فَصْلٌ فيمَا يَنْبَغِي أنْ يُسْتَقْبَلَ بِهِ هَذَا الشَّهْرُ الكَرِيْمُ
9⃣﴿ ﷽ ﴾
"قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "مَنْ أرادَ الله بهِ خَيرًا فقهَهُ في الدِّينِ"
تعَرَّفْ -يا أُخَيَّ، جَعَلَني اللهُ وإيَّاكَ خَيرَ خلَفٍ لخَيرِ سَلَفٍ- أنَّ السَّلفَ الصَّالحَ -رِضْوانُ اللهِ تَعاَلى عليهِمْ- كَانُوا يُعِدُّونَ العُدَّةَ لاسْتِقْبَالِ هَذَا الشَّهْرِ الكَرِيمِ فيَدْعُونَ اللهَ نِصْفَ العَامِ أنْ يُبلِّغَهُمْ هَذَا الشَّهرَ، والنِّصْفَ الآخَرَ أنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمْ صِيَامَهُ، فيَنْبَغِيْ للمُسْلِمِ أَنْ لا يُفَرِّطَ فِي مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ، وأنْ يَكُونَ مِنَ السَّبَّاقِينَ إِلَيْهَا المُتَنَافِسِينَ فِيهَا؛ قَالَ تَعَالى:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}
فجَدِيرٌ بالمُسْلِمِ إِذَنْ وهُوَ يَستَقْبِلُ هَذَا الشَّهْرَ الكَرِيمَ أنْ لا يَكْتَفِيَ بمجَرَّدِ نِيَّةِ الصِّيَامِ فَقَطْ بَلْ عَلَيهِ أنْ يَصْطَحِبَ مَعَهُ بَعْضًا وكَثِيرًا مِنَ النِّيَّاتِ قَبْلَ وعِنْدَ دُخُولِ رَمَضَانَ، مِثْلَ:
نيَّةِ خَتْمِ القُرْآنِ مَعَ تَدَبُّرِهِ حَقَّ التَّدَبُّرِ؛ فَقَدْ كَانَ النَّبيُّ ﷺ يَلْقَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ الْقُرْآنَ مَرَّةً في كُلِّ عَامٍ، حَتى إذَا كَانَ العَامُ الذِي قُبِضَ فِيهِ عَرَضَهُ عَلَيهِ مَرَّتَينِ.
نيَّةِ التَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ مِنْ جميعِ الذُّنُوبِ؛ فَقَدْ قَالَ المصْطفى ﷺ : "..رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ".
نيَّةِ العمَلِ لهَذَا الدِّينِ ونشْرِهِ والدَّعوةِ إلَيهِ بينَ النَّاسِ؛ قَالَ تَعَالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
نيَّةِ وَضْعِ بَرنامَجٍ مَلِيْءٍ بالعبَادَةِ والطَّاعَةِ والجِدِّيةِ، والالتِزَامِ بِهِ؛ فَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ وإِلى رَسُولِهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب المعتمد
في فقه الصيام