مقال للكاتب أدهم شرقاوي في صحيفة الوطن القطرية في ذكرى النكبة

هم ونحن

هُم يحتفِلُون اليوم بسبعةٍ وستّين عاماً على قيامِ دولتِهم ونحنُ نبكي سبعةً وستين عاراً على نكبتنا !

هم جاؤوا لهيكل نبيّهم المزعوم ونحنُ رحلنا عن مسرى نبيّنا المؤكّد !

هُم أحيوا لغةً ميتةً ونحنُ نقتلُ كلّ يومٍ أكثر لغاتِ الأرض حياةً !

هُم يبكون عند حائط البراق ونحنُ نبكي عند معبر رفح لدخولِ زُجاجة دواءٍ لمريض وعُلبة حليبٍ لطفل ولمغادرة طالبٍ متفوّقٍ للدّراسة ولعودة معتمرٍ لبيته !

هُم يعملون بتوراةٍ خطّوها بأيديهم ونحن لا نعملُ بقرآنٍ محفوظٍ من التّحريف!

هُم يُحدّثهم حاخاماتهم عن ضرورة قتل العرب ونحن يُحدّثنا الأزهرُ عن حُسْنِ الجوار !

هُم منذ سبعةٍ وستين عاماً يحاربون ونحنُ منذ سبعةٍ وستين عاماً نشجبُ وندينُ ونستنكر !

هُم عندهم القدس قضيّة ونحنُ عندنا القدس سلعةً للتجارة نهتفُ زحفاً زحفاً نحو القدس ونذهبُ لنحررها في حمص !

هُم يدّعون أنهم يشبهون يوشع بن نون ونحن على يقين أننا لا نشبه الصحابة !

هُم أقاموا تاريخاً ميتاً من تحت التراب ونحن وأدنا تاريخاً حياً فخسرنا الجغرافيا وما زلنا ندّعي وصلاً بليلى !

هُم اثنتا عشرة طائفة في دين واحد ونحنُ ألف طائفةٍ لكلّ منها دين !

هُم حدود دولتهم عند حذاء آخر جنديّ من جنودهم ونحنُ أغلقنا حدودنا بوجه بعضٍ وما زلنا نغنّي بلادُ العرب أوطاني !

هُم يبحثون في الجامعات والمختبرات ونحنُ نبحثُ في غوغل !

هُم يعرفون قيمة الإنسان الميت فيعقدون صفقة تبادل يستبدلون فيها ألف حيّ بجثة ونحنُ عندنا الألف حيّ ليس لهم قيمة إلا إذا صاروا خبراً عاجلاً في نشرة الأخبار !

هُم يحميهم جيشهم ونحنُ لم نرَ جيوشنا إلا في رابعة ودمشق وصنعاء حين قُتلنا بالرصاص الذي دفعنا ثمنه من خبز أولادنا !

هُم يقرأون ما معدّله أربعين كتاباً للفرد في السّنة ونحنُ أمة إقرأ نقرأ ما معدّلة نصف صفحة للفرد في السّنة !

هُم يُربّون أولادهم أن قيمةً المرء فيما يعطيه للوطن ونحنُ نربّي أولادنا أن قيمةً المرء ما يأخذه من الوطن !

هُم يحتلون قبلتنا الأولى ونحنُ نحرسُ سفاراتهم في عواصمنا !

هُم عبدة المال الذين يتعالجون بالمجان ونحن الزاهدون الذين نموت على أبواب المستشفيات عندما لا نملك تكاليف العلاج !

هُم يأخذون حقوقهم بالقوانين ونحن نأخذ حقوقنا بالمعاريض !

هُم عندهم مفاعل ديمونا ونحنُ عندنا أكبر صحن حمص وأكبر قرص فلافل وأكبر طبق تبولة !

هُم عندهم أن اليهوديّ الذي أمه يهودية وأبوه غير يهوديّ أكثر يهوديّة من الذي أبوه يهوديّ وأمه غير يهوديّة ونحنُ نمتهنُ النّساء !

هُم الكفار الذين يأتون من كل حدبٍ وصوبٍ للصلاة في هيكل لا وجود له ونحنُ المؤمنون الذين لا يكتملُ صفّنا الأول في صلاة الفجر في مسجد الحيّ !

مقال للكاتب أدهم شرقاوي في صحيفة الوطن القطرية في ذكرى النكبة