صحيفة الشبيبة ...
محمد بن سيف الرحبي www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com


كمراقب أتابع ردود الفعل على الموازنة المعلنة، وعلى أسعار النفط وهي تهبط كل يوم، وعلى القلوب التي يرتبك نبضها كل يوم كأنما شرايينها على علاقة ببرميل النفط، حيث لغة الأرقام تتغير، وتربك معها أسواق المال، وحسابات الناس، وأملهم في الغد، أما عن الحاضر فهو على قدر عال من عدم اليقين.
أهم ما لفت نظري هو حالة القلق التي يعاني منها الناس، بينما الحكومة واثقة من قدرتها على الصمود، حتى إنها لم تعلن على أي رقم احتسبت موازنتها لهذا العام، علما أنها تعد قبل الأخيرة في الخطة الخمسية الحالية، وكما عرفت من أحد الوزراء بأن أغلب الوزارات لم تستهلك حتى نصف المبالغ المرصودة لمشاريعها، أي أن القضية ليست في المال.. بل في العقول، وفي حيرة المسؤول في اتخاذ القرار.. والروح الإبداعية في التفكير خارج الصندوق المعتاد، حيث إنه ورث العقيدة الوظيفية من سابقه، وحتى من يحاول الخروج من صندوق الاعتياد والمتّبع، سيواجه بمعارضة ممن هم تحته، وممن من فوقه.. وظيفيا.
لماذا المواطن قلق، ولماذا الحكومة واثقة؟
قلق المواطن واضح في درجة تعاطيه حتى مع الأفكار التي يحاول المسؤولون طرحها، والحملة على تصريحات وزير النفط والغاز (بصفته أكثر من يعرف حدود الدخل المتشكل غالبيته من عائدات النفط والغاز) واضحة، إذ تحوّل المجتمع إلى مهاجم شرس لكل من يطرح أفكارا لا تناسب المزاج العام، مع أنني أشير فيها إلى نقطة ممتازة، وهي الضرائب على من لديه أكثر من بيت. سؤالي هو: من يدفع ضريبة في ذلك أكثر من غيره؟ وهل من لديه بيتان يعتبر فقيرا؟ أجزم أن المواطن العادي لن يدفع ضريبة عن ذلك، وإنما سيدفعها الأثرياء وكبار المسؤولين الذين لديهم منازل وعقارات.. أضيف إلى تصريحات الرمحي أنه أشار إلى الرسوم على البنايات، وأنها غير واقعية، فمن يمتلك البنايات؟!
هناك أكثر من محلل اقتصادي طرح أفكارا جيدة، منها النظر في أولويات المشاريع الحكومية وآلية المناقصات المحصورة في نتائجها بين شركات محدودة جدا، ومحاصرة التجارة المستترة إذ إن متابعتها، رقابيا وتنظيميا، ستظهر الخفي مما يحدث وراء الستائر المعتمة، وفي المزارع التي تحولت إلى ورش، قادرة على تغيير صلاحية الأطعمة لتلقمنا الطعام الفاسد، ولذلك فإن رائحة الفساد تدخل في بطون الكثيرين بنفاذية عالية.
حالة الاطمئنان الحكومي، أو محاولة طمأنة المجتمع بدأت من تصريحات صاحب السمو نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، ومن أرقام الموازنة المعتمدة، ومن تصريحات صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد قبل يومين، وغيرها من التصريحات التي تتناقض مع قلق شعبي على لقمة العيش التي تبدو صعبة أمام واقع مؤلم للأسعار.
فهل تعلن الحكومة عن خطة تقشفية واضحة لا تمس حياة المواطن العادي، ولكنها تحكم قبضتها العادلة على اقتصاد خفي يستنزف قدرات الدولة، والأهم تخفف من حالة الازدواجية بين مؤسساتها، والحديث لم يعد سرا ....