تقضي الشريعة الإسلامية بأنه لا صيام لشهر رمضان حتى تثبت الرؤية
، وقد كان الصوم في يوم الشك مثار خلاف بين الفقهاء.

ومن طريف ما يروي أن (شريكًا) قاضي المسلمين على عهد (الرشيد)،
كان في مجلس الخليفة في يوم الشك والفقهاء عنده، فلم يزالوا جلوسًا
إلى الظهر ينتظرون الأنباء من هنا وهناك، فجاءت بأن الهلال لم يره
أحد البارحة، وكان بين يدي الخليفة تفاح، فطرح إلى كل من الجالسين تفاحة،
فأكلوا إلا القاضي (شريكًا)، فإنه لم يقرب تفاحته.

فأراد الفقيه الكبير (أبو يوسف) أن يوقع بين الخليفة وقاضيه
، فقال: انظر يا أمير المؤمنين إلى قاضيك يخالفك؛ إذ إنه أبى
أن يأكل ويريد أن يتم صيام اليوم.

ووجد القاضي نفسه في مأزق، ولكن بديهته أسعفته بقوله:
"لم أخالفك يا أمير المؤمنين، بل هو الذي خالفك... إنما أنت
إمام ونحن الرعية لا نفطر حتى تفطر أنت، وليس لنا أن نتقدمك".

قال الخليفة: (صدقت)، ثم أكل وبعده أكل شريك.

المصدر: كتاب (رمضانيات.. أدب فن نوادر) للأستاذ مصطفى عبد الرحمن.

2-

خرج الحجاج ذات يوم قائظٍ، فأُحضر له الغذاء، فقال: اطلبوا من يتغذى معنا.
فطلبوا، فلم يجدوا إلاَّ أعرابيًّا، فأتوا به، فدار بين الحجاج والأعرابي هذا الحوار:

الحجاج: هلم أيها الأعرابي لنتناول طعام الغذاء.

الأعرابي: قد دعاني من هو أكرم منك فأجبته.

الحجاج: من هو؟

الأعرابي: الله تبارك وتعالى، دعاني إلى الصيام فأنا صائم.

الحجاج: تصومُ في مثل هذا اليوم على حَرِّه.

الأعرابي: صمتُ ليوم أشد منه حرًّا.

الحجاج: أفطر اليوم وصُمْ غدًا.

الأعرابي: أوَيضمن الأمير أن أعيش إلى الغد؟

الحجاج: ليس ذلك إليَّ، فعِلمُ ذلك عند الله.

الأعرابي: فكيف تسألني عاجلاً بآجلٍ ليس إليه من سبيل؟!

الحجاج: إنه طعام طيب.

الأعرابي: والله ما طيَّبه خبّازُك وطباخك، ولكن طيبته العافية.

الحجاج: بالله ما رأيت مثل هذا.. جزاك الله خيرًا أيها الأعرابي، وأمر له بجائزة.
.
3-
لإنسان على ما جُبل عليه، وهذا ما حدث فعلاً لأحد الشباب؛ حيث قرَّر أن يصوم
يومًا تطوّعًا في الصيف، فأمسك عن الطعام والشراب، وما لبث أن غابت قضية
الصيام عن ذهنه، فلما أتى وقت الغداء تناول وجبة دسمة من الأرز واللحم
وغير ذلك من أطايب الطعام، كل ذلك وهو ناسٍ أنه صائم.

بل إنه أتبع طعامه بالكثير من الفواكه الطازجة، وبعد انتهائه من غدائه الدسم تذكّر أنه صائم،
ثم ذهب إلى صلاة العصر ونسي مرة أخرى أنه صائم، فشرب كوبين من الشاي الثقيل،
ثم تذكر مرة أخرى أنه صائم، ولا يزال هذا الشاب يتساءل حتى يومنا هذا: يا تُرى، هل صيامي صحيح؟!