط المنزل ...استقر الرجال كل في مكانه في سطح المنزل..ينتظرون سليمان ...والامر اليقين .. خلدت الارملة وابناءها الثلاثة للنوم .. بانتظار لحظة الحقيقة .. ومهمة الرجال الصعبة .. لم يغمض لها طرف .. والوقت يمضي بطيئا ..الرجال يتهامسون في سطح المنزل ..صوت الديكة بدات تتعالى بعد منتصف الليل .. كانها هدأت الا واحدا من الديكة ..استمر في صياحه لاسباب مجهولة .. ويتردد بين الفينة والاخرى عواء كلاب في نواحي متفرقة من القرية .. وفي لحظة صمت .. كسر السكون سقوط صوت صحن ..هنا نزق الرجال ..يتبادلون اشارات صامته ..تدل على اهمية الحذر في تلك اللحظة.. كما نزقت الارملة .. تخيلت ان الرجال نائمون .. الا ان حركة بسطح المنزل تدل على انهم ليسوا كذلك ..احد الرجال اطل على جهة سقوط صحن الاكل .. لم يشاهد احدا وسط الظلام ..اومأ برأسه للرجال نافيا رؤية احد ..تبعه رجل آخر ..لم يشاهد شيئا الى جانب الطعام ..اقترب اكثر ..تاكد ..نزق مرة اخرى لصوت مواء قطة سوداء .. هربت لرؤيته .. بعد ان اكلت طعام الاناء .. كرر الرجل الاستعاذة وقراءة المعوذات وسورة الكرسي. بقلمي : ناصر الضامري