ولذا فإن فرنسا بعد كلّ هذه الأخبار كانت حريصة كل الحرص على أن ترمي بثقلها الدبلوماسي وعملها التجسسي بجزيرة موهيلي لإسقاط التبعية العربية العمانية عن الجزيرة ومحاربة السيد سعيد بن سلطان الذي تسبب بنشر الإسلام في جزر القمر وأواسط أفريقا وكل البقاع الأفريقية التي وصل له النفوذ العماني انذاك ، وكانت أول خطوات الحكومة الفرنسية لضرب نفوذ السيد سعيد بجزيرة موهيلي أن وضعت بداية من عام 1847م جومبيه فاطمه تحت إشراف مربية فرنسية اسمها مدام درواة كانت تعمل بحملات التبشير لتقوم بدور المخبر والجاسوس الذي يطلع على كل الأمور وتحرّكات السيد من داخل القصر وبنفس الوقت تسيطر على أفكار السلطانة الصغير جومبيه فاطمة وتبعدها عن الفكر الإسلامي العربي.
وقد باشرت مدام درواة عملها بكل مهارة فائقة لدرجة أن السلطانة جومبيه أخذت تتحدث الفرنسية خلال فترة وجيزة ، كما إنها أصبحت تحت سيطرة أوامر مربيتها التي أمرتها بأن ترفض كل هدايا السيد سعيد بن سلطان الذي كان يفكر بالزواج منها لضمان سيطرته على موهيلي، كما إنها عملت جاهدة لإبعاد جومبيه فاطمة عن الإسلام وزرع روح الكراهية ضد الجنس العربي في قلبها وتطبيعها بالعادات الفرنسية التي أثارت غضب وجهاء جزيرة موهيلي بقيادة تسيفاندين الذي بدوره قدم استقالته وهاجر إلى زنجبار بعدما توج الفرنسيين جومبيه فاطمة سلطانة على جزيرة موهيلي القمرية سنة 1849م لضمان تبعيتها لهم وهي بذلك امتلكت أهم خيوط وأوراق المؤامرة للإطاحة بالسيد سعيد.
هنا وفي هذا الوضع تنافست الإمبراطورية العمانية وبريطانيا وفرنسا لكسب قلب وود السلطانة جومبيه فاطمة، وذلك بعرض الزواج منها لأحد الأشخاص المرشحين من قبل الأطراف المتصارعة، حيث كسب ودها السيد سعيد ونجح بتزويجها من مبعوثه إلى الجزيرة في عهد والدها وهو العماني سعيد بن محمد بن ناصر البوسعيدي وخاصة بعدما غادرت المربية الفرنسية قصر السلطانة مجبرة نتيجة الضغوط الشعبية ضدها عام 1852م ، وقد تم فرض عدة شروط على الأمير سعيد بن محمد لكي يتم هذا الزواج ومنها:
ـ إن جومبيه هي الحاكمة الحقيقية للجزيرة.
ـ لا ينخرط أي عربي في العسكرية إلا بموافقة المجلس.
ـ إذا توفيت جومبيه فاطمه فإن أختها سلمى ستخلفها بالحكم.
ـ إن أنجبت ذكرا من زوجها العربي العماني فإنه لا يمكن له أبداً مغادرة الجزيرة.
ـ لن تلبس السلطانة الحجاب أمام شعبها ولن تتوقف عن الظهور العلني.
ورغم كل تلك الشروط فإن زوجها العماني سعيد بن محمد البوسعيدي أخذ يسيّر السياسة الإقتصادية للجزيرة على غرار سياسة السيد سعيد بن سلطان في زنجبار، وطور النشاطات التجارية للجزيرة لدرجة إنها أصبحت تورد منتجاتها ومقومات المعيشة لجزيرة القمر الكبرى، وحينما تنامى نفوذ السيد سعيد بن سلطان على جزيرة موهيلي بشكل اغاض فيها فرنسا وبريطانيا على السواء ، فقد خطط الطرفان مع معارضي السيد سعيد ترحيل زوج السلطانة إلى زنجبار وطرده من الجزيرة رغم أنه أنجب من جومبيه فاطمة ثلاثة أبناء وهم محمد ،وعبدالرحمن، ومحمود الذين حكموا موهيلي تبعاً بعد وفاة والدتهم.
في هذه الأثناء وبعد وفاة السيد سعيد بن سلطان وتقسيم الإمبراطورية العمانية نتيجة صراع الأخوين السيد ماجد والسيد ثويني على الحكم، ساهم الجنود القمريين بقيادة سعيد بن محمد البوسعيدي زوج السلطانة للقتال بصف السيد ماجد بحكم أن موهيلي تتبع سلطة زنجبار ولذلك فقد كانت مشاركته في صف السيد ماجد سبباً رئيسياً في عزله وطرده من موهيلي نهائياً عام 1860م ، واجباره على تطليق جومبيه فاطمه للخلاص نهائياً من الأمير سعيد بن محمد البوسعيدي وبالتالي نفوذ الإمبراطوورية العمانية على السواء، وظل الأمير العماني بعيدا عن زوجته مجبراً حتى وفاته عام 1864م.