
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ســـعـيد مصــبـح الغــافــري
وككل شاعر جل كتاباته شعر فإن الدخول في مغامرة الرواية يعتبر بحق مجازفة قد لا تنتهي بنتيجة مرضي عنها .. خصوصا إذا كان الكاتب جل سباحته الكتابية تدور ضمن نطاق الشعر والشعر فقط بكل ألوانه وموسيقاه وجنونه وصخبه وتغيرات أنوائه .. ومع ذلك الشاعر لا يتردد في خطوته على درب التجريب في عالم الرواية او القصة .. يدخل هذه الدرب .. يجربها ويخوض غمارها ويخرج نصا قصصيا رائعا بل ومبهرا في صياغته وفنياته الأدبية لكنه يظل متلبسا في أعماقه بروحه ( الشاعرة ) التي تحس أن عليها أن تشاكس هذه الضرة الجديدة التي اقتحمت مجالها أعني بها القصة أو الرواية .. ولذلك روح المشاكسة الشعرية تراها حاضرة وبقوة وبشكل خفي لا يكاد ينتبه إليه إلا قارىء متعمق .. إنها تندس في أحشاء وثنايا وزوايا النص وكأنها تنبه صاحبها وتتحمحم : أنا هنا .. ولذلك الكاتب هنا لا يستطيع أن يطردها أو يغلق الباب دونها او حتى ان يهرب منها تحت ذريعة ( أنا حر ) .. الروح الشعرية حاضرة بشكل خفي في هذا النص القصصي الجميل الذي كتبه ناصر الضامري بجمالية أدبية أبهرتني جدا به وبإسلوبه في هذا المجال الداخل فيه .. هذه الحالة موجودة عند كثير من الكتاب الذين يمارسون فعل الشعر والنثر معا وخاصة النثر السردي .. ولعل الروائية الكبيرة أحلام مستغانمي خير مثال على (شاعرية القصة) إن جاز لي أن أضع هذا المسمى .. وخاصة مع مغامرتها الشعرية الاولى والاخيرة في ديوانها ( عليك اللهفة ) والذي يكاد يتماس مع رائعتها الثلاثية المشهورة في الرواية وبالاخص رواية ذاكرة الجسد .. لاحظ قوة التلبس بين النثر والشعر في عمليها هذين .. ونفس الشيء حصل هذا التماس العجيب لدى الشاعر والكاتب القدير ناصر الضامري بين شعرية اسلوبه الذي مزجه بنثريته السردية الراقية لغة واسلوبا في ( بدوي من الربع الخالي ) وقد وفق إلى حد مدهش في تطبيع المشاكسة الشعرية التي تأبت أن تتركه لحاله مع القصة ولذلك وبذكاء أدبي يقظ ترك هذه المشاكسة تأخذ راحتها مع ضرتها الجديدة / القصة فراحت تندس في النص بشكل جعل من الاخيرة مزيجا من شعر ونثر سردي وهو أسلوب يرحب به الكثير من النقاد وتستريح له ذائقة القارئ وبذلك زاد من جماليته ومن تميزه على الصعيد الصياغي والفني ..
لن أطيل أكثر مما أطلت وسأكتفي بهذه الصرخة المدوية والصادقة الخارجة من أعماق روحي :
نـــــاصــــر .. أنـــــت مــــذهــــــــل !!