● مذكرة صرخة :



في بعض الشذرات يلمس القارئ أفواه النساء جميعا تنطق من خلال حروف عادلة، فمثلا، في نص “مذكرة صرخة” نواجه سيرة للمرأة في صورة صرخة مكلومة مخذولة، وكأنها تكتب سرّة المرأة في سيرة الصرخة.

تعلّق عادلة عدي على هذا الرأي قائلة “بما أن المجتمعات لدينا تعودت على أن الصرخة دائما تنبع من المرأة أتت مذكرات الصرخة المكتوبة في الكتاب شبيهة بوجعها وما تعانيه في حياتها، بمعنى الصرخة المتوجعة أو المكلومة، مثلما تفضلت وقلت، صرخة مشحونة بالتعابير القلقة والتساؤلات الوجودية عن حياتها، هموم المرأة، والتبيعات التاريخية والمجتمعية، تجعلها أكثر قدرة على إطلاق الصرخة، أو لنقل الطريقة الوحيدة التي أجبرت بسببها على أن يلتفت الآخرون لوجودها حين تتألم وتتوجع″.


مقاطع وجمل مسكونة باللحظة
أكثر ما يؤرق شاعرتنا عادلة موت الدهشة، وأن تجد نفسها معتادة على شيء ما، وتخشى أن تنتمي إلى أي شيء لأجل الانتماء فقط، فالانتماء –حسب تعبيرها- أصبح يعني أن تكون لديك حدود للتعامل مع فكرتك.

أخذنا الحديث لمنطقة رأي النقاد في المنجز الشعري الجديد، وكيف أنه يؤخذ عليه غياب القضايا القومية والوطنية الكبيرة، واهتمامه بشكل مباشر بكل ما هو مشخصن ضمن تجربة الشاعر أو الشاعرة في حدودهما اليومية.

عن ذلك تعلّق عادلة “ربما الإشكالية تكمن في بحث الناقد عن الوطنية والقومية في النصوص الجديدة والقديمة ليعلق فيها أسباب انتكاسة الأوضاع العربية، يا سيدي العزيز، إن الفرد في بعض المجتمعات العربية والخليجية خاصة لا رأي له في كل القضايا السياسية والاقتصادية، كل ما هنالك قوانين ومراسيم تصدر كي يتم تنفيذها، والكاتب فرد في هذه المجتمعات، تجده غير قادر على الحديث عن رؤيته الخاصة لشيء هو من الأساس يفتقد إليه، ثم لو كان محيط الحرية الثقافية واسعاً سأكون على ثقة ساعتها أن مصطلح القومية والوطنية سيتلاشى ليصبح عالميا”.

ترى شاعرتنا أن “الربيع العربي استفاد منه الفرد الذي كان يخشى الإفصاح عن أفكاره، ولكن بصورة ذاتية، بمعنى أنه استطاع أن يكسر قناع الرهبة والخوف الذي كان السبب الرئيسي لعدم المقدرة في الإفصاح عنها، فالثورة وما خلفته من تصادم مع الأفكار الكهلة والتقليدية أحدثت نوعا من العزيمة والإقدام”.

وفي سؤال ختامي عن رأيها في إمكانية خلق هوية جامعة للمثقف العماني بتعدد أطيافه وانتماءاته بعد زمن الربيع، تجيب ضيفتنا “ما يميز الفرد العماني أنه قادر على امتصاص جميع الثقافات، ومقبل على جميع الأطياف، وتلك ميزة وهوية بحد ذاتها، وأتمنى أن تستمر وتنشط أكثر، ولكن ما أتمناه بالفعل أن تكون هذه الهوية مصدّرة وخالقة للأفكار الجديدة، وليست حاضنة للثقافات القديمة فقط، كما أنه من الجيد أن يعترف المثقف العماني بحقه بأن يكون مختلفا ومنفردا برؤيته، فما يحدث الآن أن هناك صراعا بينه وبين بيئته الاجتماعية والعملية التي تحاول أن تنفذ إلى رؤيته الخاصة والتأثير فيها، لذلك نجد أن المثقف العماني يعيش في بعض الأحيان ازدواجية الفعل، فما يرغب به يختلف عمّا يقوم بتطبيقه”.

( الحوار منقول من صحيفة العرب)