قصيدة للشاعر سالم بن علي الكلباني
( عمان اسعدي )
عمان اسعدي إنا ضمنا لك السـعـــدا
وطــوفــي بــآفــاق العلا كوكبا فــردا
لــقــد أبــت الأقــدار يــا مــعهد الإبا
لــعــزك أن يــلــقــى لــســلــطـانه ندا
عمان أيا لحنا بــحــنــجـــرة الــعــلا
ويا بحر جــود مــاؤه لــم يـــزل مــدا
عمان عمان العز والــبــأس والــفدى
ومهد البطولات التي تخلق المـــــجـدا
عمان وما أحلى عمان بــمــســمـعي
تصب بها الأفواه في خاطري شـهــدا
ثِقي أنــنــا أطـــواد عــــز وســــؤددا
وأن علينا من جلال الـــنّـُهــى بــــردا
خــلــقــنا ولا زلنا كراما على المدى
نقي عرضنا بـالــروح إن حـادثٌ جدّا
لنا شــرف لا يــنــكــر الـــدهر ذكره
تغلغل فـي أعــمــاق أعــمــاقــه فـردا
وما بـــالمنى نلنا الفخار على الورى
ولكن بفعل يصـدع الـحـجـر الـصـلـدا
هــدمـنا كــيـــان الــمـعتدين ودمرت
صواعقنا من أضمر الغدر والـحـقــدا
وقلنا وطلنا واعـتلـيــنــا بــعـــزمـــنا
وسدنا إلى أن ما وجــدنــا لــنــا ضـدا
صــفــات كــمــال خــصــنا ربنا بها
فكانت لنا جسما وكــنــا لــهــا جــلــدا
إذا حــنّ رعــد الــمــدفــعـية قاصفا
تــخــر الــجــبــال الــراسـيات له هدّا
ولاحــت بروق الإنفجارات في دجى
حنادسِ سحب النقع تستمطر الــجـهدا
ترى بــأســنــا يــزداد هــولا وشــدة
وأنفسنــا تــزداد فــي عــمــرها زهدا
وكــلٌّ ســيــفــنــا غــيــر أن فــنـاءنا
عــزيــز مـــدى الأيــام لا يـقبل النقدا
لــكــل زمــان ســيــخــلــق الله قدوة
مباركـة مــنــا تــعــلــمــه الـــرشـــدا
كــقــابــوس فــي هــذا الـزمان وقبله
ألوف مــن الأقــبــاس لم أحصهم عدا
وحسبي إذا أجملت فـي مــديــحــهــم
فقد كان قـامــوســا لــهــم جمع الحمدا
ومن ير مثلي فــعــلــه الــفــذ لم يجد
مــن الــقــول والإكــثار من ذكره بـدا
تكنفه عرش الــجــلال فـــشــب فــي
ذراه لكي يبقى لــكــف الــعــلا زنــدا
كــأن ضــمــيـــر الـدهر جاء به لكي
يـــكـــفــر عـــن ذنـب جنى قبله عمدا
فجاء وجاء الــخــيــر واليُمن والرخا
عــمــان فـأضحى زهر أحلامها وردا
تعانق فيها الأنس بــالــنــفس والمنى
بــطـيـب الهنا والروح بالرّوح والأندا
فلا غرو إن غــنــت بــلابل روضها
على أيكها المخضر مذ أصبحت خلدا
يروق لنا توصــيــفــهـــا غــيــر أنـه
من المستحيل الصعب لو نبذل الجهدا
إذا مــا وصـفنا بعض عمران دورها
عيينـا بعـمـران الـعـقـول الــذي جــدا
وإن قــيــل ذا درب تــسـهــل وعـره
وجدنا طريق العيش أســهــل مــمــتدا
بناء وعلم واقــتــصــاد وصــــحــــة
وفــقــه وفــن أصــبــحت للنهى عمدا
تـــحـــيـــط بــهـــا أسـوار أمن متينة
قـضى الله منها لاحتراس الحمى جندا
هـــنـــيـــئـــا هــنــيئا يا عمان بنعمة
نعمت بها بالا وفــزت بــهــا قــصــدا
فــضــيــلــة رب طــيبت لك حاضرا
كمـــاض قديــم كـنت في صدره عقدا
أرى الكون مشــغــوفــا بـحبك مولعا
بذكر هـبات مـنــك جــاوزت الــحــدا
أما كنت من قبل الــتــواريخ مصدرا
لــكـل نـبـيـل يـسـعـد الــسـهل والنجدا
هل البحر نــاسٍ أن مــلــكــك داســه
وذللّه حــتــى غــــدا حــره عــــبــــدا
تــمــشّــيــْتِ فـــي مــحـــيطاته على
أســاطـــيــل حــق دكّـت البغي فانهدا
فأرسيت في شــرق الــورى وجنوبه
قواعد لــلإســلام ســامــيــة الــمــبـدا
وجاهدت في الرحمن حــق جــهــاده
وهـذا هـو الأوفـى لـدى الله والأجـدى
ونلت رضاء المــصــطــفــى وثـناءه
ثــنــاء كــسـاك المجد أبيض لا يصدا
فأصبحت في فخرينِ فــخــرٌ ورثــتِهِ
قديما وفــخـــر مــحــدث نــلــتــه كدّا
ألا فاشْمَخِرِّي وارفعي الرأس عــاليا
كمــا كــنـــت فــي ســمــا العلا بــنـدا
قرأناك في التاريخ <ماغان> تـــارة
وأخرى مزون المكرمات التي تسدى
وهذا دليل على أن ربــعــك لــم يزل
مجال صراع للــبــطولات لا يــهـــدا
حمى الأزد من قبل الـنبي مــحــمـــد
حماك وكانوا لافـتــراس الــعــدا أسدا
فما جبنوا عــزمــا ولا وهــنـوا قوى
ولا ضعفوا رأيا ولا قــصــروا رفــدا
ولــمــا أتــى داعــي الــنــبــي إلـيهم
أجابوه طوعا لا اغتصـابـا ولا نــكــدا
فأشرق ديـن الله فــيــهــم ولــم يــزل
إلــى الـيـوم مـحـروسـا بأرواحهم يفدا
ومن يك نهج المصطفى السمح نهجه
يجد ورده عذبا ومضــجــعــه وهـــدا
كــمــثــل ابـن زيـد والـربــيع وجيفر
وعبد ألا أكرم بـــهم للـــهـــدى وفــدا
وكعب وبـشــيــر والــخليل ابن أحمد
ومــازن والصــلــت الــذي ما نبا حدا
فـمـن فـحـل عـلـم نوّر الأرض علمه
إلــى فـحـل حرب بأسه أصعق الأعدا
تربَّوا معا في حجرك الرحبو استووا
لــكــي يــقــِفوا في وجه من خفته سدا
كــيــحــمــدك الأحــرار لله درّهــــم
ويــعــربـك الأبــرار كـم فرّقوا حشدا
أضا برقهم في أفق مــســـقــط حينما
تـعطّش فــيـهـا الحق واستنجز الوعدا
فــأمــطــر جــنــد الــبـرتغال مخائلا
من الويل والتدمـيـر مـا تـركـت وغدا
وأصبح حِصنا مسقــط وكــنــوزهــا
مــغـــانـــم لــلإســلام لا تـرتجي بعدا
وعــاد إلــى أبــنــاء يــعــرب حكمها
وعاد إلـيهــا أنــسهــا بــعـــد أن صدا
فما زال فــيــهــا بــدرهم مــتــألــقــا
إلى أن رأت من شــمــس أحمدها خدا
هنالك قال الله يا ابن ســعــــيـــد رِث
وصُن وابن واستفتح وكن للندى مهدا
وَنـم في جواري تاركا من بنيك فــي
أعــز بــلادي خــيـر من يحفظ العهدا