زيف السعادة

عبدالله الشيدي

4/11/2014م

كثيرةٌ هي متطلبات الإنسان العصري كما يحب أن يسمي نفسه، على عكس الإنسان القديم الذي كانت أقصى أمنياته دخل يسير يعيل به من يليه وبيت يطبطب بعضه على أوجاع بعض ليكون الغد أكثر إشراقةً من الأمس، ولذلك عاش ذلك الإنسان القديم في قمة السعادة التي مثلتها البساطة والقناعة بما كتب الله.

أما الإنسان العصري فيبدأ يومه لاهثاً خلف زيفٍ من السعادة التي لم ينلها بعد، ولا أعتقد بأنه سينالها يوماً، الحقيقة في أن كثرة متطلبات الإنسان العصري تجعله مشتتاً بين الأسرة السعيدة، والمنصب الكبير، والشهادة العليا، والبيت الفاره، والمال الوفير، والتجارة العريضة، وهي معادلةٌ ربما حققها القليل من الناس، غير أنها غابت بقضها وقضيضها عن من سواهم.

فالإنسان العصري لا يدري بأن السعادة تنتهي من حيث المكان الذي بدأ هو سعيه إليها، أولا يرى الإنسان بأنه كان أسعد عندما كان صغيراً طفلاً، ويصارع غيره من أجل أن يسعده ويرى الطفل بأن لا سعادة تفوق تلك السعادة، ثم يبدأ ذلك الطفل في التفكير في اليوم الذي سيحصل فيه على شاربٍ كشارب أبيه، وهو ذات اليوم الذي أنتهت فيه سعادته كطفل. فبمجرّد التفكير فيما لا تملك، فإن ذلك التفكير يورثك هم الحصول على مبتغاك متكلفاً ما لا تطيق لتحقيق سعادةٍ لحظيةٍ واهيةٍ سرعان ما تنتهي لحظة تفكيرك في الخطوة التي تليها.

وليس هذا بتشاؤمٍ أو تكاسلٍ عن القيام بواجب التحري والبحث عن كل ما هو جديد، والعلم والتطوير والتطور مطلب أساسي في حياتنا الآنية، لكنني أتكلم هنا عن زاويةٍ ضيقةٍ من هذه الدائرة المتنامية من مطالب السعادة التي يطلبها الإنسان العصري فقط. فهل حصل أياً منكم على سعادته الكاملة؟؟ دع عنك كل شيء وناقش الأمر مع نفسك!! ثم قل لي متى ستصل إلى طيف السعادة؟