لكل نهضة في مسيرة الدول تاريخ يوثق بداية ذلك التقدم نحو مستقبل أفضل لحياة ترقى بالشعوب لتجعل منها شعوبا متحضرة متعلمة متزنة يشار لها بالبيان بين جميع الأمم. وحينما نتحدث عن النهضة المباركة لهذا الوطن فإننا نتحدث بكل فخر اعتزاز عن نقطة تحول بالتاريخ العماني بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم منذ عام 1970م ، ذلك التاريخ الذي يشهد له الجميع بأنه بداية الاستقرار وترسيخ مبدأ التعايش بين جميع أفراد المجتمع بعد صراعات داخلية طويلة لم تؤدِ إلا إلى الشتات والانشغال بتلك الصراعات التي كان ضحيتها الإنسان العماني آنذاك .
ولذا فإن الكثير من خطب صاحب الجلالة قد وثقت خطوة بخطوة تاريخ عمان الحديث الذي بدأ فعليا منذ اليوم الأول الذي استلم فيه جلالته زمام الأمور في البلاد وبنفس العام الذي أطلق فيه جلالته على عمان اسم ( سلطنة عمان ) في خطاب تاريخي لا ينسى وجهه صاحب الجلالة إلى شعبه بتاريخ 9 أغسطس من عام 1970م عبر الإذاعة العمانية الرسمية. وفيما يلي نصه:
شعبي العزيز :
انه لمن دواعي سروري أن أتحدث إليكم هذا المساء، عبر إذاعتنا العمانية، وقصدنا أن نتأكد من أنكم تعرفون عن كثب، خطط الحكومة للمستقبل والخطوات التي تتخذها لتحقيق الاطمئنان والتقدم لشعبنا والازدهار والأمن لبلدنا، وعلى هذا الأساس يمكنكم أن تثقوا بأن حديثنا الليلة يحدد اتجاه المستقبل وستتبعه أحاديث مماثلة إما منا شخصيا أو من أحد المسؤولين الكبار في الحكومة.
فكما سمعتم من الإذاعة، لقد عيَّنا عمنا السيد طارق بن تيمور رئيسا للوزراء، إن سرعته في العودة إلى البلاد نقدرها عظيم التقدير ووجوده بيننا مع أخيه السيد فهر يلقى منا كل الترحيب.. إنهما سيتركاننا لفترة وجيزة لترتيب شؤونهما الخاصة لكننا تأكدنا من حقيقة أساسية وهي أن آراءنا حول مستقبل البلاد متفقة ولقد أمرنا رئيس الوزراء أن يتخذ الخطوات الفورية لتشكيل حكومة على أساس إسناد المناصب للمواطنين اللائقين حيثما وجدوا، في الداخل أو في الخارج، وحيث إن بلادنا قد حرمت لفترة طويلة جدا من التعليم الذي هو أساس الكفاءة الإدارية والفنية يتوجب علينا في المدى القريب الاستمرار في سد النقص في الإدارة بموظفين أجانب، الذين يجب أن تتوفر فيهم الكفاءة والإخلاص، ذلك لتدريب وإعداد شعبنا لمسؤولياته في المستقبل ومن هنا تنشأ الحقيقة بأن تعليم شعبنا وتدريبه يجب أن يكون بأسرع وقت ممكن لكي يصبح في الإمكان في المدى الأبعد، حكم البلاد بالعمانيين للعمانيين.