صلى الإمام أبو حنيفة رحمه الله صلاة العشاء يومًا خلف مؤذن المسجد .
فقرأ المؤذن سورة الزلزلة فلما قضيت الصلاة وخرج الناس من المسجد ، لم يبق غير الإمام أبي حنيفة والمؤذن .
يقول المؤذن :
فنظرت لأبي حنيفة وهو جالس ، يتفكر ويتنفس .
فقلت (في نفسي) : أقوم ، لا ينشغل قلبه بي ، فخرجت من المسجد ، وتركت القنديل وليس فيه إلا زيت قليل .
ثم جئت وقد طلع الفجر وهو لا يزال في مجلسه يقول :
"يا من يجزي بمثقال ذرة خير خيرا !
ويا من يجزي بمثقال ذرة شر شرا !
أجر النعمان عبدك من النار وأدخله في سعة رحمتك !" .
قال المؤذن : فدخلت فإذا القنديل ما زال يزدهر .
فقال الإمام أبو حنيفة : تريد أن تأخذ القنديل ؟
وهو يظن أنه لا يزال في وقت العشاء .
فقلت : لقد طلع الفجر يا إمام !
فقال أبو حنيفة : اكتم عني ما رأيت .
وركع ركعتين وجلس ليصلي الفجر معنا بوضوء العشاء .
ولم أتحدث بالقصة لأحد حتى مات الإمام .

تاريخ بغداد : (٣٥٥/١٣) .
الوافي بالوفيات : (٩١/٢٧) .