بلوشستان في عهد دول آل بوسعيد:
في بداية حكم آل بوسعيد واجه السيد أحمد بن سعيد ( 1744 – 1775م ) تمردات داخلية كصراعه مع محمد بن سليمان اليعربي ، فبعث السيد أحمد إلى أمراء بلوشستان والسند ليمدوه ببعض الرجال وبالفعل استعان بهم في انهاء هذه التمردات وضرب حصن نخل وهدم حصن القرطي، ولكن في سيح الطيب انهزم جيش الإمام أمام المتمردين ولم يصمد في الجيش سواء الزدجال والبلوش وآل وهيبة فقتلوا جميعا ومات أكثر القوم عطشا في الطريق مثلما ذكر المؤرخ العماني ابن رزيق.
وفي عام 1783م التقى السيد (سلطان بن أحمد) في بلوشستان مع حاكم البلاد أنذاك (مير نصير خان) الذي أصبح صديث للسلطان ومنحه بعد ذلك منطقة (جوادر) على ساحل مكران عام 1792م ، لصبحت جوادر قطعة من عمان منذ ذلك العام وهو نفس العام الذي تم فيه تعين (سيف بن علي) من قبل السيد سلطان ليحكم جوادر وتشاهبار، ويبني قلعة فيها ويوسع النفوذ العماني في بلوشستان ، لتصبح جوادر في ظل الحكم العماني قوة تنافس مواني مكران الأخرى مثل بسني وجيوني.
وفي عهد السيد (سعيد بن سلطان) كان العمانييون يحكمون جوادر، وتشاهبار، وميناء جاسك بمكران بشكل مباشر، وقد ذكر الضابط البريطاني (جرانت) الذي زارالمنطقة في عام 1809م ” إن التجارة النشطة في تشاهبار كان يتقاسم أرباحها سلطان مسقط مع رؤساء القبائل المحلية ، بالرغم من أن ميناء جاسك كان يحكمه (مير حاجي) إلا أن السلطات كانت تدفع الضرائب لسلطان مسقط.
وطبقا لروايات الرحالة الأوربيين الذين زاروا مسقط في تلك الفترة فقد كانوا يؤكدون أن الوجود العسكري لأهل بلوشستان في عمان كان بارزا أيام السيد سعيد ، فقد وصل عددهم في مسقط لوحدها 2000 شخص ، وكان الحرس السلطاني الخاص في عام 1825م يتألف من 300 جندي من بلوشستان.
فقد اعتمد السيد سعيد بن سلطان على المحاربين من بلوشستان لتثبيت سلطته، والقضاء على بعض التمردات الداخلية التي واجهته ، فعيّن السيد سعيد ( دره بن جمعه البلوشي ) واليا على مسقط، وعيّن (إسماعيل البلوشي) على حصن سمائل.
وبعد وفاة السيد سعيد بن سلطان عام 1858م، وانقسام الإمبراطورية العمانية ، شهدت عمان ثورات وتمردات أثّرت على علاقة عمان، ونفوذها ببلوشستان بشكل خاص وممتلكاتها بساحل مكران بشكل عام.
البداية كانت حينما تولى الإمام عزان بن قيس عمان(1868 – 1871م )، فقد كان واليه في جوادر غير مرغوب به من قبل أهلها ، فذهب معارضه السيد (ناصر بن ثويني البوسعيدي) إلى جوادر وهو من تربطه علاقة جيدة بأهلها لأن والدته من مكران ليستقطبهم ويقودهم في حملة استطاع من خلالها طرد والي الإمام عزان وإعلان نفسه حاكم على جوادر.
وحينما استطاع السيد( تركي بن سعيد) حكم عمان وطرد الإمام عزان بن قيس من مسقط عام 1871م استطاع أن يضم جوادر تحت حكمه المباشر وكان يتولى مسؤولية حفظ الأمن والإستقرار فيها وجمع الأموال وصرفها بالإضافة إلى استعانته بجنود جوادر ومكران بجانب الجنود الذين أتى بهم من نجد والإحساء وحضرموت وافريقيا الشرقية، ومن أهل عمان انفسهم لمساعدته في صدّ الهجمات المتكررة على مسقط من قبل معارضيه عام 1874م و 1877م و 1883م.
وحينما حكم السلطان تيمور بن فيصل عمان ( 1913- 1932م ) انتهج السياسة نفسها لمواجهة التمردات الداخلية التي كانت تعصف بالبلاد ، واستعان بجنود من بلوشستان وشكل أول كتيبة عسكرية مكونة من 300 جندي مكراني سميت بـ(كتيبة مسقط) تم تجهيزها وتدريبها في مكران لحماية مسقط والطرق والكثير من المشاريع القائمة، وكقوة ردع لكل التمردات التي يواجهها السلطان.