الحلقة الحادية والعشرون ٢١

��" أني مغلوب " ��

بعد ذلك الموقف الثابت الذي وقفه عادل أمام ماضيه .. تقدم خطوات كبيرة في علاقته بربه .. فقد عوضه الله عن هاتفه الذي قاده للمعاصي بالقرآن
فقد أصبح رفيقه يتلوه ويحفظه .. كما حُبب إليه إرتياد المساجد .. لا يمل أبدا من المكوث فيها .. لقد بدأ يشعر حقا بالمقولة العظيمة القائلة " من وجد الله فماذا فقد ؟! " لقد أصبح أكثر يقينا بأنه لم يفقد شيء أبدا .. بل هو في نعمة عظيمة حينما وجد الله عز وجل
إنه الآن في نعمة لو علم بها الملوك وابنائهم لجالدوه عليها بالسيوف .. ومستحيل أن يأتي ما يعكر عليه صفو علاقته بربه .. هكذا خُيل إليه .. فوسط إنشغاله بالتقرب من الله .. وبحثه عن الوظيفة المناسبة حدث ما لم يكن في الحسبان .. مرضت بهجة مرضا شديدا .. وظلت حالتها تسوء يوما بعد يوم .. وأصبحت طريحة الفراش في المستشفى .. كانت أمل معها في كل وقت وكل حين منفطرا قلبها عليها وهى تراها تذبل أمامهم ولا يستطيعون فعل شيء
أما عن عادل فقد أصبح المسجد بيته يتضرع إلى الله في كل وقت وكل حين بأن يرفع البلاء عن ابنته
أشرقت شمس ذلك معلنة .. رحيل بهجة .. كانت صدمة كبيرة جدا على عادل بكى في المستشفى على صغيرته بكاءا لم يبكيه من قبل .. حتى أشفق عليه كل من راه حينها .. وبعدما تم دفن الطفلة .. عاد عادل للشقة منهارا نفسيا .. وظل يبكي وينتحب أمام أمل قائلا
عادل: أشعر بأن الله لا يحبني .. فكلما اقتربت منه أكثر .. ابتلاني بمصيبة أكبر .. إنه لا يقبلني ولا يقبل توبتي
قال ذلك وانهار باكيا .. أثرت كلماته كثيرا على أمل التي قالت له بإيمان ويقين
أمل: استغفر ربك يا عادل .. إن ما تقوله الآن هو التسخط بعينه
نظر إليها بعينه الباكية قائلا: تسخط ؟! !
هزت رأسها بنعم قائلة: نعم .. فحين نتذمر من قضاء الله ولسان حالنا يقول لماذا يحدث لنا ذلك .. فهذا تسخط على قضاء الله الحكيم المدبر
أخذ عادل يتمتم بكلمات الإستغفار وهو يبكي بشدة .. ولم يكن عادل يمتص هذه الصدمة حتى صُدم مجددا بعمه .. يتوعده بالإنتقام منه لأنه تسبب بوفاة بهجة .. وقد نفذ كلامه بالفعل فألب أصحاب الشركات المديون لهن عادل بالمال ضده .. فثاروا عليه يريدون أموالهم في أقرب فرصة بل إن بعضهم أوصل الأمر للقضاء .. دارت الدنيا على عادل .. فاضطر أن يتخلص من سيارته كي يدفع ولو الشيء القليل من ديونه ..
أصبح لا ينام هذه الفترة .. فهو متعب نفسيا .. كان يمسك بمصحفه طوال الوقت .. فسمعته أمل وهو يقرأ باكيا " فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون " فبكى وبكى طويلا جدا ثم قال: لم أقدم شي في حياتي .. به ارفع عن نفسي وعن عائلتي هذا الكم العظيم من الإبتلاءات المتتالية
تنهد بحرقة ثم قال منتحبا: يا الله ارحمني .. ما هذا الذنب العظيم الذي ارتكبته فتعاقبني بسببه هذا العقاب الأليم .
كانت أمل تسمعه وتبكي .. لم تشأ أن تقطع عليه فضفضته مع ربه ..

.. اثقل الدائنون على عادل .. حتى اضطر أن ينسى اليحث عن وظيفة .. بل أصبح يبحث عن عمل أي عمل ..

♻يتبع ...