اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابا مازن مشاهدة المشاركة
و كيف هو الحال في زعماء العالم العربي هل هناك من يملك الجراة للتنحي
“وثائق بنما” تفضح انحياز بعض وسائل العربية لقادتها ومموليها رغم تورطهم.. وتمارس التضليل على جمهورها.. والاستثناءات قليلة.. بل نادرة جدا

panama-alllllll.jpg77777

مدريد ـ “رأي اليوم” ـ البشير محمد لحسن:

لم يستوعب العالم بعد كيفية حصول التسريب الضخم، الذي عرضت بموجبه اكثر من 11 مليون وثيقة، اصبحت تعرف اعلامياً ب “وثائق بنما”، فبينما ترجمت الشعوب وحتى الحكومات الغربية غضبها الى مظاهرات ومطالبات بفتح تحقيقات قضائية، وكذا إدراج دولة بنما من قبل فرنسا مثلاً ضمن قائمة دول التهرب الضريبي، بل وحتى استقالات بالنسبة لبعض المتورطين، كحالة رئيس حكومة ايسلندا ديفيد سيغموندور غونلوغسون، الذي قدم استقالته فور شيوع خبر إدراج إسمه ضمن القائمة السوداء التي تضمنتها و”ثائق بنما”.

أما في عالمنا العربي فقد طغى التضليل على التعامل الإعلامي مع تلك الفضائح، ورغم تورط شخصيات من مصر، تونس، الأردن، العراق، المغرب، السودان، سوريا، الإمارات العربية المتحدة، السعودية وقطر، غير أن معظم الوسائل الإعلامية الخاضعة لسيطرة الدول التي وردت أسماء قادتها قللت من شأن تلك التسريبات، أوتعمدت إخفاء أسماء قادة بلدانها، مكتفية بذكر بعض الشخصيات الاخرى، أوفي احسن الاحوال التلويح بنظرية المؤامرة.

ونبدأ قراءتنا من تغطية الصحف السعودية للقضية، فعلى الرغم من أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز من بين الشخصيات البارزة التي ذكرت في”وثائق بنما”، حسب شبكة “أي بي سي” الاخبارية الامريكية، التي نقلت عن الموقع البريطانى الشهير “رويال سنتر” “أن إحدى الوثائق المسربة التى تخص ملك السعودية وإستغلاله لإحدى الشركات البريطانية والتى تدعى “فيرجن إيلاند” لإخراج قروض الرهن العقارى التى تقدر بنحو34 مليون دولار على منازله الفاخرة بالعاصمة البريطانية لندن من أجل التهرب من الضرائب”، ناهيك عن تناول أغلب وسائل الاعلام العالمية لأسماء كل المتورطين في الفضيحة، غير أن هذه الصحف السعودية، عرضت عن ذكر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، مكتفية بالقول، في عددها الصادر يوم الاثنين الماضي “وسلطت وثائق بنما الضوء على معاملات مالية لشخصيات سياسية وعامة بارزة، والشركات والمؤسسات المالية التي استخدموها في مثل هذه الانشطة. ومن بين الذين ذكرت اسماؤهم في الوثائق اصدقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واقارب لزعماء الصين وبريطانيا وايسلندا وباكستان بالاضافة الى رئيس اوكرانيا”. كانت تلك هي تغطية الصحف يوم الاثنين الماضي بعد تسريب وسائل الاعلام العالمية للفضيحة، فيما تجاهلت القضية تماماً، واكتفت بعرض وجهة نظر مكتب المحاماة “موساك فونسيكا” الذي يدّعي تعرضه للقرصنة. كما ذكرت وثائق بنما ان افراداً من الاسرة الحاكمة السعودية متورطون في القضية.

صحف اخرى موالية وممولة من قطر كانت أكثر انفتاحاً نسبياً على الموضوع، حيث ذكرت في خبرها حول الفضيحة ليوم الاثنين الماضي، أسماء بعض الزعماء العالميين والعرب المتورطين، من دون ذكر أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وكذا حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق. وقد جاء خبر الصحف على النحو التالي “التسريبات الضخمة تكشف كيف يقوم أثرياء في العالم وقادة سياسيون ـ ومن بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جينبنغ والرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والرئيس السوري بشار الأسد، ونجوم رياضيون ومجرمون في مختلف أنحاء العالم ثرواتهم بإخفاء أموالهم. كما كشفت الوثائق شركات مسجّلة بأسماء زعماء عرب بينهم الملك المغربي محمد السادس وملك السعودية سلمان بن عبد العزيز ورئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد، والرئيس السوري بشار الأسد، والرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.

الى ذلك اكتفت الصحف المغربية الموالية للقصر في تغطيتها للقضية يوم الاثنين، بتناول القضية برمتها ضمن عنوان ثانوي ضمن أخبار الرياضة يقول “وثائق بنما حلقة في مسلسل تهرب ميسي الضريبي” وكأن الأمر لا يعني المغاربة من قريب اوبعيد، اولا يتعلق بأموالهم العامة، بينما وثقت الصحافة العالمية حسب “وثائق بنما” دائماً، تورط الملك المغربي محمد السادس في إمتلاك شركات في الملاذات الضريبية عن طريق سكرتيره الخاص منير المجيدي.

الحال لم يكن يختلف في الصحافة الاماراتية، التي اكتفت بالحديث عن القضية في نسختها الرياضية يوم امس، تحت عنوان “ميسي يقاضي الإعلام الإسباني بسبب وثائق بنما”، ولا نجد أي ذكر لحاكم الامارات، حيث أوردت صحيفة “الغارديان البريطانية اليوم، استنادا إلى “وثائق بنما”، أن حاكم الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان يملك إمبراطورية عقارية بقيمة 1.5 مليار يوروفي لندن. وتشمل إمبراطوريته عددا من المبان الفخمة في العاصمة البريطانية”.

وقد كان القاسم المشترك بين معظم وسائل الاعلام العربية الخاضعة للنفوذ في تغطيتها للقضية، هوتكثيف تناول الاخبار المتعقلة بعائلة الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، وكذا اقارب الرئيس السوري الحالي بشار الاسد، والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، اورئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي.

الحال يختلف قليلاً بالنسبة لتناول الصحافة في تونس، العراق، السودان اوالاردن، وذلك راجع ربما الى ان الاسماء المتورطة في تلك البلدان ليست من الوزن الثقيل، سياسياً على الاقل، كما انها لا تتمتع بالسيطرة المطلقة على وسائل الاعلام في بلدانها كما هوالحال في البلدان العربية الاخرى التي تورط حكامها اوملوكها في فضيحة “وثائق بنما”.

وفي تونس ظهر اسم السياسي المعروف محسن مرزوق، اما في السودان فقد كشفت الوثائق عن تورط الرئيس السابق أحمد عثمان الميرغني، بينما في الاردن نجد اسم علي أبوالراغب، رئيس الوزراء الأسبق.

واذا كانت وسائل الاعلام العالمية قد وجدت في تسريبا “وثائق بنما” مادة دسمة لفضح المتهربين ضريبياً في بلدانهم، والضغط على الحكومات لفتح تحقيقات قضائية، فإن الاعلام العربي الخاضع لسيطرة نفوذ الدول الغنية، اثبت مرة اخرى انه اعلام نخبة فاسدة، يدافع عنها حتى ولواثبتت الوثائق تورطها في فساد وتهريب اموال شعوبها، وهوما دفع جمهوره الى هجرته بحثاً عن الحقيقة وهروباً من التضليل وإخفاء المعلومات.