لا يخلو الإنسان من معكرات النفس، وأن تتناوب عليه منغصات الهموم، غير أنه وجب عليه أن يكون دافعًا لها يجرها إلى حياض التسليم والإيمان بالقضاء والقدر. وإذا كان هنالك أحد حق له أن يستأثر بالسعادة بعيدة عن الهموم والحزن، فهو سيد البشر، فقد ناله من الحزن والأسى، غير أن الفرق بيننا وبينه أن حزنه عليه السلام كان على أمة تعاهد على إخراجها من براثن الهموم، ومن عظائم الأمور، لتعيش عيش السعداء، فليت يكون حزننا على ما فرطنا في جنب الله.

"أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ"
"حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ".

ركبت الدنيا وخلقت بتلك الأدوات والمعايير التي بها يقاس صبر وإيمان الناس على البلاء والابتلاء، وما ذكر ذلك المثال من وصول الحال الذي أصاب الرسل حتى ينطقوا بذلك السؤال الذي به من علامة التعب، وطول الانتظار إلا ليكون عبرة لمن هم دونهم في الفضل، والإيمان، وحسن التوكل على الله المنان. لهذا علينا أن نتكيف مع تلك الحوادث، لأننا في النهاية لن نغير في الأمر شيئًا سواء تبرمنا أم غضبنا وشكونا! في النهاية نسلم الأمر، فالعاقل من جعل ذلك التسليم مختلطًا بالصبر الجميل لينال بذلك الفضل العظيم. فما ينقصنا هو إدارة الحزن، يقول قائل: الكلام سهل ولكن يبقى التطبيق! والحقيقة أن ذلك السائل هو في الأصل الملام كونه حجب ورفض تلك الرسائل الإيجابية التي بها تسكن الهموم، ويخفف الحزن من وطأته على القلب، ففي الأخير نحن من نثير ذلك الحزن حين نستحضر أليم المصاب.