" الدعارة خلف الستور .. والمجتمع في المواجهة "
تٓشُق آذانَنٓا بين الحين والآخر أخبار الدعارة وهي تُمارَس في جيوب من الوطن، تنساق فيها قطعان الشباب إلى عالم البهيمية المخيف، وتقاد فيها حتوف الغافلين إلى مقاصل الموت، ولن تكون في قلوب تجار الشرف رحمة بواحد من هؤلاء، فضلا عن أن تكون لهم وطنية يرعون بها كرامة الوطن.
بيد أن الذي يردم هذه الأوكار هم أبناء الوطن أنفسهم عندما يستشعروا أنهم على حافة الهلاك، وأنهم مسؤولون .
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أنه ما تفشى الزنا في مجتمع إلا وسلط الله عليهم الأمراض والأوجاع، واختفت من وجوههم ابتسامة السعادة، وتراكض إلى الأُسَر بلاء مخيف ؛ يسحق فيه الزوج كرامة الزوجة، وتنشر فيه الزوجة عوار الزوج، وتفر من أوساط البيوت الخيرات والبركات.
إنه السبيل السيء الذي تبدأ فيه المؤشرات البيانية لأي أمة بالهبوط " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا " .
وعندما أقول بان المجتمع مطالب بالتحرك والتكاتف من أجل القضاء على هذه الاوكار؛ فإن ذلك يتطلب أمرين :
١- الثقة في أن الدولة لا ترضى بهذا العمل الدنيء
٢- المبادرة في التواصل مع الجهات المسؤولة وجعلها في الصورة.
قبل عشر سنوات تقريبا - لا أذكر المدة بالتحديد - نشرت مجلة فتون المنبثقة عن جريدة الوطن خبرَ اللحوم الحمراء، وهي ترتع على شوارع الحي التجاري بروي، وتناقل الناس الخبر في ذهول، كيف يمكن لدولة مسلمة أن ترضى بهذا، وظل الخبر تتناوله المواقع وتسخن به أحاديث الناس. فقررت أن أتحرك .. إن الكلام وحده لا يكفي وأن الجهات المسؤولة يجب أن تعلم بأن الوطن هو مجموعة المواطنين الشرفاء، الذين ينظرون إليه على أنه بيتهم، وموطن استقرارهم، وقد أمرنا الله تعالى أن نلهج للوطن بهذا الدعاء " رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام "
فطلبت مقابلة المقدم ضابط مركز شرطة روي، فأذن لي مشكورا - وكان رجلا شريفا وغيورا - وشرحت له الوضع وقلت إن مسؤوليتكم كبيرة في القضاء على أوكار الدعارة .
وأن الوطن أصبح مهددا أخلاقيا وصحيا، وإن استمر هذا الوضع سوف يكشف عن خسائر مخيفة في الجانين .
فقال لي وهو مشدود : أنت أول واحد يأتينا بعد نشر الخبر : إن الناس تتداول الأخبار ولا تشركنا في المسؤولية بالتواصل والثقة، نحن نعلم أننا سنتحرك، وأن واجبنا التحرك بمجرد حصولنا على الخبر، إلا أن ثقة المجتمع في أننا مسؤولون أيضا ضرورية لتقدم أي وطن، وتواصلهم معنا ومتابعاتهم ضرورية لتحقيق التكامل .
وأبشرك بأننا تحركنا قبل الخبر وهذه قائمة ب ٤٨ داعرة تم القبض عليها، وننتظر الإذن من المدعي العام لمداهمة بعض البيوت .
شكرته على غيرته، وشعرت حينها أنني أديت واجبي، وأشركت مؤسسات الوطن في حمايتي وأبناء وطني .
قبل أن أغادر مكتبه، استوقفني فقال: " هذا رقمي الخاص إذا وجدت ما يريبك من هذه الآفات فاتصل بي فورا "
فصار ذلك دأبي كلما شعرت أن في الوطن من ليس منه.
إن أجهزة الدولة يقظة باستمرار إلا أن القابعين خلف الستور يسترقون ساعة الغفلات؛ لينشروا في هذا الوطن سموما مميته، وسوف تلقى من الدهماء القبول، بيد أن اشتراك كل فرد في المجتمع لكشف هذه الستور؛ سوف يعري الناقمين على الوطن، الرابضين في مزابل العفن .
ولن يضيع وطنٌ أحبه أهله .
الدكتور سيف الهادي