أشهى طبق
عبدالله المغلوث
في عام 2006 نسي الطالب درو هيوستن في جامعة "إم آي تي" الفلاش المموري -الذاكرة التخزينية التي تحتوي على مشروعه- في المنزل. تأجل على أثر هذا النسيان عرضه الذي من المفترض أن يقدمه لأستاذه وزملائه. سأله أستاذه أن يحرص في المرة المقبلة على ألا ينساه وإلا فإنه لن يمنحه فرصة ثانية كونه أفسد برنامج عروض زملائه هذا الفصل. شعر درو بحرج وأنه قد يواجه المصير نفسه مستقبلا كونه يحمل أكثر من "فلاش" في جيبه لأكثر من مادة وهذه الفلاشات تسبب له مشكلات لا حد لها سواء في جامعته أو في مشاريعه الخاصة. رأى درو أن نجاحه دراسيا وعمليا يحتم عليه أن يحل هذه المشكلة. حاول أن يخصص إيميلا -بريدا إلكترونيا- بسعة كبيرة. لم تنجح الفكرة تماما. يتم غلق بريده خلال فترة قصيرة بسبب حجم الملفات الكبيرة التي يبعثها إليه. فأصبح حل هذه المشكلة أولوية قصوى بالنسبة له كي يمضي قدما. كرس لها كل وقته. أسس موقعا خاصا به يستطيع أن يحفظ فيه ملفاته بسلاسة ويستطيع أن يدخل عليه من كل مكان عبر شبكة الإتترنت. استفاد أصدقاء درو من هذا الموقع البسيط السهل. وأصبح بعض من لا يعرفونه يتقربون منه حتى يمنحهم مساحة في موقعه يخزنون فيها ملفاتهم الخاصة. أحس درو أنه أمام مشروع إلكتروني يبشر بالنجاح. افتتح موقعا تجريبيا في يونيو 2007 أطلق عليه اسم "دروب بوكس" وهي خدمة تطبيق ويب تعمل بطريقة الحوسبة السحابية على خزن الملفات الموجودة لدى المستخدم. ويمنحك الموقع بعد التسجيل سواء عبر الشبكة أو تطبيق الجوال الحصول مباشرة على 2 جيجابايت من فضاء التخزين. ويتطلب الحصول على مساحات أكبر دفع رسوم.
لم يحل الموقع مشكلة درو فحسب؛ بل جعله ريادي أعمال عالميا اقتفت أثر مشروعه كبريات الشركات التقنية. وتشير التقديرات إلى أن "دروب بوكس" تبلغ قيمتها السوقية عشرة مليارات دولار أمريكية. تحولت معاناة درو إلى قصة نجاح.
أتاكد يوميا أن كثيرا من النجاحات التي نحققها في حياتنا تبدأ بتحد. علينا أن نؤمن أن الضغوط والحرارة التي تكتنفنا تنضج تجربتنا. تتعبنا في البداية وتسعدنا في النهاية. أشهى الأطباق هي التي تتعرض لحرارة شديدة. ننتظرها طويلا، لكن عندما نلتهمها نؤمن أنها جديرة بكل هذا الوقت والانتظار والترقب والجهد الذي بذلناه في سبيلها.