خدمة الفتاوى������


⚫فَصْلٌ فيمَنْ يجِبُ عَلَيهِ الإِفْطَارُ والقَضَاءُ


��المُكْرَهُ:


هُوَ المُكْرَهُ عَلَى الإِفْطَارِ إِكْرَاهًا مُلْجِئًا بحيْثُ إِنْ لمْ يُفْطِرْ أَوْقَعَ بِهِ المُكْرِهُ مَا لا يُطِيقُهُ مِنْ مَكْرُوهٍ وَضُرٍّ بَالِغٍ كقَتْلٍ أو ضَرْبٍ أو بَتْرِ جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِهِ، فالوَاجِبُ عَلَيهِ هُنَا أَنْ يُنْقِذَ نَفْسَهُ بِالشُّرْبِ أو يُنقِذَ نَفسَهُ بتَنَاوُلِ الطَّعَامِ وَلا عَلَيهِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا القَضَاءُ؛ قَالَ تَعَالى:} إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ{ النحل: ١٠٦، وفي الحَدِيثِ الحَسَنِ[17] عَنِ النَّبيِّ عليه السلام : " إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْه"[18].


�� المُضْطَرُّ:


المُضْطَرُّ لِشِدَّةِ جُوعٍ أو لِشِدَّةِ ظَمَأٍ بِحَيثُ لا يَسْتَطِيعُ هَذَا المُضْطَرُّ أنْ يُواصِلَ الصِّيَامَ إِلى اللَّيلِ، ويخْشَى بِالموَاصَلةِ الهَلاكَ المحقَّقَ علَيهِ أَنْ يُفْطِرَ؛ لأنَّ المُسْلِمَ مَأْمُورٌ بِأَنْ يُنْقِذَ نَفْسَهُ كمَا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ أَنْ يُلْقِيَ بِنَفْسِهِ إِلى التَّهْلُكَةِ؛ قَالَ تَعَالى:} وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ { البقرة: ١٩٥[19].
وقَدْ شَدَّدَ مَنْ شَدَّدَ مِنَ الفُقَهَاءِ في المُضْطَرِّ فَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مِقْدَارِ ضَرُورَتِهِ إِلا أنَّ هَذَا التَّشْدِيدَ لا محِلَّ لَهُ عِنْدَ شَيخِنَا العَلاَّمَةِ بَدْرِ الدِّينِ الخَلِيْلِيِّ -حَفِظَهُ اللهُ- نَظَرًا إِلى أَنَّ رِيقَهُ قَدِ انْتَقَضَ وصَومَهُ قَدِ ارْتَفَعَ وقَضَاءَهُ قَدْ وَجَبَ فَلا مَعْنى للإِمْسَاكِ؛ ولا يُكلَّفُ المرْءُ بِالوَاجِبِ مَرَّتَينِ، فَإِنَّ اللهَ بِعِبَادِهِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ[20].
قلتُ: وقدْ أضَافَ شَيخُنا القَنُّوبيُّ -حَفِظَهُ اللهُ- عِنْدَ المُرَاجَعَةِ بخَطِّ قَلَمِهِ "وَهذَا هُوَ الصَّحِيْحُ عِنْدِيْ".

��تَنْبِيْهٌ:


عَلَى مَنْ أَفْطَرَ شَيئًا مِنْ رَمَضَانَ لأَيِّ عُذْرٍ كَانَ أَنْ يَقْصِدَ في قَضَائِهِ الزَّمَنَ العَارِيَ مِنَ العَوَارِضِ أو الموَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ كيَومِ العِيْدِ المحَرَّمِ صَومُهُ، وكَذَا عَلَى المرْأَةِ الَّتي تُرِيْدُ أَنْ تَقْضِيَ مَا عَلَيْهَا أَنْ تَقْصِدَ الأَيَّامَ الَّتي لا يَتَخَلَّلُهَا الحَيضُ أو النِّفَاسُ أو أَيُّ عَارِضٍ شَرْعِيٍّ، واللهُ أَعْلَمُ[21].




�� المصدر ��
كتاب المعتمد في فقه الصيام
�� الصفحة 161-168