عنوان الحلقة: التنقل بين المكــاتــب
لقد أولى الإسلام الوقت قيمة عظيمة، فهو الحياة بالنسبة للإنسان، فمن اغتنم وقته في الصالحات أفلح وسعد في الدنيا والآخرة، ومن أضاع وقته وأهدره فقد أهدر حياته وعمره وخاب وخسر
قال الله تعالى:
( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
والواجب على الموظف أن يتقي الله تعالى ويحفظ وقته، ويؤدي أمانة عمله بغاية الإتقان، حتى تبرأ ذمته ويطيب كسبه ويرضي ربه ويعمل بقوله تعالى:
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا )
وللأسف فإن من المظاهر التي أصبحت مألوفة في تضييع الوقت في أيامنا هذه، تنقل الموظفين بين المكاتب والأقسام في مقر العمل لإضاعة الوقت مع الزملاء والأصدقاء في الثرثرة في أمور تافهة لا طائل من وراءها، وكثيرا مايجتمع الموظفين في مكتب أحدهم ويقضون الساعات الطوال في الحديث، وتكاد تغلب أحاديثهم الغيبة والنميمة وقول الزور وماشابه ذلك، أو أنه على أحسن الأحوال هي ثرثرة ولغو وكلام فارغ لاطائل من وراءه، وهذا إن دل على شي فإنما يدل على غفلة أكثر الناس عن حفظ أوقاتهم، واستغلالها فيما يرضي الله عزوجل ويعود بالفائدة على أعمالهم.
وتعد هذه الزيارات المكتبية غير المنظمة التي يقوم بها العديد من الموظفين، من أعظم مضيعات الأوقات ففي كثير من الأحيان يكون الموظف في مكتبه عاكفا بهمة ونشاط على عمل معين يريد انجازه، وفجأة يأتي من يعطله عن عمله ويهدر وقته، فيضطر المرء إلى قطع عمله النافع واستقبال هذا الزائر الثقيل والحديث معه.
والمشكلة أن بعض الموظفين قد يستحي ويخجل من مواجهة الآخرين، ومصارحتهم بحرصه على استغلال وقته وبأنهم أناس مضيعون للوقت.
لذا فإن الحل يكمن في أن يحرص المرء على إشعار من حوله من الناس المحيطين به بحرصه الشديد على اغتنام وقته في الطاعات التي تقربه إلى الله، وفي انجاز أعماله ، وذلك أن الناس المحيطين إذا شعروا بذلك؛ أدركوا أنه لامجال لدى هذا الشخص للثرثرة واللغو معهم ، وإضاعة الوقت فينصرفون عنه.
ولقد كان السلف الصالح ينكرون على مضيعي الأوقات ويحثونهم على اغتنام أعمارهم فقد قال سري السقطري:
(دخل عليَّ أبو جعفر السماك وكان شيخًا متعبدًا مترويًا فرأى عندي جماعة من الكسالى ومضيعي الأوقات يثرثرون معي فوقف ولم يقعد ثم نظر إلي وقال: ياسري صرت مناخ-أي مأوى-الباطلين ورجع ولم يقعد وكره اجتماعهم حولي).
اللهم اجعلنا من الذين يغتنمون أوقاتهم فيما يرضيك،،
🖍بتصرف من كتاب أخـطاء شـائعة